ولنا رأي

الدولار في الإنعاش أم سكرات الموت؟

تهاوى سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني قبل رفع الحصار الاقتصادي النهائي عن البلاد  في الثاني عشر من أكتوبر القادم، وما أن سمع تجار العملة أن الولايات المتحدة الأمريكية سترفع عننا الحصار بدأ البعض الاحتفاظ بالدولار لا بيع ولا شراء، وهذا يجعل الدولار إما في غرفة الإنعاش وإما في سكرات الموت، وفي حال الرفع النهائي لن نقول الدولار سيساوي الجنيه السوداني أو سينخفض بين يوم وليلة، ولكن نفسياً المواطن سيعيش حالة من الاطمئنان والسوق كذلك، وحتى المغتربين ربما يحاولون تحويل أموالهم خوفاً من الانخفاض المستمر للدولار، السودان هو الدولة الوحيدة التي يتصاعد فيها الدولار والسبب أن تجار العملة الذين ذاقوا حلاوة الربح السهل أو استسهلوا الغنى السهل هم الذين يجعلوا الدولار في حالة تصاعد مستمر، إضافة إلى عدم تفعيل القوانين تجاههم، فالمتاجرة في الدولار سبب أساسي في تدمير الاقتصاد، فالسودانيون في الخارج فتحوا صرافات لشراء الدولار من المغتربين بأي سعر ما قلل من تحويلاتهم إلى الداخل، وبالتالي زاد من سعره بالداخل والخارج، فالدولار كل يوم له سعر في ظل عدم المحاسبة فلو الحكومة اتخذت قرارات صارمة تجاه المضاربين بالدولار في برج البركة أو الشارع العام لما تجرأ أحدهم بشراء أو بيع دولار واحد، ولكن في ظل هذا الغياب أصبح تجار العملة أكثر من العملة نفسها، فرفع الحصار أصبح قاب قوسين أو أدنى..ولكن إذا لم تُفعِّل الدولة القانون فلن نضمن أن يتراجع السعر بالصورة المرسومة له، فالمضاربون لهم أدواتهم التي يستطيعون من خلالها زيادة السعر، فهناك مكاتب بالدول العربية خاصة التي بها كثافة كبيرة للمغتربين مثل: السعودية والإمارات وقطر، فهذه هي الدول التي عمل فيها تجار العملة مكاتبهم، فالمغترب ما عليه إلا أن يعطي هذا التاجر المبلغ في الدولة الموجود فيها ويتصل بالأشخاص الذين يريد المغترب أن يمنحوا المبلغ بالداخل، ولا أظن أن الدولة غافلة عن ذلك، فهناك صرافات مصدَّق بها بالداخل علناً وما على الشخص الذي حوِّلت له المبالغ المالية إلا أن يذهب بنفسه بعد تقديم المستند فيمنح فوراً وبدون تردُّد. ولكن في ظل هذا الوجود المقنن، هل يتراجع السعر وهل بإمكان بنك السودان أو البنوك الأخرى استقطاب العملات الأجنبية من الخارج؟ في الماضي ظل الدولار مستقراً رغم أن صادرات السودان لم تتعد القطن والسمسم والصمغ العربي واللحوم، ولكن الآن ربما الصادرات أكثر إذا قارناها بالماضي. فالذهب الآن دخل بديلاً لبعض الصادرات واللحوم ارتفعت كمياتها للدول العربية، بل اللحوم تشكَّلت أنواعها ما ضاعف من إدخال العملات الأجنبية، ولكن المشكلة الآن هل كل قيمة صادراتنا تدخل كعملة صعبة، أم أن المنتجات التي تُصدَّر لا تعود قيمتها؟ وهذه تعد واحدة من المشكلات إذا لم تعد قيمة الصادرات كقيمة نقدية أو عملة حرة، حتى الآن يمكن أن نقول بأن الدولار في غرفة الإنعاش إذا رفع الحظر نهائياً وتصافى الإخوة الجنوبيين وعادت المياه إلى مجاريها ليس كوحدة من جديدة، ولكن أن يستأنف تصدير البترول عبر الأراضي السودانية.. فهذا سيضاعف من العملة الأجنبية وسيعمل على تراجع سعر الدولار مع الاستمرار في كشوفات البترول بالمناطق التي يوجد فيها بالبحر الأحمر وولاية الجزيرة، إضافة إلى المناطق التي أصلاً متوفر فيها..وهذا بالتأكيد سينعش الاقتصاد السوداني من جديد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية