ولنا رأي

ماذا تريد "جوبا" من "الخرطوم" ؟؟

منذ أن انفصلت دولة الجنوب عن الشمال في العام 2011 ما زالت الهواجس تنتاب القائمين على أمر الدولة في كيفية بناء العلاقة بين الدولتين، ولكن عدم المصداقية والثقة من الطرف الآخر يؤجل بناء تلك العلاقة التي تخدم الطرفين.
إن دولة الجنوب وجدت بلداً لم تحلم به بعد  أن اتخذت قيادة الشمال القرار الصعب بمنح الجنوب الاستقلال الكامل لبناء دولة يسودها الأمن والاستقرار، ولكن يبدو أن قيادات الدولة الوليدة لم يصدقوا هذا الانفصال السلس ودون أي تعقيدات مما جعلهم يتصارعون في أخذ الكيكة كاملة عن بقية القبائل الأخرى. ولذا شهدت الدولة حرباً شرسة بين القبائل المختلفة وفقدت أرواحاً كثيرة بسبب الطمع ونيل الكيكة كاملة، ولكن القيادة الجنوبية يبدو أنها بدأت تفكر جادة في بناء الدولة ولذلك دفعت بعدد من مسئوليها إلى الشمال للنظر في كيفية بناء علاقة جديدة. وكانت الفترة الماضية زيارة نائب رئيس الجمهورية “تعبان دينق” إلى “الخرطوم” والتقى رئيس الجمهورية وكبار المسئولين بالدولة، في محاولة لتفعيل ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين، إن كان في عبور النفط أو فتح المعابر بين الدولتين. ولكن ما أن تستمع القيادة الشمالية إلى حديث المسئولين الجنوبيين وتمنحهم الثقة الكاملة تتبدد الأحلام بعد مغادرة المسئول الجنوبي أرض البلاد، رغم الوعود التي قطعها هذا المسئول بالتنفيذ.
إن دولة الشمال قدمت كل ما يمكن تقديمه للجنوب إن كانت مساعدات عينية أو بناء الثقة أو إيواء اللاجئين منهم أو الهاربين من المعارك، أو استضافة مسئول كبير بمستشفيات البلاد، كما حدث لنائب رئيس الدولة الجنوبية السابق الدكتور “رياك مشار”، ولكن لم يجد الشمال جدية منهم خاصة استضافتهم للحركة الشعبية قطاع الشمال وجعل الجنوب نقطة انطلاق لضرب الشمال منها. وقبل أيام قليلة زار وزير الخارجية الجنوبي “دينق ألور” الخرطوم مشاركاً في احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال وممثلاً لرئيس الجمهورية “سلفاكير”. “الخرطوم” استقبلت “ألور” استقبالاً طيباً وعقدت معه مباحثات إن كانت على مستوى رئاسة الجمهورية أو وزير الخارجية، أو الجهات المسئولة الأخرى، بغرض معالجة الملفات العالقة بينهم وعلى رأسها فتح المعابر والنفط، وغيرها من الملفات  الأخرى التي تجعل العلاقة بين الطرفين تأخذ مسارها الطبيعي. وزيارة “دينق ألور” ربما تكون تمهيداً لزيارة رئيس الجمهورية “سلفاكير” الأيام القادمة حسب ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة، وأن الزيارة قد حدد لها بداية الأسبوع القادم تقريباً. وإذا ما تمت تلك الزيارة تكون دولة الجنوب هذه المرة أكثر جدية في خلق علاقة قوية مع الشمال خاصة وأن الدولتين قد عانتا من توقف النفط الداعم الرئيسي لميزانية الدولتين بسبب الحرب التي اندلعت بعد الانفصال. وثانياً انعدام الثقة بينهما في كثير من الأمور مما جعل هنالك ملاسنات حول بناء خط لنقل بترول الجنوب عبر دول الجوار الجنوبي، ولكن يبدو أن هناك استحالة لبناء الخط وهذا جعل دولة الجنوب تتراجع عن قرارها وتلتزم بعبور نفطها عبر الشمال، وقد تم الاتفاق مع وزارة النفط على ذلك.
إن زيارة “سلفاكير” للشمال الأيام القادمة بالتأكيد ستكون فاتحة خير للبلدين، إذا ما تم الالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه الأيام الماضية، لأن المواطن الجنوبي يعاني من فجوة غذائية فإذا ما فتحت المعابر ستدخل كميات كبيرة من الغذاءات، وإذا ما تدفق النفط ستحل المشكلة المالية التي تنعش الميزانية في البلدين والعملة كذلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية