ولنا رأي

الحج السياحي!!

اختفت كثير من الظواهر التي كانت تصاحب عمليات الحج والعمرة فعندما يعلن في الحي أو في القرية أو في المدينة أن فلانة ناداها المنادي هذا العام لأداء فريضة الحج تجد معظم سكان الحي في زيارة مستمرة لمنزل هذه الحاجة وتبدأ مراسيم الحج من منزلها ومن ثم عندما ما يحين وقت ذهابها إلى المطار ومن ثم إلى المملكة العربية السعودية تجد عدداً من العربات سارت معها لوداعها وهناك دلاليك وزغاريد تصاحب هذه الحاجة إلى المطار، أما الرجال فتجد المادحين بطاراتهم فتشم عبق ورحيق الحجاج، وقبل العودة يبدأ النفير داخل البيت بتجنيد المراتب والعناقريب وطلاء المنزل بالجير الأبيض والكتابة على مدخل البيت باللون الأزرق (ظهره) يا داخل هذا الدار صلى على النبي المختار.. حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً .
تلك أيام خلت، فالآن يذهب الحاج والحجة ويعودون وكأن شيئاً لم يحدث، وأحياناً لا تحدث بالعظمة التي كانت لدى حجاج الماضي.
واليوم أصبح الحج درجات ولم نسمع بها إلا في هذا الزمان تعلن الوكالات عن السفر السياحي ولا نعرف معنى لهذا الحج، ففي الماضي الحج هو الحج وعندما يصل الحاج إلى أرض الحجاز أو مكة يصر الحاج أن يؤدي كل مناسكه بنفسه حتى يتذوق حلاوة الحج المصحوبة بالمعاناة والمشقة، وفي كثير من الدول المجاورة تجد أن الذين ينوون أداء الحج يمشون ما يقارب العام والبعض منهم يأتي إلى السودان حتى يتمكن من الوصول إلى مكة لأداء فريضة الحج من السودان، الآن ظهرت بدع جديدة للحج والحج السياحي وأسعار خرافية لمثل هذا الحج ربما تصل إلى ثلاثين ألف جنيه وهذا مبلغ لا يمكن أن يكفي لحج عشرة أو أكثر من ذلك لاحظت في العام 1991م عندما ذهبت لأداء فريضة الحج وأنا مقيم غير شرعي بالمملكة العربية السعودية ووقتها المقيمون غير الشرعيين أمثالنا كانوا يذهبوا إلى مكة في آخر يوم ومساء حتى لا تعترضهم الأجهزة الأمنية التي تعيد كل حاج لم يكن مقيماً بالمملكة إقامة قانونية. أدينا فريضة الحج بمبلغ لم يتجاوز المائة ريال سعودي، عشرة ريال من جدة إلى مكة، وأكل خلال يومين أو ثلاثة بمبلغ لم يتجاوز الخمسين ريال، والعودة بعشرة ريالات، شاهدت خلال الحج عجائز من اندونيسيا وفروا المال منذ عشرات السنين لأداء هذه الفريضة ورغم كبر سنهم كانوا يسيرون مشياً على الأقدام لا سيارات ولا غيرها، وكذلك بعض الحجاج من دولة نيجيريا والنيجر وغيرها من البلدان الإفريقية التي جاء أهلها صادقين لأداء فريضة الحج، وكذلك الإخوة من دولة مصر الشقيقة.. نحن في السودان وبعد الإجراءات الأخيرة أصبح هناك أنواع من الحج ابتدعها أصحاب وكالات السفر وهي بدعة يجب على كل من أراد أن ينوي أداء الفريضة وهو صادق ألا يذهب مع أصحاب البدع ليضمن أن حجه لله تعالى وهي فريضة فرضها الله وينبغي أن تُؤدَّى بالصورة التي ترضي الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية