تقارير

هل يستطيع المؤتمر الشعبي الخروج من النفق؟

ما بين عشاء “علي الحاج” وهجوم “كمال عمر”
الخرطوم – وليد النور
في خطوة غير متوقعة بعد انتخابه أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي، دعا دكتور”علي الحاج محمد” الإسلاميين بمختلف مسمياتهم واختلافاتهم وأحزابهم السياسية إلى مأدبة عشاء بمنزله الأسبوع المنصرم، تحدَّث فيه عن أشواق الأمس، والإخاء الصادق الذي جمع أخوان الأمس، والمؤتمر الشعبي الذي يلعب دوراً مزدوجاً ناشطاً في المعارضة وفاعلاً في الحكومة، فضلاً عن التباين الواضح في مواقفه من القضايا السياسية التي تدور في الساحة السياسية، ويصف مراقبون الأوضاع داخل الشعبي بعد وفاة عرَّابه بأنه أصبح يتيماً، وآخرون بفقدان البوصلة السياسية، ففي الوقت الذي يشارك الشعبي في الحكومة بمساعد رئيس الجمهورية ووزيرين اتحاديين ووزير دولة  ورئيس لجنة برلمانية ونواب في الهيئة التشريعية القومية ينشط الأمين العام للمؤتمر الشعبي في طرح المبادرات وعقد اللقاءات مع المعارضة ورئيس الجمهورية، ويرى خبراء أن الدور الذي يلعبه الشعبي مختل ولا يمكن أن يستقيم في الدول الديمقراطية التي تحتم على الشعبي الالتزام بما تقره الحكومة، بل الدفاع عن وجهة نظرها لأنه شريك أصيل فيها ويتحمَّل وزرها.
وسرد الأمين العام للمؤتمر الشعبي في لقاء الإسلاميين بمنزله علاقته الشخصية بالبروفيسور “ميرغني علي محمد أحمد” وشقيقه المهندس “كمال علي محمد أحمد” وقال: تعرَّفت على “ميرغني” في حلقة “أخوكم في الله” بمدرسة خور طقت الثانوية التي فصلت منها لأسباب سياسية وبعد وصولنا للخرطوم نظَّمنا مظاهرة في العام 1964م، استضافوني في منزلهم بحي المسالمة بأم درمان ولم تجمعني بهم سوى كلمة “أخوكم في الله”، وأضاف: شاركت في الحركة الإسلامية التي تبدَّلت أسمائها من الإخوان إلى جبهة الميثاق والجبهة القومية الإسلامية والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، هذه الأسماء سميناها نحن كإخوان مسلمين، ولكنكم الآن كبرتم، ولذلك لا تمثلون الحركة الإسلامية، لأن فيكم رئيس ووزير وسفير، وتساءل هل نحن إخوان مسلمون؟ أعلم إذا قلنا إخوان مسلمون لا ندري، وأقول يجب أن نتحدَّث عن حركة الإخوان لأن الآفاق توسَّعت ويجب أن لا نحصر أنفسنا ونحن مهددون والأعداء يتربصون بنا وهي شيمة الأعداء، ولكن علينا أن نفتح على الآخرين ونعترف بالأخطاء والدخول في الحوار الوطني.
ويقول البروفيسور “الطيب زين العابدين” في حديثه لـ (المجهر)، إن المؤتمر الشعبي لا يمكنه أن يلعب دور الحركة الشعبية بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام في العام 2005م، في شراكتها مع المؤتمر الوطني، لأن الحركة تمتلك جيشاً قوياً، بيد أن الشعبي الآن يشارك في الحكومة ثم يريد أن يمثل دور المعارضة، فهذه المعادلة مختلة ولا يمكنه تحقيقها. ويشير البروفيسور إلى أن أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي التي شاركت في الحكومة بعد اتفاقية نيفاشا مع المؤتمر الوطني رفضت الشراكة في الجهاز التنفيذي واكتفيت بالتمثيل في البرلمان، لأنه جهاز رقابي على الجهاز التنفيذي، وهذا الدور نفذته بعد الحوار الوطني  حزب “حركة الإصلاح” الآن التي شاركت في البرلمان فقط، ولكن المؤتمر الشعبي شارك في الجهازين التنفيذي والتشريعي، وبالتالي عليه الدفاع عن قرارات مجلس الوزراء والحكومة، وأن لم يكن مؤيداً لها التزاماً بالديمقراطية، وأضاف “زين العابدين”: إن في فترة الديمقراطية الثانية كانت العلاقة بين الإخوان ورئيس الوزراء “الصادق المهدي” ممتازة فاقترح زعيم المؤتمر الشعبي   الراحل “حسن الترابي” أن يكون دور الجبهة الإسلامية مناصحة الحكومة وليس معارضتها عكس مشاركة الجبهة الإسلامية في الديمقراطية الثالثة كانت معارضتها شرسة جداً، وفي رده على الهجوم الذي يشنه “كمال عمر” على الدكتور “علي الحاج” قال في إجابة مقتضبة: إن “كمال عمر” عنده حب الظهور الإعلامي ودائماً يريد جذب الانتباه إليه فقط، مشيراً إلى أن الدعوة التي قدَّمها الدكتور “علي الحاج” لقيادة الإسلاميين لم يكن فيها شيء غير الاجتماعيات والذكريات.
وكان  الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، “علي الحاج” عقد لقاءً تفاكرياً بقاعة جامعة سنار، بمشاركة عدد من الأحزاب السياسية، جدَّد من خلاله دعوة الشعبي لإيقاف الحرب في السودان عبر مبادرته للسلام، وقال “علي الحاج”، إن المعسكرات هي إحدى إفرازات الحرب الدائرة والتي تعد من أصعب المشاكل التي يجب معالجتها بعد إيقاف الحرب التي نعتبرها القضية الأساسية، ومن ثم الدخول في إطار الحلول المناسبة. وأضاف: ” لا نريد أن نتكلَّم عن أحداث معسكر (كلمة) الأخير، فقد أردنا أن نعالج القضية، ولكن حدث ما حدث، المشكلة لا تحل بالساهل ولا نريد أن نتدخل فيها الآن، لأن القرار بيد الحكومة، ونحن لا قرار لنا الآن إلا بعد وقف إطلاق النار وإحلال السلام .
وطالب “علي الحاج” في ندوة بود مدني قبل مغادرته، أن موضوع الحريات يتطلَّب ترفيع القوانين وإدراجها في الدستور حتى تتنزَّل على أرض الواقع .
وطالب مجدداً بسلام ووقف للحرب وإتاحة الحريات، الأمر الذي يمكن أن يتيح فرصة لتوحد الإسلاميين، وزاد: (الفرصة مواتية للوحدة شريطة تمكين الحريات)، في وقت لوَّح فيه “الحاج” للاقتراب من إقناع (70)% من الممانعين للدخول في مظلة الحوار الوطني. إلى ذلك انتقد  الأمين السياسي السابق للمؤتمر الشعبي “كمال عمر” موقف حزبه من الأحداث في معسكر (كلمة) التي أدت إلى مقتل اثنين من النازحين، في الوقت الذي أشار فيه الأمين العام للمؤتمر الشعبي “علي الحاج” إلى أن القرار بيد الحكومة لإحلال السلام في دارفور. وقال “كمال عمر” في بيان ممهور باسمه تلقت (المجهر) نسخة منه: “بوصفي من المدافعين عن الحقوق والحريات أدين القتل الذي تم لشعبنا الأعزل في (كلمة)، حيث السكوت يعني التواطؤ والمساهمة الجنائية، لقد ظللت مدافعاً عن الحقوق في كل القضايا، إلا أن المشاركة في الحوار قد حالت دون مساهمتي في قضايا الحريات والحقوق الدستورية، ولذلك أعلن استعدادي التام في الانضمام لكل قضايا حماية الحقوق الدستورية، وأعلن أن موقف قيادة المؤتمر الشعبي، وصمتها لا يتسق مع الموقف الأصيل الذي فاصل فيه الشعبي، الذي ظل ينطق بالحق ويُسمي الأشياء بمُسمياتها، حين أعلن الإمام المجدِّد “الترابي” موقفه حيال الظلم في دارفور والجنوب.”
وفي سياق ذي صلة قال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي دكتور “الأمين عبد الرازق” في اللقاء التفاكري لحزبه (السبت)، إن قبول المؤتمر الشعبي بعد المفاصلة الشهيرة في تحالف المعارضة تم بمعادلة سياسية فرضتها ظروف محددة ولا يمكن تجاوزها في حينها، وأوضح أن نية التحالف مبيَّتة للتخلص من المؤتمر الشعبي بعد القضاء على النظام، وقال: إن (75%) من مخرجات الحوار الوطني مأخوذة من برنامج البديل الديمقراطي.
فهل يستطيع المؤتمر الشعبي الاستمرار في اللعب على المشاركة في الحكومة وتمثيل دور المعارضة، أم يندمج في الحكومة ويخوض انتخابات 2020م، بالشراكة مع المؤتمر الوطني؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية