ولنا رأي

ماذا وراء اتفاق الشعبي والشيوعي؟!

في خطوة متقدَّمة اتفق الشعبي والشيوعي على وقف الحرب في إطار اللقاءات التي يقوم بها المؤتمر الشعبي مع الأحزاب السياسية، وهذه الخطوة تعد متقدَّمة جداً إذا نظرنا إلى الخلافات السياسية بين الإسلاميين والحزب الشيوعي، وحتى لو قال قائل إن المؤتمر الشعبي – الآن- يقف في خانة المعارضة وليس الحكومة، بمعنى أن الاثنين في خندق واحد هدفهما كان إسقاط النظام، ولكن ما يجري – الآن- بين تلك الأحزاب هو وقف الحرب، ولا أظن أن حزباً سياسياً – الآن- يقف مع الحرب وليس ضدها، فالحرب قضت على الأخضر واليابس وشتت أهلنا في كل ربوع البلاد، خاصة المناطق التي اندلعت فيها الحرب بكثافة بدارفور وكردفان والنيل الأزرق..وعلى الرغم من الخطوة التي قام بها المؤتمر الشعبي وإحداث هذا التفاعل، خاصة مع أحزاب اليسار أو المعارضة، يعد عملاً كبيراً يصب في مصلحة الوطن رغم تأخره، فالمعارضة لابد أن تعلم جيِّداً أن المصلحة العامة للوطن تختلف عن المصالح الشخصية، فكم من معرض انطلق من المنصة المصلحجية ووصل إلى أهدافه الخاصة، ولكن المصلحة العامة لابد أن يقف الجميع معها، فما يقوم به الشعبي – الآن – كان من المفترض أن يقوم به منذ زمن طويل قبل أن تتمدد الحرب وتتعدد الحركات وحاملي السلاح، فلو بدأت الحملة منذ السنين الأولى ما أظن أن التمرُّد وصل إلى ما وصل إليه الآن، فالشعبي يجب أن ينسِّق مع الدولة لجمع الفرقاء سواءً في الداخل أو الخارج ..فالأمر يهم الجميع حزب شيوعي، بعثي أمة، شعبي ووطني، كل الأحزاب السياسية معنية بوقف الحرب أولاً قبل الخوض في أي تفاصيل أخرى.. فالدكتور “علي الحاج” الأمين العام للمؤتمر الشعبي حباه المولى بالحكمة، ولا أظن أن لديه ضغائن سابقة أو آنية تجعله يعمل ضد مصلحة الوطن.. فهو من الولايات التي اندلعت فيها الحرب منذ عشرات السنين ويعلم جيِّداً مدى تأثيرها على المواطنين والأبرياء من سكان تلك المناطق، وإلى أي مدى عملت الحرب على تشريد الغالبية منهم وقتلت النساء والعجزة والأطفال ..بل قضت على الحرث والحيوان، فالاتفاق أو اللقاءات التي يقوم بها الشعبي تعد من الأعمال الإيجابية بدون رياء أو عمل مدفوع الأجر أو ينتظر منه الثواب من الحكومة أو المؤتمر الوطني، بل هدفه المصلحة الوطنية العامة..فإذا لم تتوقف الحرب فلن ينصلح حال البلاد والعباد..ولكن عمل الشعبي محتاج إلى دفرة كبيرة من الحكومة والمؤتمر الوطني، لأننا نعلم أن هناك مثبطين من هنا وهناك، فلو لم تضع الأرضية الثابتة لهذا العمل بالتأكيد سيهزم قبل أن ينطلق إلى أهدافه ومراميه، فلينظر الجميع إلى المصلحة الوطنية قبل الشخصية، لأننا لو تغلبنا على مصالحنا الشخصية سوف نصل إلى الهدف الذي نسعى إليه، وإذا كان المؤتمر الشعبي بدأ بالشيوعيين والبعثيين ووجد السند والموافقة، فلا أظن أن بقية الأحزاب الأخرى الأمة بأقسامها المختلفة والاتحاديين ستكون حجر عثرة في طريق الاتفاق النهائي بين الجميع..وهناك الخطوة الكبرى التي تقودها الحكومة وهي جمع السلاح من أيدي المواطنين بولايات دارفور وكردفان، فإن نجح الولاة والعُمد والشراتي وبقية حاملي السلاح على عملية التسليم فالطريق يصبح مُعبَّداً تماماً إلى أي خطوة ثانية في سبيل الاستقرار، فنشد على يد المؤتمر الشعبي على تلك الخطوة وربنا يكمل الباقي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية