شهد المؤتمر الصحفي لوزير المالية الذي عقد بـ(وكالة السودان للأنباء) يوم (الخميس)، فوضى كبيرة أدت إلى مغادرة عدد من الصحفيين، وفقد مقدم المؤتمر الصحفي السيطرة على الوضع، وتدخل المدير العام لوكالة السودان للأنباء لحسم الفوضى، عن طريق تنظيم الفرص، ورغم ذلك استمرت الفوضى، كما لازم المؤتمر تشويه في الصوت للفضائيات التي قامت بالنقل المباشر، واستمر وضع عدم الاستقرار هذا عندما شهد ملاسنات بين مصدري الذهب، واستمرت هذه الملاسنات إلى أن أعلن مقدم المؤتمر الصحفي انتهاء أجل المؤتمر الصحفي، الذي استمر لأكثر من ساعتين،
نعم كان الوضع مؤسفاً جداً للغاية في سابقة لم تشهدها المؤتمرات الصحفية حتى أدت هذه الفوضى إلى عدم الوضوح في التصريحات المقدمة من المنصة والتي تضم قيادات وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي.
وبالرغم من هذه الفوضى والانتقادات الحادة التي وجهت لوزير المالية، إلا أن الوزير كان هادئاً ومتماسكاً وقد أجاب بكل هدوء على كل الأسئلة المقدمة له، وشرح بالتفصيل الملابسات التي أدت إلى دخول شركة (الفاخر) عالم تصدير الذهب.
فالسؤال الذي يفرض نفسه من أين أتى كل هذا الجمع الغفير من الحضور الأمر الذي يحتم ضبط المؤتمرات الصحفية وجعلها قاصرة على الجهات المعنية من الصحفيين سواء اقتصاديين أو سياسيين، كل يأتي حسب تخصصه في المؤتمر الصحفي المعني
أيضاً الملاسنات والعبارات الساخنة بين تجار ومصدري الذهب عكست موقفاً غير إيجابيي، حيث كان من المفترض أن يشرح كل منهم رؤيته التي يراها مناسبة طالما أن الأمر يحتاج إلى الشفافية في التعامل وتبيان الحقائق والطرح المبني على المعلومة المطلوبة حتى يستفيد الجميع بمن فيهم الصحفيين أنفسهم .
وكما هو معروف فإن دخول شركة (الفاخر) عالم تصدير الذهب أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السودانية، خاصة وأن البلاد تعول كثيراً على الذهب للمساهمة في سد فجوة الإيرادات من العُملات المحلية والأجنبية، ومن ثم الاستفادة من عائداته في استيراد السلع الإستراتيجية كـ(القمح والأدوية والمشتقات البترولية)، فمصدرو الذهب مازالوا يؤكدون بأن الباب مفتوح فقط لشركة (الفاخر) دون غيرها من الشركات، وذلك بالرغم من التصريحات التي أكدت أن الباب مفتوح لكل شركات القطاع الخاص للتصدير، فقد أشاروا إلى أن (الفاخر) هي الشركة الوحيدة التي تعمل الآن في مجال صادر الذهب، مما أثار غبنهم،
فلابد من ضرورة تنظيم العمل في سوق الذهب والعمل على تقليل التهريب، فالذهب معظمه يهرب إلى خارج البلاد، خاصة إذا علمنا أن السعر الذي يباع به الذهب يعتبره المنتجون غير مجزٍ ولا يتناسب مع أسعار البورصة العالمية، لذا يلجأون لبيعه خارج الأطر المعروفة للاستفادة من فارق السعر، فالمسألة في تقديري تحتاج إلى الكثير من الضوابط الصارمة للحد من التهريب، وأعلن أسعار تشجيعية تتماشى مع أسعار بورصة دبي، كما نحتاج إلى المزيد من السياسات التي تنظم تجارة الذهب مع خلق جو صحي معافى بين مصدري الذهب دون اللجوء إلى الملاسنات التي نحن في غنى عنها، خاصة وإن البلاد تمر بوضع اقتصادي مأزوم يحتاج إلى وضع حلول جذرية بتعاون وتكامل كل الجهات.. فوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أعلنت أن بابها سيظل مفتوحاً لكل من يريد الاستقصاء فلابد أن نستفيد من هذا الباب لنطرح رؤيتنا ونشارك في وضع القرارات ومن ثم المساهمة في حل الأزمات الحقيقية التي تعاني منها البلاد.. فالآن تعاني البلاد من أزمة حقيقية في المشتقات البترولية تجاوزت الشهر وأزمة في الخبز أدت إلى خلق أشياء دخيلة على المجتمع السوداني، أزمة موروثة.. أزمة أدت إلى اندلاع ثورة ديسمبر.