ربع مقال
(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)
خالد لقمان
يقول الحق تعالي: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).. (يونس: 26)، وعن صهيب عن النبيِّ “صلى الله عليه وسلم” قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيِّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجِّنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزَّ وجلَّ) ثم قرأ النبي “صلى الله عليه وسلم” هذه الآية: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).
وبيّن الرسول “صلى الله عليه وسلم” في الحديث الشريف أنّ للإحسان درجتين؛ فالأولى هي عبادة الإنسان لله تعالى كأنّه يراه وهي المرتبة الأعلى، وتتضمن استحضار قرب الله تعالى من العبد في جميع أقواله وأفعاله، فالإنسان لا يفعل المعاصي عندما يرى الناس أمامه، بل يفعلها بالخفية دوماً، فإن وصل في درجة الإحسان إلى أن يستحضر قرب الله تعالى منه على الدوام، ومعرفته بكلّ أفعاله وحركاته وأفكاره فإنّه سيرغب بفعل كلّ ما يرضي الله تعالى، ويبتعد عن كلّ ما يمكن أن يغضبه تعالى.
أمّا المرتبة الثانية من مراتب الإحسان هي عبادة الله تعالى لأنّه يرى عبده على الدوام، وفي هذه المرتبة يخشى الإنسان من الله تعالى، ومن عقابه وغضبه، ففي الأولى يرغب العبد برضا الله تعالى ويطمع في رضاه، وأمّا في الثانية فإنّه يعبده ويحسن في عبادته خوفاً ورهبةً منه تعالى، والمرتبتان هما مرتبتان عظيمتان، وفيهما من الأجر العظيم الكثير، إلا أنّ الأولى أعظم وأكمل؛ فالإحسان في العبادة رغبة وطمعاً في رضا الله تعالى والفوز في محبته أعظم من الإحسان خوفاً من عقابه تعالى.