المؤتمر الوطني يؤكد حرص السودان على جوار آمن مع مصر
في ندوة (مستقبل استقرار السودان السياسي.. التحديات والحلول)
“عبيد الله محمد عبيد الله” يشدد على ضرورة إيقاف الحرب لحلحلة المشاكل الاقتصادية
“تاج الدين نيام” يدعو وزير المالية للاستقالة بعد فشل الميزانية في (10) أيام
في ظل العلاقات المتوترة بين السودان ومصر، التي وصلت مرحلة استدعاء سفير السودان بالقاهرة للتشاور، ووسط توقعات باتخاذ السودان إجراءات دبلوماسية أكثر قوة، حسب السفير بالقاهرة “عبد المحمود عبد الحليم”، فاجأ الأمين السياسي للمؤتمر الوطني دكتور “عبيد الله محمد عبيد الله”، لدى مخاطبته ندوة (مستقبل استقرار السودان السياسي.. التحديات والحلول) التي نظمها مجلس شباب الأحزاب السياسية بمركز الشهيد الزبير بالخرطوم، أمس (السبت)، فاجأ المشاركين فيها برؤية مختلفة، من خلال تأكيده على ضرورة إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار، بما فيها مصر، لأنها تعدّ جارة للسودان- على حد قوله- وعلاقاتهما أزلية، مشيراً إلى وجود أصوات مراكز قوى مصرية تقود حملة شعواء على السودان، لكن هنالك الغالبية العظمى التي وصفها بأنها حريصة على علاقات جوار آمن. فيما وجه الأمين السياسي لحزب التحرير والعدالة “تاج الدين بشير نيام” انتقادات لاذعة إلى المؤتمر الوطني وحمّله مسؤولية الوضع الاقتصادي المتردي، بجانب النخبة السياسية التي تولت حكم البلاد بعد الاستقلال، بالسير على خطى المستعمر وعدم إحداث تغيير، على الرغم من أن البريطانيين تركوا أربعة أشياء تعدّ من أفضل الأنظمة في العالم وهي: الخدمة المدنية والصحة والتعليم والضباط الإداريين، كاشفاً عن فشل القوى السياسية في استيعاب الجيل الجديد.
الخرطوم – وليد النور
قال أمين العلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني دكتور “عبيد الله محمد عبيد الله” إن السودان يجب عليه أن يتمتع بعلاقات جوار آمن وقوية مع كل جيرانه، سواء إريتريا أو مصر. وتابع: (نحن حريصون جداً على جوار آمن مع مصر على الرغم من وجود كثير من المشفقين على توتر العلاقات هذه الأيام، والمصريون أنفسهم حريصون على علاقات طيبة مع السودان). وزاد: (نحن لا ننكر وجود أصوات ومراكز قوى مصرية ونفوس مريضة تمارس شيئاً من الصفاقة من أجل تعكير العلاقات).
ودعا “عبيد الله” إلى ضرورة تحسين الصورة الذهنية للسودان في الخارج، وتابع: (للأسف الصورة القبيحة التي رسمتها المعارضة وصلت مرحلة تأليف قصص وقضايا عن السودان وتمليكها للآخرين، ويجب أن يعمل الجميع على تحسين صورة البلاد في الخارج.
وكان سفير السودان بمصر “عبد المحمود عبد الحليم” قد قال إن الأيام المقبلة ستشهد خطوات دبلوماسية كبيرة من السودان تجاه مصر، بعد استدعائه للتشاور ضمن تدرجات دبلوماسية أخرى، يمكن أن تشمل سحب السفير أو طرد السفير المصري بالخرطوم، أو قطع العلاقات وإعلان الحرب، لكنه أشار إلى أن السودان في أولى خطواته في معركته الدبلوماسية من دون استخدام الخطوات الأخرى، ودعا وزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبو قردة”، إلى توطين علاج السودانيين بالداخل، مشيراً إلى أن ملايين الدولارات تذهب في العلاج إلى مصر، إلى طبيب الأسنان وعلاج اللثة، وأشاد بالإعلام السوداني في الدفاع عن قضايا الوطن الكبرى، وقال: (لأول مرة نجد أن الإعلام خط الدفاع والكتيبة الأولى، وظل يتعامل بمسؤولية مع علاقات السودان الخارجية).
وأقر “عبيد الله” بأن السودان حباه الله بميزة اقتصادية لم تستفد منها الحكومات السابقة وهي جواره لأكثر من ثمانية بلدان، وكان يمكن أن تكون الاستفادة اقتصادية من خلال علاقات اقتصادية وفتح معابر تجارية.
وتطرق الأمين السياسي للمؤتمر الوطني للانتقادات التي وجهت للحزب الحاكم وتحميله مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي الراهن، وقال: (نحن نقر بأننا في المؤتمر الوطني نتحمل جزءاً من المسؤولية، ولن نهرب منها أبداً لكن تحميلنا كل الأخطاء فيه نوع من الإجحاف والظلم. ونسعى للتغيير إلى الأفضل، ولكن يجب أن نترك المماحكة والتشاكس السياسي لأن الدول التي تقدمت عملت وتجردت من الحزبية والقبلية). بيد أنه عاد وقال إن كل الحكومات التي تعاقبت على البلاد تتحمل جزءاً من المسؤولية عن الحالة الاقتصادية اليوم.
وشدد “عبيد الله” على ضرورة إيقاف الحرب لحلحلة مشاكل السودان الاقتصادية عبر كسب أقل الفرص لتحقيق السلام، لأنه أكبر تحدٍ يواجه السودان. وتابع رداً على “تاج الدين نيام”: (ناس المؤتمر الوطني شاطرين وقادرين على تغيير الموازين)، مشيراً إلى أن الحوار الوطني رغم إيجابياته إلا أن له سلبيات متمثلة في ارتفاع أعداد الأحزاب السياسية التي فاقت الـ(100) حزب و(40) حركة مسلحة، ويصعب إرضاؤهم جميعاً.
من جهته، وجه الأمين السياسي لحزب التحرير والعدالة “تاج الدين بشير نيام” الانتباه إلى أن عنوان الندوة يدل على وجود قلق حول المستقبل، محملاً النخب السياسية السودانية المسؤولية، باعتبار أنها ورثت تركة المستعمر ولم تسع لتغييرها، بل أصبحوا هم المستعمرون الوطنيون لأنهم لم يغيروا سلوك المستعمر، ومارسوا المماحكة السياسية، وركزوا السلطة في المركز وعمدوا إلى تهميش الأطراف، الشيء الذي ترتب عليه انفصال دولة الجنوب واشتعال الحرب في ولايات دارفور، والنيل الأزرق. وأضاف “نيام”: (كان يمكن للنخب أن تجنب البلاد الكثير من الأسباب التي أسهمت في تردي الوضع الاقتصادي، مما يساهم في الاستقرار السياسي). واتهم المؤتمر الوطني بتصفية (مشروع الجزيرة) و(سودانير) وخصخصة الكثير من المؤسسات دون خلق بدائل لها، مشدداً على ضرورة محاربة الفساد (المحمي)، وإعادة ترتيب الخدمة المدنية.
ووجه “نيام” انتقادات شديدة إلى وزير المالية وطالبه بتقديم استقالته برفقة وزراء حكومة الوفاق الوطني، لأنهم فشلوا في إدارة ملف الأزمة الاقتصادية، وقال: (لا يوجد وزير مالية يقدم ميزانية تفشل في عشرة أيام)، وتابع: (إن أعضاء البرلمان مرروا الميزانية لأنهم خائفون على وظائفهم)، وحذر من سيناريوهات يمكن أن تحدث انقلاباً سواء عسكري أو من ثورة الجياع، وقال: (كل الانقلابات مرفوضة، ونحن نثمن جهود رئيس الجمهورية الذي كان يقاتل في ثلاثة اتجاهات لإقناع أعضاء حزبه الرافضين للحوار الوطني والقوى السياسية المعارضة والخارج)، بيد أنه عدّ ترك كل الأمور بيد الرئيس والمؤتمر الوطني خطأ كبيراً ارتكبته قوى الحوار الوطني، الذي جعل المؤتمر الوطني يحوز على منصب رئيس الوزراء وولاة الولايات، ويتلكأ في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تتطلب جمعية عمومية تراقب التنفيذ وتجتمع كل ثلاثة أشهر في مكان غير القصر الجمهوري، وإعادة جدولة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وقال “نيام”: (بعد مضي أكثر من عام لم يتم إنشاء أية مفوضية، رغم أن ذلك لا يكلف كثيراً. وهنالك بطء في باب الحريات والدستوريات). وأضاف إن السكوت على الخطأ خطأ، والسكوت على الفساد فساد، ووجه انتقادات عنيفة إلى قانون الصحافة الجديد وقال: (لا يمكن أن يكون هذا قانون الصحافة بعد الحوار الوطني).