ولنا رأي

القرارات الاقتصادية هل توقف تصاعد الدولار؟

 إن القرارات التي أصدرتها الدولة بشأن المضاربين في الدولار وتحديد عقوبات قاسية في مواجهتهم، هل هذه العقوبات ستؤدي إلى استقرار الدولار أو تراجعه؟ بالتأكيد أن تجار السوق الأسود لديهم من الأساليب التي يستطيعون من خلالها إفشال تلك القرارات، لأن القرارات القاسية دائماً نتائجها عكسية فإذا كانت الدولة الآن تريد أن تحافظ على سعر العملة الأجنبية في مواجهة الدولار فإن العقوبات وحدها لا تكفي، خاصة وأن العملة الأجنبية ليست متوفرة بكميات كبيرة الآن حتى بنك السودان ليست له عمله لمواجهة كثير من متطلبات السوق وإذا كانت قرارات الإعدام التي نصت عليها القرارات الصادرة أمس الأول، تجدي لكان القرار الذي صدر في بداية الإنقاذ وتم إعدام بعض المواطنين بسبب الدولار أوقف تصاعده وقتها أن وقف تصاعد سعر الدولار يتم أولاً بوقف العديد من المواد التي يتم استيرادها من الخارج فهناك مواد لسنا في حاجة إليها كما قلنا من قبل، فالسلع الاستفزازية والسيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها ممن يتم استيرادها لسنا في حاجة إليها فهناك عشرات السلع أو مئات منها نحن في هذه الظروف لسنا في حاجة إليها فوقف استيرادها أو دخولها يمكن أن يقلل من تصاعد الدولار، وقد لاحظنا في الفترة السابقة أن الاستقرار الذي شهدته البلاد وشهده الدولار كان بسبب استخراج البترول وفي ذاك الوقت انخفض الدولار حتى أصبح الدولار يساوي جنيهين وتراجع الدولار في مواجهة العملة المحلية، وقد شهدت أحد العاملين في مناطق البترول يرفض أخذ مرتبه بالدولار، فكان يفضِّل أن يعطي بالعملة المحلية إذا القرارات القاسية وحدها لن تساعد في تراجع الدولار والتاجر السوداني لديه من الأساليب التي يمكن من خلالها بيع عملته داخلياً أو خارجياً وحتى القرارات لم توضح كيف تتم معاملة الأشخاص الذين يحملون عملة سواءً أكان للسفر أو العلاج بالخارج، هل ستوقع عليهم عقوبة من أين حصلوا على تلك المبالغ، وما هو المسموح به للشخص إذا كان مغادر البلاد للعلاج أو التعليم أو السياحة أو غيرها؟ وهل سيطالب الشخص الداخل البلاد أن يكتب ما لديه من عمله أجنبية وكم المسموح به لكل مسافر كل ذلك أغفلته القرارات الصادرة أمس الأول، إذاً القرارات ورغم أهمية صدورها في هذا الوقت، ولكن محتاجة إلى تفسير أكثر من قبل وزارة المالية ما هي الممنوعة ضمن تلك القرارات، هل استيراد السيارات بكل موديلاتها الجديدة والقديمة، الأثاث، الخضروات، الفواكه بجميع أنواعها وألعاب الأطفال وكل ما من شأنه أن يضر بالاقتصاد في ظل الظروف التي تمر بها البلاد الآن؟ إن تجار العملة بالداخل لا يشكِّلون خطورة كبيرة، ولكن المشكلة في تجار العملة خارج البلاد في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وكل الدول التي تستفيد من دولارات المغتربين وتقوم بالشراء بأي سعر، فإذا كانت الأسعار ما قبل القرارات متأرجحة بين الصعود والارتفاع، ولكن خوف تجار الداخل ربَما يزيد من صعوبة العملة نظراً لتخوفهم من العقوبات الرادعة التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، ولذلك لا نفرح كثيراً بأن القرارات التي صدرت ستجعلنا نعيش في أمن، فالهر حينما يتم محاصرته في غرفة مغلقة سيحاول أن يهرب بأي طريقة ولو أحدث خطورة على من وضعه في ذلك الموقف، ولذلك على الدولة أن تتجه إلى الإنتاج وأن تمنح المنتجين أوضاعاً أفضل تجعلهم يأمنوا شر عقوبات الدولة، فإذا ما زاد الإنتاج بالتأكيد ستنخفض الأسعار وإذا صدرنا منتجات أفضل ستعود إلينا بعملات حرة أفضل، ولكن الذي حدث ما هو إلا مسكنات أو مهدئات مؤقتة وقد لاحظنا عقب صدور قرار رفع العقوبات فقد انخفض سعر الدولار خوفاً وليس لأن هناك عملة حرة تم تدفقها بكميات كبيرة، ولذلك بعد أن زالت مخاوف التجار عادت الأسعار إلى التصاعد بصورة أكبر عما كانت عليه، إذاً لابد من قرارات غير القرارات التخوُّفية، لأن الخوف إذا زال تأتي الشجاع فلابد من قرارات أخرى تجعل الدولار يتراجع بصورة طبيعية وليس تخويفية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية