رأي

الحاسة السادسة

يداك أوكتا وفوك نفخ
رشان أوشي
هذا المثل العربي الشائع، ينطبق تماماً على الحالة السياسية التي تواجهها الحكومة في إقليم دارفور هذه الأيام، واعني هنا الخطاب الذي يسوقه الزعيم القبلي “موسى هلال”، ورد فعله العنيف تجاه خطوة الدولة بجمع السلاح في دارفور، هلال أن كان مخطئاً في تحديه لقرار الدولة الذي يسهم في إعادة الاستقرار في الإقليم الذي عانى الدمار لأكثر من عقد ونصف، فإن الدولة مخطئة أكثر منه، بأن مكنت مجرد زعيم قبلي من أمرها، ودفعت إليه بأدوات ليبتزها به، فكل ما حدث ينطبق عليه المثل أعلاه (يداك أوكتا وفوك نفخ).
“هلال” يعتقد أن الحكومة استخدمته عندما كانت في حاجة له، وتخلت عنه بعد أن وجدت بدائل، وأن ناقشنا الأمر بموضوعية، ما كانت الحكومة ستتخلى عن “هلال” أن اقتصر دوره فيما طلب منه سابقاً، ولكن اتضح مؤخراً أن أحلام الشيخ تفوق حسن الظن بكثير، فالرجل لم يكتف بوضعه الحالي بل سبقه طموحه إلى الخرطوم، إلى كراسي السُلطة وضجيج الأضواء، وبل أصبحت له حاشية من الأعوان وناطق رسمي، وحزب سياسي، وجوقة صحافيين، وهو الأمر الذي لن يقبله المركز خاصة في الوقت الراهن، بعد أن استنفذ هلال كل صبر الدولة، وكل فرص التراجع.
إن كان الشيخ “موسى هلال” حريصاً أتم الحرص على أمن واستقرار منطقته، فليبادر بطرح تفاوضي، يتم من خلاله التوصل لاتفاق يحفظ هيبة الدولة وحساسية مشروع جمع السلاح، ويحقن الدماء، فمسألة (ركوب الرأس)، لن يجني منها الزعيم القبلي غير الكثير ثم الكثير من الخسائر، وهو يعلم ذلك جيدا، وفي الجانب الآخر على الحكومة التروي في إدارة هذا الملف المليء بشوك الحسكنيت، والسماع لمطالب الزعيم القبلي وأخذها بعين الاعتبار، القوة دائماً ما تخلف دماراً وحسرات تصب الزيت على نار الغبن الخانقة في الإقليم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية