ولنا رأي

هل حقاً انحسرت الجريمة؟!

على الرغم من تأكيدات أجهزة الشرطة بانخفاض معدلات الجريمة بالبلاد، لكن نلاحظ أن هناك جرائم دخيلة، ولم تكن في يوم من الأيام من الجرائم المتعارف عليها لضرب الابن أبيه بعصا أو النسيب لنسيبه بساطور أو شج رأس جارة لجارتها أو عراكهما مما تسبب الأذى الجسيم بقطع حلمة أذنها أو شفتها.. كلها جرائم تطالعها يومياً عبر صفحات الجريمة بمعظم الصحف السياسية.
ففي الماضي حتى الجرائم الكبيرة لم يعرفها عامة الناس كقتيلة الشنطة، حتى الآن لم نعرف من هي قتيلة الشنطة، ولماذا قتلت، ومن قاتلها، وفي أي الأماكن تم إلقاء الشنطة، ومن الضابط أو الشرطي الذي كشف تلك الجريمة الغامضة، إضافة إلى عشرات الجرائم التي تنتهي عند سجلات الشرطة، ولم تتناولها الصحافة كما هو اليوم!!.. وحتى جرائم الاغتصاب التي تفشت الآن لم نسمع بها، ولم نعرف لماذا تفشت هذه الظاهرة ولدى أطفال لم تتجاوز أعمارهم السنتين والثلاث، كيف تحدث مثل تلك الجرائم الأخلاقية لدى عديمي الضمير الإنساني، كيف يتسنى لأولئك ارتكاب مثل تلك الجرائم مع أطفال..
 فالجريمة التي تقول أجهزة الشرطة بأنها انحسرت أو قلّت لا أعتقد أن الجريمة سوف تنحسر أو تقل في مثل هذه الظروف التي دفعت بآلاف من مواطني الولايات ترك ولاياتهم للبحث عن الرزق في (كرش الفيل) المركز. فالمواطن القادم من الولايات جاء إلى العاصمة في ظنه أن كل أحلامه سوف تتحقق، ولكن عندما يصطدم بالواقع يجد نفسه غير قادر على إطعام نفسه، ناهيك عن إرسال مصاريف لأهله. فالواقع الجديد والبحث عن عمل في أي موقع من مواقع الولاية يجعله يصطدم بالآخرين.. قلة المال وعدم وجود العمل يجعل هذا المواطن في حالة صعبة وبإمكانه أن يتعايش مع من يجدهم من سيئي السلوك، وفي هذا المجتمع الجديد ترتكب فيه أكثر من جريمة المخدرات والخمور وغيرها من الجرائم المختلفة؛ ولذلك كلما نزحت مجموعة توسعت دائرة الجريمة في تلك الظروف الصعبة التي يعيشها أولئك؛ ولذلك مهما حاولت أجهزة الشرطة القضاء أو تخفيض بؤر الفساد تجدها نبعت من منطقة أخرى، كما نلاحظ انتشار ظاهرة المخدرات، فكلما حاولت أجهزة الشرطة القبض على تجار المخدرات إن كانوا رجالاً أو نساءً تسلل آخرون.. فالمخدرات أصبحت مصدر الثراء لأولئك؛ ولذلك كلما قبض على مجموعة ظهرت مجموعة أخرى.. فالقضاء على تلك الظاهرة لن يكون إلا بالقوانين الرادعة.. والمصادرة وحدها لن تردع أولئك، فإدخال عقوبة الإعدام ربما يكون هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تحد من تلك الظاهرة..
كنت أستغرب حينما اسمع أن انتشار ظاهرة المخدرات وسط طلبة الجامعات أصبحت كثيفة، وكنت أتعجب لأولئك الطلبة الذي ينتظرهم السودان لرفعته وتطويره، وهم يتعاطون المخدرات بكل أنواعها، وكنت أتساءل: أين آباء وأمهات أولئك الطلبة، وكيف تركوهم ليصلوا إلى تلك المراحل؟!.. فتعاطي المخدرات في الماضي كان وسط الفاشلين والعاطلين، ولكن كيف يصل تلك الطبقة المستنيرة والمتعلمة، تلك الطبقة التي من حقها إنارة الطريق لأولئك، فكيف تقع هي في نفس المحظور؟!.
إن الأجهزة الأمنية والشرطية يقع عليها عبء كبير لجعل المجتمع معافى من تلك الظواهر الهدامة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية