مسألة مستعجلة
يريدوننا أن نأكل سياسة !!
نجل الدين ادم
قبل إعلان حكومة الوفاق الوطني بتشكيلتها الحالية، ظل الناس في حالة ترقب وانتظار، أملاً في أن غداً مشرقاً سيحل عليهم، وأن واقع الحياة المعيشية سيتغير مع القادمين الجدد من التنفيذيين والتشريعيين، ولكن خاب فألنا جميعاً، فقد حل الغلاء الفاحش في الأسعار دونما استثناء، تعقدت مشكلة المياه في أقرب الأحياء لمحطات المياه ومن النيل، طار سعر صرف العملة الأجنبية مقابل الجنيه إلى العلالي، تفاقمت مشكلة البيئة وأحياء ببعض ولاية الخرطوم يحاصرها الموت البطيء، يحدث كل هذا والجهازان التنفيذي والتشريعي في حالة سكون لا يهشان ولا ينشان، ليس مهماً لديهما أن سعر صرف الدولار قد طار، أو أن الأسعار قد استعرت، لأن هناك أولويات لا نعلمها نحن!
جلس كل وزير أو معتمد على كرسيه وكأنما ما يحدث من تدهور في كل شيء يهم المواطن لا يعنيهم، لا أعرف ماذا يفعل هؤلاء.. وكيف يفكرون في تقديم الخدمة لعامة الشعب من باب أنها مسؤولية.
فيبدو أن المهم لهؤلاء هو توزيع كيكة السلطة كيفما تمت، كل حزب بما لديهم فرحون، أخذت كل حركة وحزب مشاركة في الحوار قسطاً من هذه الكيكة والتي انتظرها الناس أياماً وليالٍ على أمل أن طعمها ومذاقها سيكون رائعاً حتى لو لم تكن بحجم الإطعام من نهم السلطة.
كنت أتوقع أن تكون الصورة الماثلة أمامنا اليوم بشأن تدهور الأوضاع المعيشية في الحياة هي الحد الفاصل بين القادمين الجدد والمناصب التي حلوا عليها ضيوفاً بأمر الحوار، ولكن لم يحدث ذلك، لا أعرف ما إذا كان هؤلاء قد تناسوا أو نسوا أن مهمتهم التي جاءوا من أجلها مربوطة بمواقيت زمنية لا تنتظر هذا التردي في حال البلد، لم يتذكر هؤلاء التنفيذيون الذين دخلوا الحكومة قبل شهور من الآن أن مهمتهم هو قلب صفحة الماضي والبدء في الإصلاح الحقيقي لكل شيء بما في ذلك أخلاق الناس، والتجهيز لانتخابات 2020.
غداً ستمر هذه الأيام القليلة بحسب العطاء، وهؤلاء لم يفعلوا شيئاً مما أوكل إليهم، بل سيوالي الدولار الارتفاع.. الخ، عندها ستكون هذه الفترة الانتقالية أو الاستثنائية من الحكم مجرد تقسيم للسلطة، وحينها سيدركون أن السياسة ليست لقمة طعام تشبع الجائع، ولا جرعة ماء تروي العطشان، والله المستعان.