حوارات

دكتور " الصادق الهادي المهدي" في حوار الخاص والعام مع (المجهر) 1ـ 2

·    عدم وضوح الرؤية السياسية لحزب الأمة القومي، وتذبذب المواقف أضعف العمل السياسي للحزب
·     الذين يعتقدون أن تحسين العلاقات مع إسرائيل سيكون جسراً لتحسين العلاقات مع الغرب وأمريكا غير واعين للدرس
·    مقدمة الحوار:
منذ الانشقاقات التي شهدها حزب الأمة القومي، والذي أدى بدوره إلى وجود عدد من الأحزاب التي أصبحت تحمل لافتة حزب الأمة كتعبير عن تمسكها بالحزب الأم بيد أنها تبدي عدداً من التحفظات حول قيادة الحزب من جهة والقادة متزعمي الأحزاب المنشقة من جهة أخرى، مما قاد إلى صراعات بين أبناء الأسرة الواحدة.
د. “الصادق الهادي” يعتبر أحد قيادات أسرة “المهدي”  الناشطة أصبح خلال الفترة الأخيرة يُبدي كثيراً من الآراء التي تتقاطع مع آراء السيد “الصادق” و”مبارك الفاضل” حاملاً مبضعه لتشريح الأوضاع داخل حزب الأمة.
ويبدو أن “الهادي” غير راض عن دعوة “مبارك الفاضل” حول التطبيع مع إسرائيل، وقبل ذلك دخل معه في صراع حول اسم الحزب قادهما لإجراءات قانونية. (المجهر) أجرت حواراً مع دكتور “الصادق الهادي”  رئيس حزب الأمة، وزير تنمية الموارد البشرية، تناول موضوع الانشقاقات داخل حزب الأمة القومي، وقضية التوريث والإمامة في أسرة المهدي والتطبيع مع إسرائيل. فماذا قال..
حوار/ مهند بكري
{ بدءاً حدثنا عن الخلافات داخل حزب الأمة، في اعتقادك ماهي الأسباب، والدوافع، التي قادت للشقاق داخل بيت المهدي؟
الخلافات داخل حزب الأمة ليست وليدة اليوم، ولها أبعاد تاريخية باعتبار أول خلاف حدث في الحزب كان في أوائل الخمسينيات في فترة الإمام “عبد الرحمن المهدي” وفي تلك الحقبة أراد المستعمر (البريطاني) إضعاف الحزب بسحب زعامات القبائل والنظار منه، ولم يقف على ذلك الحد بل دعاهم لتكوين حزب باسم الحزب الجمهوري الاشتراكي، فجاء هؤلاء الزعماء للإمام “عبد الرحمن” يستفسرونه عن محاولات وضغوط المستعمر عليهم لتكوين حزب سياسي بعيداً عن حزب الأمة الذي كان ينادي بالسودان للسودانيين، وكان رد الإمام “عبد الرحمن” لهم وقتها (انتو سايروا الجماعة ديل.. وامشوا في الخط بتاعكم، وفي النهاية أنتم تعرفون بترجعوا متين)، وكان هذا أول خلاف في حزب الأمة وكان سببه المستعمر البريطاني.
{متى كان الخلاف الثاني ؟
الخلاف الثاني كان في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، كان أيضاً بتدخل أجنبي حيث حاولت الحكومة المصرية إضعاف حزب الأمة بتشكيل حزب لأولاد الخليفة “عبد الله” خليفة “المهدي” وسُمي بحزب (التحرر الوطني) وأيضاً كان هذا الخلاف أيضاً بأيادٍ خارجية، أما الخلاف الثالث كان لأول مرة يكون داخلي باعتبار ليس هنالك أطراف خارجية، والذي قاده السيد “الصادق الصديق المهدي” على الإمام “الهادي”، وكان سبباً مباشراً في ضعف الديمقراطية الثانية، وذهابها للعسكر في مايو 69، أما عن الخلافات الحالية فهي خلافات ناتجة لأسباب معروفة، عدم وضوح الرؤية السياسية لحزب الأمة القومي واضطراب رؤاه بطريقة واضحة، وهذا معروف لكل المتابعين في الساحة السياسية، تارة يفاوض وتارة يعارض وتارة بالسلاح ومرة بالجهاد المدني داخل وخارج السودان تذبذب واضطراب واضح في المواقف، وهذا مما أضعف العمل السياسي في داخل هذا الحزب التاريخي المعروف، والسبب الثاني عدم ممارسة الشورى والديمقراطية مما أدى لبروز تيارات وأحزاب وانشقاقات وبعض الناس آثروا الجلوس في منازلهم وابتعدوا عن الحزب، وكل هذه أسباب عدم وضوح الرؤية السياسية.
{لم ترد على الأسباب والدوافع التي قادت لانشقاق داخل بيت المهدي؟
 بالنسبة للشق الآخر من سؤالك، أنا أؤكد لك على أنه لا توجد أي خلافات داخل أسرة “المهدي” على المستوى الاجتماعي، والخلافات الموجودة الآن سياسية في المقام الأول وليست خلافات اجتماعية أو في (ورثة) أو غيرها، بل هو خلاف سياسي أدى لتباين الرؤية وهذا أمر عادي وطبيعي.
 { هل حديثك، يعني أن آل “المهدي” يجتمعون على المستوى الاجتماعي؟.
على المستوى الاجتماعي لا توجد أي مشكلة والناس يتلاقوا وبجتمعوا، ومافي خلاف شخصي بين هذا أو ذاك.
{ دعنا نستقرئ التاريخ للوراء قليلاً، حدثنا عن وصية السيد “الصديق” والد “الصادق المهدي” واجتماع المجلس الخماسي داخل قبة “المهدي”، هل في اعتقادك ثمة خيانة لتوصيات ذلك الاجتماع؟ 
حقيقة ظهر في السطح خلال الآونة الأخيرة، أحاديث مغايرة لما تم في داخل اجتماع المجلس الخماسي الذي اختاره الإمام “الصديق” لاختيار الإمام من بعده، وظهرت بطريقة واضحة في خطب السيد “الصادق الصديق المهدي” وأنا في هذه الحالة اقول إن المجلس الخماسي الذي كونه الإمام “الصديق” يتكون من السادة (عبد الله الفاضل المهدي، والهادي عبد الرحمن المهدي، ويحيى عبد الرحمن المهدي، وأحمد عبد الرحمن المهدي، والصادق الصديق عبد الرحمن المهدي)، هؤلاء اجتمعوا داخل قبة الإمام “المهدي” قبل أن يوارى جثمان “الصديق” الثرى، وكان وقتها السيد “عبد الرحمن المهدي” خارج السودان، واقتحم المجلس عنوة الناظر “يوسف هباني” وكان من ضمن الحضور، ودار حديث، وأول من بادر بالحديث في هذا الاجتماع السيد “عبد الله الفاضل المهدي”، وقال بالدارجي: (أنا أكبركم سناً، وأنا أولى بالإمامة إذا كانت على هذا المنوال، ولكن الإمامة حسمت في أولاد السيد “عبد الرحمن المهدي”، وحقو تمشي في هذا الطريق، لذلك أنا أرشح “الهادي عبد الرحمن المهدي” ليكون إماماً للأنصار، وطلب من السيد “الصادق المهدي” رأياَ فوافق، ثم طلب من “يحيى” رأياً فوافق، ثم استشاره هل “أحمد” يوافق على ذلك؟ فقال: نعم “أحمد” يوافق)، (لم يكن هنالك حديث غير هذا حقيقة).
{السيد “الصادق” تحدث عن اشتراطات ذكرت خلال الاجتماع؟
وافق السيد “الصادق” على مبايعة الإمام “الهادي” وتمت مبايعته قبل أن يخرجوا إلى العلن، ولم يكن هنالك اشتراطات، وكما علمنا من بعض الشهود الذين شاركوا في هذه المناسبة التأريخية العظيمة، باعتبار أن الجميع كان مترقباً ما يدور داخل هذه الغرفة، وطلب السيد “الفاضل المهدي” من السيد “الصادق” بأن يخرج للجميع ويعلن هذا الأمر، فخرج السيد “الصادق الصديق المهدي” للجميع وأعلن الإمام “الهادي المهدي” إماماً للأنصار باتفاق اللجنة، وتمت مبايعته من الجموع التي كانت محتشدة ولم يكن هنالك أي اشتراط أو حديث غير الذي تم، ولنا ما يثبت ذلك الكلام من بيانات، والأوراث، ثم بعد ذلك تمت مواراة الإمام “الصديق” الثرى في قبة الإمام “المهدي”، أي حديث غير هذا يعتبر منافياً للحقيقة وله غرض آخر معروف للقاصي والداني.
{ هل تعتقد أن ثمة مؤامرة حيكت عقب الاجتماع؟
لم تكن هنالك مؤامرة، بل خرج “الصادق” عن بيعته، والأمور تمت بالطريقة التي ذكرتها لك، السيد “الصادق المهدي” يقول إن هناك شروطاً لم يلتزم بها هذا المجلس، وهذا غير حقيقي، كان يقول إن هذا المجلس يرجع لجموع الأنصار لينتخبوا إماماً، فكيف ذلك؟ وفي تاريخ الإمامة والأنصار لم يكن يتم الأمر بهذا الشكل بأن يذهب الأنصار لصناديق الانتخابات ويختاروا الإمام، هذا أمر معروف أن أمر الحل والعقد هم الذين يختاروا الإمام، وأهل الحل والعقد كانت اللجنة الخماسية التي كونها السيد “الهادي”، “الصادق” يريد أن يبرر موقفه في خروجه من بيعة صحيحة للإمام “الهادي” وانشقاقه الذي قاده وادى لضعف الحزب وضعف الديمقراطية الثالثة، هذه تبريرات غير مقنعة يريد السيد “الصادق المهدي” أن يقنع بها الحضور الآن .
{ هنالك مخاوف الآن خرجت للعلن من داخل الحزب من توريث الحزب لأبناء السيد “الصادق”؟
هذا أمر يعنى به حزب الأمة القومي، وله أجهزته التي تختار من تراه مناسباً، والتوريث طبعاً مرفوض ولكن هذا شأن يخص حزب الأمة القومي، وهي معركة معروفة دارت في الصحف، وهنالك من ينفي ويلمح.
{ ماذا بخصوص إمامة الأنصار؟
إمامة الأنصار هي أمر يتم بمشورة الأنصار وشيوخ الأنصار، وليست بهذه البساطة التي يدعيها البعض.
{ هل تعتقد أن الاتجاه نحو التوريث في الحزب وموضوع الإمامة إذا تم سيكون صحيحاً؟ 
إذا كنت تتحدث عن مؤشرات هنالك كثير من الأحاديث التي ظهرت في الصحف تؤشر إلى ذلك من بعض القيادات التي فضلت حجب اسمها، لماذا تحجب اسمها عن هذه المواضيع إذا كان لها رأي سالب أو إيجابي في ذلك، من الأفضل أن تفصح عن اسمها وهذه التسريبات قد تكون مؤشرات لأشياء داخل كيان الحزب الأمة القومي.
{ ما تعليقكم على ما أدلى به وزير الاستثمار “مبارك الفاضل” حول التطبيع مع إسرائيل؟
كلمة تطبيع تعني أن العلاقات طبيعية مع إسرائيل، وافتكر أن استعمالها هنا كان خاطئاً،  إذا كان هو يتكلم عن علاقات دبلوماسية أو سياسية هذا أمر آخر، لكن تطبيع لابد أن يكون فيه جانب شعبي باعتبار أن تجعل العلاقات طبيعية، وهم يفتكروا العلاقات مع إسرائيل جسراً للعلاقات مع أمريكا، وهذا خطأ كبير، هنالك دول عربية وإسلامية لها علاقات مع إسرائيل، ولكن متوترة مع أمريكا، وإسرائيل في نهاية الأمر دولة عنصرية، وديمقراطيتها هي ديمقراطية نوعية لبعض مواطنيها فقط وكثير من مواطنيها يعانون معاناة كبيرة من سجن وتشريد، وهي ليست ديمقراطية هي دولة نازية عنصرية بغيضة لا تختلف عن دولة جنوب أفريقيا قبل التغييرات الأخيرة، وقبل المصالحة التي قادها “نيلسون مانديلا” في القرن الماضي . إسرائيل دولة عنصرية وعنيفة تمارس قتلاً وتشريداً.
هناك من يؤيد دعوة “مبارك الفاضل” فما رأيكم؟
التطبيع مع إسرائيل مخالف للدين ومخالف للعرف ومخالف للتوجه ورغبة الشعوب، يعني مثلاً مصر طبعت أو عملت علاقات مع إسرائيل، لكن ماذا كان رأي الشعب المصري؟ كان رافضاً لهذه العلاقة جملة وتفصيلاً حتى في الثقافة المصرية، عملوا أفلاماً ترفض هذا الأمر وترفض العلاقات مع إسرائيل، بالتالي المد الشعبي يرفض مثل هذه الأشياء، دعوة التطبيع مع إسرائيل تدل على عدم وعي وجهل مطبق بالآخر وهو إسرائيل، لأن إسرائيل كشعب ودولة وثقافة وتاريخ ودين لديهم توجهات معروفة، هذا غير الجانب الديني والإسلامي الذي يقول عنه القرآن (لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ويقول (لتجدن أشد الناس عداوة) لذلك العلاقة مع اليهود هي علاقة عداوة.
{لكن في دولة المدينة عقدت معهم معاهدات؟
 في دولة المدينة هم كانوا أقلية مستضعفة ولم يكونوا بهذا البغي والطغيان والتشريد والقتل للأبرياء في غزة وغيرها ولكن كانوا مستضعفين داخل دولة المدنية وينخرون في عظم هذه الدولة، وكانوا يحاولون هدمها وصولا مرحلة القتل للرسول صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك كانت معركة خيبر المعروفة.
{في أية سياق يمكن فهم دعوة من ينادون بالتطبيع  مع إسرائيل؟
 الذين ينادون بهذا الأمر يعتقدون تحسين العلاقات مع إسرائيل سيكون جسراً لتحسين العلاقات مع الغرب وأمريكا، لكن عليهم أن يتدارسوا ماذا جنت الدول التي طبعت أو حسنت علاقاتها مع إسرائيل لم تجنِ شيئاً في مجمل اقتصادها لأن إسرائيل كدولة لها ثقافة وتاريخ ودين هدفه الأساسي تمكين شعب الله المختار في أرض معينة هي من صميم الأرض العربية المسلمة أرض فلسطين. لذلك نحن جملة وتفصيلاً ضد هذا الأمر ونحن كحزب أمة وأنصار نعتبر هذا توجه غريب لا يشبه هذا الكيان كيان الأنصار المجاهد الذي كان له دور كبير في طرد الاستعمار ورفع راية الإسلام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية