حوارات

القطب الاتحادي "تاج السر محمد صالح" لـ (المجهر) "1"

يُعتبر القيادي بالاتحادي الأصل، الأستاذ المحامي “تاج السر محمد صالح”، أبرز من قالوا كلمتهم بوضوح، ووقفوا مع قيادة مولانا “محمد عثمان الميرغني”، وأكدوا أن الطريق لوحدة الاتحاديين يمر برئاسة “مولانا” لجملة عملية الإصلاح المرتقب.. وهو كبير مفاوضي الاتحادي مع الحكومة في مفاوضات القاهرة التي عاد على أساسها “مولانا”، دون أن يرى النور أي من البنود المتبقية..
“تاج السر” لخّص معظم قضايا الاتحاديين بقلب مطمئن ونفس طويل، وخاطب بما يفيد بأنه مقتنع ويزرع لصالح الأجيال القادمة (أنا شخصياً لن يمهلني العمر لأرى نتائج ما نقوم به من مبادرات)..
ومع الرجل اتجهت (المجهر) للأسئلة المباشرة وغير المباشرة، فخرجت بحصيلة وافرة من ضمير “التاج” البعيد، حاكياً عن “الميرغني” كونه أحد رجاله الأوفياء.. وقال (ليه  لا.. إذا عجز أو فشل أو رحل سنفكر في البديل إن كانت هي تلك دواعيه).. فإلى مضابط الحوار:

{ مسيرة طويلة في دهاليز الاتحادي؟
– هو عمر مديد وأنا اتحادي بالوجدان والوراثة.
{ متى دخلت في موضوع الحزب والسياسة؟
– بعد 1964 كنت رئيساً  لرابطة الاتحاديين بمدرسة عطبرة الثانوية.
{ كنت وطني اتحادي؟
– نعم كنت وطني اتحادي وزاملت كثيراً من السياسيين الحاليين مثل “بدرية سليمان”.
{ هذه قيادية في المؤتمر الوطني بحكم موقعها التنفيذي؟
– بدرية اتحادية وما زالت اتحادية وختمية.
{ بمناسبة ختمي واتحادي.. كيف تفصل الخيط بين اعتبارين معنويين؟
– الختمية ليست طائفة بل طريقة صوفية.
{ طريقة صوفية لكنها تقود حزباً سياسياً؟
– التشابك لا يضر فسالك الطريق يتبع لشيخه.
{ مثل السيد علي الميرغني؟
– السيد علي الميرغني طيب الله ثراه كان حادي ركب الاتحاديين بفصائلهم المختلفة.
{ ولكن بعد عام 1953 حدثت الوحدة الاتحادية؟
– بعد توحد كل الفصائل كان من الطبيعي أن يكون سالكو الطريقة هم لحمة الحزب الوطني الاتحادي ومن بعده الاتحادي الديمقراطي وما زال على الدرب يسير.
{ كأنك تريد أن تقول كل ختمي اتحادي، وليس كل اتحادي ختمي (كما عند حزب الأمة)؟
– (دي حقتنا نحنا شالوها ناس حزب الأمة).
{ نلاحظ ثمة تنافس بين جيلين: الخلفاء والشباب الليبراليين في الاتحادي؟
– التنافس منطقي والختمية يقولون إنهم مع شيخهم بالخيارات السياسية المطروحة.
{ ولكن خيارات الحزب السياسي تؤازر الكوادر المتحررة من الطريقة؟
– هذا نتركه للمراقب والمحلل العادل.
{ تبدو مناصراً لنشاط الطريقة داخل الحزب وربما هي التي تقوده؟
– أرجو أن تحترم خيارتي ولا تختبر مرتين.
{ أنت من أنصار ورجال مولانا “الميرغني”؟
– شاهدي على ذلك سؤالك المباشر وأنت تعلم ولذلك جئت إلى هنا.
{ لماذا تترك الإجابة مفتوحة على عدة احتمالات؟
– أترك للقاري بقية الإجابة وهذا مهم ليكمل الأفكار.
{ واضح أنك تميل للتعاون مع حزب المؤتمر الوطني؟
– هذا اجتهاد باكر وصلنا إليه ومعي مجموعة بأن البلد لا تحتمل استقطابا حاداً، ولأننا نمثل الوسط حقيقة نقوم بهذه المهمة.
{ (الدور) من أجل السلطة؟
– أبداً هناك رؤية أبعد، فالتنازع الحالي لا يدفع ثمنه الساسة وإنما المواطن العادي.
{ بوصفك قانونياً، كيف تنظر لدستور الحزب الاتحادي الديمقراطي؟
– أنا من وضع هذا الدستور ومعي آخرون.
{ هل فيه نزعة إسلامية كالنظر للشريعة؟
– هذه ادعاءات فقط، فالدستور – أي دستور – عبارة عن نصوص قانونية  لصياغة أفكار ورؤى وليس هناك إسلامية أو غير إسلامية.
{ معروف جداً ما يُسمى بالدستور الإسلامي؟
– هذه تعميمات لا تخلو من الشطط فالنصوص القانونية منظمة للإجراءات.
{ قوانين الشريعة الإسلامية ملأت الساحة نقاشاً وحواراً؟
– كل القوانين التي مرت على  السودان في مراحله المختلفة لا تجد فيها ما يتعارض مع الشريعة، والسبب أن التنظيم القانوني هو تنزيل لمزاج حياة الناس.
{ هل حزب الاتحادي موافق على دستور إسلامي؟
– مزاج الاتحاديين لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية بل الشريعة من أشواقهم.
{ (معناه ما في مشكلة كبيرة)؟
– (بما لا يتعارض مع الشريعة) أنا افتكر أن هذا التعبير فيه غلط، لأنها مجموعة مبادئ وأحكام يجب اتباعها، وهذا قبول إلهي لا يملك أحد أن يصدر فيه حكماً.
{ وطبعاً عندكم الجمهورية الإسلامية؟
– (أهو) دي أشواق الاتحاديين المقصودة.
{ أصبحتم مقتنعين بالقوانين الإسلامية؟
– ما في حاجة اسمها قانون إسلامي دي مزايدة سياسية فقط.
{ هل كان خوض انتخابات 2010  أكبر الأخطاء في الاتحادي؟
– لا أقول أكبر الأخطاء بل هي مكنتنا أن نقف على حقيقة الأمر، سيما أنها فترة اعتزلنا فيها العمل السياسي المباشر.
{ وخسرتم اللعب كلياً؟
– الانتخابات وجدناها مصممة سلفاً.
{ رغم انفضاض رجال كبار من الاتحادي وانشقاقات كبيرة ما زال الحزب يتنفس على الأقل؟
–  (ولباكر) إن شاء الله ثابتين وهذا ما يدهش.
{ لماذا  فصلتم  قيادات رفيعة المستوى؟
– هذا ممكن لأن كل الطيف السوداني موجود بالحزب، يسار اليمين ويمين اليسار، وما بينهما، مما يجعل الاجتهادات واسعة، والمتفلتون كثر.
{ أقصد أشخاص لهم مستحقات، كـ “الباقر” على سبيل المثال لا الحصر؟
– الباقر لم يذهب بعيداً.. ترك مدرسة ومشى لأخرى والآخرون هم أبناء عمومة.
{ لشباب الحزب رأي واضح في ضرورة التغيير داخل مؤسسات الحزب.. ماذا تقول؟
– دائما ما يُتوقع موقف مثل هذا من الشباب، وهذا جيد لتباين الرؤى والاجتهاد.
{ هل يوجد عندكم  صراع أجيال حاد؟
– الشباب شريحة عمرية تعوزها المعرفة العلمية لطبيعة الحزب، وستجد كل من تظنه أنه يفارق الحزب في سن معينة عاد وانتظم مع منهج الوسطية وقبل بالواقع.
{ لماذا تضيق مواعين التغيير في الحزب؟
–  لأن الاتحادي هو ثقافة ومزاج أهل السودان، والشباب يرفض الواقع لكنه يرضى لاحقاً وينضج وينسجم.
{ هل تقصد أن شباب الاتحادي غير ناضج؟
– (أنا ما بقول كدا) ولكن الإنسان يحتاج للتجربة.
{ ما أفهمه أنه موقف سلبي نحو مزاج الشباب ونظرتهم للتغيير هي السبب؟
– (على كيفك أفهم زي ما تفهم)..
{ موقفك من الشباب واضح (حتى للقارئ)؟
– كلنا نتعلم من الأيام.
{ المشهور عنك أنك بارد لا تتفاعل مع المحتجين معك؟
– أنا صبور، والبرود أطلقه صديقنا “ميرغني بركات” بأن لدي مصنع ثلج، وهذا شرف لا ادعيه وتهمة لا أنكرها.
{ على ماذا أنت صابر.. على الأوضاع داخل الحزب مثلاً؟
– أنا ومعي آخرون نعتقد أن الحزب الاتحادي يحتاج للتطوير، ولكن من خلال الإقناع والاقتناع وليس الانقلاب كما يقول البعض.
{ هل وراء ذلك أي حكمة في الحياة؟
–  نعم مستنطقة من الحالة السودانية (ما طار طائر وارتفع إلا كما طار وقع).
{ ربما وضحت الرؤية بكونك صبور على أوضاع الحزب؟
– هو مزاج الراعي والمزارع.. شيء يتطلب المتابعة لتحصده بعد حين.
{ وأنت من ذلك الجيل.. هل تفهمني؟
– نعم لم يعد في العمر بقية، وما نزرعه سوف يحصده الجيل اللاحق بإذن الله.
{ هل تعرف بعضاً من أسماء شباب الاتحاديين الذين أطلق سراحهم قبيل العيد؟
– (ما بعرف ولا زول)، وما بالضرورة تعرف تفاصيل الناس (دا أدبنا كدا)، ولعلمك أنا لي دور أن يعودوا إلى أهلهم.
{ هل كنت الواسطة واللغة المشتركة بين كل الأطراف؟
– هذا هو المسكوت عنه..
{ أنت من رجال “الميرغني” الأوفياء جداً جداً؟
– وليه  لا؟
{ هل أنتم في الحزب عاجزون عن أن تأتوا بمثله لقيادة الحزب (كما تبدو طبيعة الأمور)؟
– من يقُل هذا فليُسمِّ رجلاً واحداً في القبيلة الاتحادية أعطى كما أعطى الميرغني خلال فترة الخمس عقود الماضية أو رجلاً واحداً له من الشعبية ما يفوق شعبية مولانا “الميرغني”.
{ هل الحزب الاتحادي عاجز عن توفير البديل؟
– عندنا في القانون دا سؤال تجريمي، والتغيير عنده لوازمه.. هل عجز الميرغني عن قيادة الحزب؟ وأقول (ما في بديل للميرغني).
{ هناك رجال بالوزن الثقيل فارقوا قيادة “الميرغني” احتجاجاً على البقاء طويلاً في الرئاسة؟
–  منهم المرحوم “الحاج مضوي” وقال قولته المشهورة: (لو اختلفنا على كل شيء يجب أن لا نختلف على قيادة الميرغني).
{  “سيد أحمد الحسين” رجل مهم واحتجاجه على “الميرغني” مشهور أيضاً؟
–  أنا أحبس  نفسي عن أي تعليق، ربما لأن الرجل في وضع لا يسمح بالرد علي إن قلت وتحدثت.
{ أنت رجل المؤتمر الوطني داخل الحزب الاتحادي.. (إنت سمعت هذا الكلام أكثر من مرة)؟
– صحيح أسمعه بأذني، وهذه واحدة من الممارسات السلبية في السياسة السودانية، ومن يعجزه النقاش بالحقائق يلجأ لتشويه الصورة بخلق الافتراءات.
{ أنت تقول إنك جسر تواصل بين الوطني والاتحادي، ولكنك تلعب أدواراً أكبر و(مزروع ).. هل سمعت هذا الاتهام من قبل؟
– حزب الاتحاديين مفتوح الأبواب، ولو شئتُ الالتحاق بالمؤتمر الوطني لفعلت بالنهار حينما دعاني المرحوم “مجذوب الخليفة”، وبالمعنى دا فالوطني لا يحتاج لي ليزرعني.
{ إذا فرضنا أن الحزب الاتحادي ذاب وفات وانسحب من الحياة السياسية من سيملأ الفراغ؟
– هذا ما نخاف منه ونمنع حصوله ونسعى دائماً أن يحكم السودان  بمزاج وثقافة أهل السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية