بعد ومسافة
سهرة سودانية مصرية في (الرياض)
مصطفى أبو العزائم
(الرياض) المعنية هنا، ليست رياض أشقائنا في المملكة العربية السعودية، بل هي (رياضنا) جنوب شرق الخرطوم، وتحديداً داخل منزل صديقنا العزيز سعادة السيد السفير الدكتور “علي يوسف” الذي نعده أحد ركائز الدبلوماسية المنتجة في بلادنا، وقد شهد تلك السهرة الدبلوماسية السودانية المصرية مجموعة من أهل الصحافة والإعلام من بينهم الأساتذة “عبد الملك النعيم” و”الهندي عز الدين” و”حسن فضل المولى” وكاتب هذا المقال، مع عدد من الدبلوماسيين من قادة المجلس السوداني للعلاقات الخارجية، الذي استضاف عدداً من كبار قادة العمل الدبلوماسي في الشقيقة مصر.. وهم يمثلون المجلس المصري للشؤون الخارجية، وفي مقدمتهم السفير الدكتور “عزت سعد” المدير التنفيذي للمجلس وعدد من قيادات المجلس المصري، والذين كانوا قد أجروا أكثر من جلسة مباحثات مشتركة مع المجلس السوداني النظير والذي تشرفت بعضويته قبل أشهر قليلة.
زيارة الوفد المصري تضمنت لقاءات مع السيد البروفيسور “إبراهيم غندور” وزير الخارجية، ومع السيد السفير “عبد الغني النعيم” وكيل وزارة الخارجية، ومع أمين عام مجلس الصداقة الشعبية السيد “عبد المنعم السني”، وقيادات أخرى.
لقاء (الأربعاء)، الذي تم داخل منزل السفير الدكتور “علي يوسف” كان مع عدد من قيادات العمل الصحفي والإعلامي والدبلوماسي، مضافاً إليهم السيد “السماني الوسيلة السماني” القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي والوزير السابق والبرلماني المعروف، إلى جانب الشيخ الأستاذ “أحمد عبد الرحمن محمد” والدبلوماسي المصري السيد “كريم مختار” في سفارة مصر العربية بالخرطوم، والسفير “صلاح حليمة” الممثل السابق للجامعة العربية بالسودان.
السهرة كانت سياسية بحق وإن تخللتها فقرة غنائية قصيرة غنى فيها المطرب المبدع “أيمن الجابري”، لكن الغلبة كانت للعلاقات المشتركة التي تحدثنا حولها بكل شفافية وصدق، وأذكر أن تحدث الأستاذ “الهندي عز الدين” عن أن أسباب الأزمة تتمثل في قضية حلايب، وقضية سد النهضة وإرجاع وإعادة الصحفيين السودانيين من مطار القاهرة حتى بعد منحهم تأشيرات الدخول من القنصلية العامة لسفارة مصر بالخرطوم، وكنت قد سبقته بالحديث مشيراً إلى أن أسباب الأزمة هي انعدام الثقة بين نظامي الحكم في كل من القاهرة والخرطوم، مع استعراض لتاريخ العلاقة بين الشعبين الشقيقين، وانفتحت الأبواب ليدلي كل بدلوه حول الموضوع، وبعد النقاش الحر المستفيض الجريء والصريح، وقبل أن نغادر مع منتصف الليل، قال لي صديقي سعادة السفير “صلاح حليمة” إن ندوة أقيمت بالقاهرة في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية خرجت بتوصيات مهمة حول العلاقة بين السودان ومصر، أشار إلى بعضها فطلبت أن يبعث بها إليّ عن طريق الوسائط الإلكترونية، فوعدني خيراً بعد طباعتها لأن التوصيات لم تطبع بعد، إذ أن الندوة انتهت قبل أيام قليلة.
مثل هذه اللقاءات الصريحة والشفافة والشجاعة هي التي ستحدد لنا معالم الطريق المؤدي إلى تبادل المنافع الحقيقي بين بلدينا الشقيقين.. ونحن نرى أن الوحدة بين الشعوب الإسلامية تكاد تكون فريضة شرعية رسّخ الإسلام دعائمها لضمان استقرار المجتمع واستمرار الحياة، وقد قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات (13).
وقال في سورة (المؤمنون): (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، وقال في سورة المائدة (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). ونسأل الله أن يقرب ما بين القلوب والشعوب بعيداً عن أطماع النفس البشرية في فرض السياسات على الغير، ونسأله أن نعمل جميعاً من أجل شعبي وادي النيل وكل شعوب العالم العربي بعيداً عن التشرذم والفرقة والشتات.. آمين.
.. و.. جمعة مباركة.