ما هي نكهة قطر؟!
بقلم – عادل عبده
أين يكمن سحر إمارة قطر التي يتولى زمام الأمور فيها الشيخ الأمير “تميم بن حمد آل ثاني”؟ ولماذا صارت هذه الدولة الصغيرة محط أنظار العالم لدرجة الهيام الشديد في ظل دورها المؤثر على صعيد الأحداث السياسية والاقتصادية في المجال الإقليمي والدولي؟ وما هي صحة الاتهامات الغليظة التي تطلق على قطر بوصفها دولة راعية للإرهاب وتمارس زعزعة الأمن والاستقرار العربي والعالمي وانتهاك الحقوق السيادية لدول الخليج؟!
الصراع الطاحن والحرب الشعواء بين قطر ودول السعودية والإمارات والبحرين ومصر ما زال هائماً في الأجواء يتصاعد جريانه، في حين تناقصت وتيرة الشروط والمطالب الـ(13) التي وضعتها الدول الأربع لقطر نتيجة لانتهاء مدتها الزمنية، فضلاً عن رفض الدوحة التجاوب معها بحجة أن تطبيقها غير عملي وأنها تحمل دلالات تجريمها حسب ما جاء في اتهامات الدول الأربع، التي طالبت الدوحة بعدم احتضان الإرهاب ومحاربته وإغلاق قناة “الجزيرة” وتخفيض العلاقة مع إيران وتصحيح مسار علاقتهم مع جيرانهم ودفع التعويضات للدول المتضررة من السلوك القطري، وبقية المطالب الأخرى الواردة في ذلك السياق.
الرفض القطري كان حاسماً ومتوقعاً، قابلته بعض التحركات على مشهد الصراع العاتي، حيث جاء قرار البرلمان التركي بالسماح للقوات التركية بالانتشار العسكري في قطر، فضلاً عن إرهاصات تقوية التعاون الثنائي بين الدوحة وطهران.. وفي الإطار واصلت الدول الأربع سياسة الضغط على قطر من خلال سيناريو اللقاءات الدولية لوزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين ومصر وذلك بهدف الإعداد لاتخاذ سلسلة من القرارات والإجراءات الفاعلة والمؤثرة ضد قطر على الصعيد الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي.
في الصورة المقطعية عوامل منطقية منحت قطر قوة صمود واضحة المعالم، على رأسها أن الدوحة لديها صندوق مالي سيادي قيمته أكثر من (385) مليار دولار، فضلاً عن إنتاجها اليومي لأفضل غاز طبيعي على المستوى العالمي يمثل رافعة سياسية واقتصادية كثيفة الفائدة، يضاف إلى ذلك الاستثمارات المالية الضخمة للدوحة في العديد من الدول الغربية بالشكل الذي لا يتوفر لأي دولة خليجية أخرى.. ومن الناحية السياسية ما زالت الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا تتعامل مع الصراع السعودي القطري بمنهج التوازن، وبذات القدر يلوح الاتفاق الذي وقعه وزير خارجية أمريكا المستر “ريكس تيلرسون” مع نظيره القطري حول مكافحة تمويل الإرهاب، ثم دعوة دول الخليج للانضمام إلى تلك الاتفاقية، بينما ترى ألمانيا في سياق آخر أن الذي جرى لقطر يعدّ انتهاكاً للقانون الدولي.
الشاهد أن معظم الدول العربية ودول العالم الثالث تقف على الحياد من الصراع القطري السعودي، بينما تقود دولة الكويت مبادرة تاريخية لرأب الصدع بين الطرفين، وبذات القدر يقف السودان على الحياد في الحرب الشعواء بين الرياض والدوحة سيما بعد إعلان وزير الخارجية الدكتور “إبراهيم غندور” عن زيارة مرتقبة للرئيس “البشير” إلى دولة قطر خلال الفترة السابقة.. وغني عن القول أن هنالك ديناً على رقاب السودانيين من جمائل ومواقف القطريين حيالهم التي ظهرت في الملف الدارفوري ومعالجات أزمة الشارع السوداني.. ربما تكمن نكهة خطر في أنها تمثل قصة طموح دولة تحاول الانطلاق إلى الأمام في ظل الرياح العاتية وهوجة الأعاصير لملء الفراغ البائن والتخبطات الواضحة في الساحة الدولية، وقد تكون أخطأت هنا وأصابت هناك.. ومهما يكن فإن سحر الدولة ليس في حجمها بل في روحها!!