مللت الكتابة عن الاقتصاد لأنها حقيقة أصبحت غير مجدية لكون التدهور الاقتصادي ما زال مستمراً، كما أن الأسعار ما زالت مرتفعة بالرغم من هبوط الدولار لأقل من (32) جنيهاً، وكذلك السعر التأشيري الذي يعلنه بنك السودان.. انخفض السعر التأشيري بسبب هبوط أسعار الدولار.. هبط الدولار والأسعار لم تهبط بعد.. الأمر الذي يؤكد عدم صحة الكذبة التي تقول (سبب ارتفاع الأسعار هو ارتفاع أسعار الدولار والدولار الجمركي).
مما زاد إحباطي أيضاً ارتفاع نسبة التضخم لشهر (يناير) لأكثر من (50%) مقارنة بشهر (ديسمبر) والذي سجل (25.15%).
فمن الطبيعي جداً أن يرتفع التضخم في ظل وتيرة الأسعار المتزايدة.. فارتفاع التضخم يعتبر مؤشراً خطيراً وتحدياً كبيراً لموازنة العام الجاري 2018م.. والتي هدفت الوصول بالتضخم إلى (19.5%).. ولكننا لن نستطيع الوصول بالتضخم إلى هذه النسبة في ظل المعطيات الحالية.. ومما زاد إحباطي أيضاً مشاهدتي لأحد المواطنين وهو يحمل الخبز في (كرتونة) ويمسك الكرتونة بكلتا يديه حتى لا تقع منه ويتشتت الخبز الذي بداخلها.. الكرتونة التي وضع فيها (الخبز) لا أظنها ستكون صحية لأنها عرضة للأوساخ والحشرات والأتربة والغبار.. ولكن المواطن وافق عليها لتكون بديلاً لأكياس البلاستيك.. ولأن صاحب المتجر عندما تشتري منه (رغيف) بـ(10) جنيهات مثلاً.. فبدلاً من أن يعطيك (10) (رغيفات).. يعطيك (8) فقط.. لأن الجنيهين للكيس.. الكيس الذي كان مجاناً قبل صدور قرار إيقاف أكياس البلاستيك وهكذا.. فكل هذه الأشياء يدفع ثمنها المواطن.
فالمبررات غير مقنعة.. حتى وإن كانت مقنعة.. فما هو البديل المطروح لأكياس البلاستيك.. فلو قلنا مثلاً أكياس الورق فإن القيمة ستكون مضاعفة ونحن جميعاً نعلم الارتفاع الكبير في أسعار الورق.
نتمنى أن تتم مراجعة القرار حتى يعود الذين تشردوا من إيقاف مصانع البلاستيك.. حيث أكدت الإحصائيات أن عددهم أكثر من (10) آلاف عامل تشردوا في ظل الظروف الاقتصادية المعروفة للجميع.
المواطن السوداني أصبح مغلوباً على أمره.. كل الإحباطات موجودة أمامه وفي جميع الاتجاهات.. فأين ما حلّ تلاحقه.. وأصبح الهم الكبير هو كيف له أن يوفر العيش الكريم لأسرته الصغيرة والكبيرة ؟؟.. الكل.. بل معظمهم يعولون أسرهم الصغيرة والكبيرة ولسان حالهم يقول كيف لي أن أتنازل من أن أعول أبي وأمي اللذين ربياني صغيراً.. فيبيع ملابسه من أجلهم.. لأنه لا يملك عقاراً أو أي شيء غير ملابسه التي تقيه شر الصيف والشتاء!!
المواطن السوداني أصبح خلال الفترة الماضية.. وفي ظل الظروف الاقتصادية من مؤلفي النكات لكي يروح عن نفسه.. النكات التي تنصب في التدابير المعيشية على شاكلة (أجيب من وين) حتى ولو لم تسأله عن (أديني).
ضحكت من الأعماق لطرفة بمناسبة عيد الحب تقول: “وهى ترتدي فستانها الأحمر تقدم لحاج حمد سائق حافلة الموظفين.. وردة حمراء.. وبابتسامة يملؤها استغراب ودهشة.. حاج حمد يسأل: (دي بمناسبة شنو يا بتي).. ترد بفرحة: (بمناسبة الفلنتاين يا عمو).. وتتسع دائرة الفرحة والدهشة عند حاج “حمد” وهو يسأل: (الأوفر تايم) نزل متين؟؟.. لتختتم الطرفة بـ(شترة الفلنتاين في زمن الفلستاين)”.. فالكل أصبح كحاج “حمد” يفكر في المعيشة الحلال و”الأوفر تايم”.. فالوردة الحمراء غير مجدية يا بتي.
نسأل الله أن ينصلح الحال ويعود اقتصادنا أكثر قوة وحينها سنحتفل بعيد الحب والوردة الحمراء.