رأي

مسألة مستعجلة

عندما يُهدر الحق بالقانون !!
نجل الدين ادم
استوقفني التحقيق المثير الذي نشر في صحيفة (المجهر) أول أمس عن إهدار الحق بأمر القانون، قد يستفسر أحد عن كيف يكون القانون سبيلاً لضياع الحق وهو المعني باستردادها، هذا ما جسده التحقيق الذي أورده المحرر النشط “محمد أزهري”، وتدور فحوى القضية أن مواطناً يمتلك (50) فداناً زراعية بمنطقة المرخيات، وبأوراق سليمة، ولكن بين عشية وضحاها وجد نفسه في مهب الريح بأمر مادة التقادم التي ذكرتني بمادة التحلل التي تجوز لك التصرف في مبالغ مالية وعند الكشف تقوم بالتحلل من الجريمة ورد المال والسلام! وحسب الرواية فقد قام شخص آخر بتزوير ذات الأوراق بحسب زعم الشاكي وساعدته فترة التقادم في تثبيت الحق وضياع حق صاحب الأرض الأصيل، وذلك عندما لجأ إلى المحكمة الجنائية، فكانت الفتوى القانونية أن صاحب الأرض الأول لم يعد مالكاً، وقد تجاوزت المحكمة مسألة التزوير محل النزاع، فلم يعد للشاكي من سبيل إلا المواصلة في طرق أروقة المحاكم الأخرى  .
فرغم أن القضية التي أثارها المحرر “محمد” هي لشخص واحد، ولكنها تمثل قضية رأي عام لما حوته من تقاطعات قانونية تجعل صاحب الحق يلعن القانون، وبهذه الرواية فقد دار في ذهني أن أي شخص منا يمكن أن يفقد مسكنه في غفلة من الزمن واقصد التقادم، خصوصا إذا كان منزلك بأوراقه وتبقى لك شهادة البحث، لكن قام شخص آخر بالتزوير والزيادة على ذلك باستخراج شهادة البحث والتي بدورها جعلت المزور هو صاحب الحق الأقوى سيما وأن أكثر من خمس سنوات قد مرت على القضية.
أحد المحامين أشار في التحقيق إلى أن المحاكم المدنية هي المعنية حقا باسترداد الحقوق لأنها تتعلق بالمعاملات، ولكننا عندما نسمع بجملة على أن يسترد الشاكي حقه عن الطريق المدني فإن ذلك يخال لنا بأنه من رابع المستحيلات باختصار فإن المحاكم المدنية، تفقد ثقتها لدى المواطن من واقع تطاول فترات الحكم، لذلك أجد أن هناك تقاطعا قانونيا يتطلب من فقهاء القانون أن يفتون في هذه المادة التي تنزع الحقوق الأصلية، وتمنح أشخاصاً آخرين نجحوا في إحكام التزوير (التقادم).
نموذج قضية هذا المواطن هي واحد من آلاف مؤلفة يفقدون من أصحاب الحق يفقدون حقهم في المحاكم الجنائية وينتظرون لسنوات صفوف المحاكم المدنية وقد يلقى الشاكي ربه.
هذه القضية تحتاج من النائب العام وهو الحارس للحقوق أن يضعها في ميزان التشريح العميق ويجد لها من المعالجات ما يضمن عدم إهدار الحقوق بأمر، وتحتاج من رئيس القضاء أن ينظر في إعادة ثقة المواطن في المحاكم المدنية وأن يعزز من مقدراتها حتى يجد كل صاحب حق حقه..
 والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية