تقارير

تغييرات المؤتمر الوطني.. الجهاز التنفيذي يحكم قبضته على عنق الحزب

“مبارك الفاضل” وأسرار ما جرى
ماذا عن خلافات “علي عثمان طه” و”مبارك الفاضل” منذ الديمقراطية الثالثة وحتى خروج الأخير من القصر
كبير أساقفة “كانتريري” في الخرطوم غداً وعلامات استفهام عن الزيارة
حديث السبت
يوسف عبد المنان
بعد طول انتظار وترقب، اتخذ المكتب القيادي للمؤتمر الوطني حزمة قرارات بتسمية رؤساء القطاعات وأمناء الأمانات المتخصصة، وجاءت التغييرات في هياكل الحزب شاملة، وزادت من القبضة التنفيذية على عنق الحزب وكتم أنفاسه حتى بات الحزب بكامله في عباءة الحكومة، وأبرز التعديلات في الأمانات الدفع بـ”جمال محمود” وزير الدولة بمجلس الوزراء لقيادة القطاع السياسي، وهو من القيادات الصاعدة في الحزب ويحظى بثقة “البشير” والفريق “بكري حسن صالح”، وكان في قلب الترشيحات لخلافة د. “نافع علي نافع” حتى آخر لحظة، ولكن قيادة الحزب نظرت لطبيعة المرحلة التي تتطلب شخصية مثل المهندس “إبراهيم محمود” لتثبت صحة الاختيار بعد ذلك.
وصعود “جمال محمود” لقيادة القطاع السياسي جاء في ظروف ومناخ عام يتجه للتوافق الحزبي من مكونات الحوار الوطني على ترشيح “البشير” لدورة جديدة في ٢٠٢٠، و”جمال محمود” من أبرز قادة هذا الاتجاه، وتم اختيار الدكتور “عبيد الله محمد عبيد الله” وزير الدولة بالخارجية السابق في منصب الأمين السياسي بدلاً عن “حامد ممتاز” الذي حل مكان “عبيد الله” في الخارجية، وكأن قيادات الحزب يتغنون بأغنية (أدونا فُندكُّم ندق ونديكم).
وبين “جمال محمود” في قيادة القطاع و”عبيد الله” في الأمانة السياسية تقارب في الرؤى وتطابق في الأفكار ودفعة في قطاع الطلاب وصحبة في ليالي السمر.. وجاءت أكبر مفاجأة في قطاع التنظيم بإعفاء د. “فيصل حسن إبراهيم” الذي أحكم قبضته على الحزب في الفترة الأخيرة وأصبحت التعيينات لمناصب الوزراء والولاة ووزراء الولايات والمعتمدين تخرج من خلال مكتبه وتقطع مسافة (500) متر إلى مكتب المساعد ثم تذهب للمشير “البشير” ليوقع ويعطي إيماءة الموافقة على الوزراء بالولايات.. لكن في الفترة الأخيرة لم يخف د. “فيصل حسن إبراهيم” خلافه المعلن مع مولانا “أحمد هارون” والي شمال كردفان، وداخل مجلس الوزراء قال “فيصل” إن الأبيض هي طيش الولايات من حيث تطبيق سياسات الإصلاح رغم أن شمال كردفان هي الولاية الأولى من حيث التنمية والتطور ورضا الجماهير عن أداء الجهاز التنفيذي، وترددت معلومات عن نشوب خلاف بين د. “فيصل” والمهندس “إبراهيم محمود حامد” حول التعيينات في الولايات، وجاء في منصب قيادة قطاع التنظيم الجديد د. “أزهري التجاني عوض السيد” بعد أن غادر المناصب التنفيذية السياسية بعد المؤامرة التي دبرت له لشنقه بحبل الفساد ليصبر على محنة الاتهام الغليظ.
وواجه “أزهري” سلحفائية الإجراءات القضائية بصبر وثبات مسنوداً فقط بصحة موقفه بعد أن انفض من حوله أصدقاء الغفلة كما يقول الأستاذ “حسين خوجلي”، وسار ومشى وحده لأن الذين يحيطون بالمسؤولين في هذا البلد أغلبهم من أصحاب الحاجات وهم أبعد عن الأوفياء الإنجليز من مشجعي نادي ليفربول الأحمر المهول الذين يرددون النشيد الخالد (لن تسير وحدك يا ليفر)، لكن “أزهري التجاني” سار وحده أيام محنته، لكن بعد اليوم سيهرول نحوه الكثيرون لأن عودة “أزهري” لقطاع التنظيم في فترة ما قبل الانتخابات هي خطوة ستتبعها خطوات في داخل جهاز السلطة.. وتم الإبقاء على “بلال عثمان” في موقعه ولم يشمله التغيير والتبديل.. وفي قطاع الإعلام جاء اختيار “معتز موسى” وزير الكهرباء والري ليصبح مسؤولاً عن معالجة مشكلات الإعلام الشائكة التي فشل كثير من القيادات في وصف دوائها من البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” وحتى “ياسر يوسف” الذي أعطى وأفنى وكدح لتغيير واقعه، ولكن “معتز موسى” ظهره مثقل بالمهام الكبيرة وملفات مياه النيل من إثيوبيا ومصر وعنتبي ومشكلات توفير مياه الشرب للعطشى في همشكوريب ودار حامد، فكيف للرجل أن يجد الوقت لمجابهة أزمات التلفزيون وحشد الإعلام للتنوير والتبليغ بما يجري داخل الحزب؟ و”معتز” مطلوب منه مد شبكة الكهرباء لدارفور وكردفان وتغطية العجز الكلي في الإنتاج من الطاقة الكهربائية، وعليه أن يتحدث بلسان سياسي معبراً عن الحزب وبلسان مهني كمهندس مختص في الطاقة ولسان دبلوماسي نيابة عن السودان في ملف المياه.. وإذا كان “معتز” مرشحاً في المستقبل لخلافة “بكري حسن صالح” في منصب رئيس الوزراء في حال صعود “بكري” لمنصب الرئيس في الدورة القادمة فإنه بهذه الأثقال المقعدة سيحترق مثل الفراشات قبل حلول 2020.
وجاء التغيير المهم باختيار الدكتور “أسامة الريس” لمنصب نائب أمين القطاع ومعه الدكتورة “تهاني عبد الله”، و”أسامة الريس” ربما يقع على عاتقه الكثير من المهام خاصة في القطاع الصحافي لما يتمتع به من انفتاح على هذا الوسط، وفي القطاع الفئوي تم اختيار “الصادق فضل الله” لهذا القطاع المهم جداً، وهو يمثل عصب الحزب ومصدر قوته.
ماذا بين “علي عثمان محمد طه” النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية و”مبارك الفاضل المهدي” وزير الاستثمار الحالي والقيادي في حزب الأمة؟ هذا السؤال ظل يبحث عن إجابة منذ سنوات عديدة.. الرجلان في حالة (تناظر) وصل حد التباغض رغم إن حكومة واحدة جمعتهما بعد اتفاقية جيبوتي التي جاءت بنصف حزب الأمة إلى السلطة وبقى النصف الآخر في المعارضة، وحينما.. أفسدت الصراعات بين “علي عثمان” و”مبارك الفاضل” تلك الشراكة وجد “مبارك الفاضل” نفسه قد جُرِّد من النصف الذي حمله عبر مؤتمر سوبا إلى منصب المساعد قد اختار البقاء في السلطة ليخرج “مبارك” من القصر ولم يتبعه إلا بعض الأوفياء مثل “عبد الجليل الباشا” الذي تقدَّم باستقالته من الوزارة ومعه المستشار بالقصر “علي حسن تاج الدين”، ولكن فضَّل “مسار” و”نهار” و”الزهاوي “إبراهيم مالك” ود.”الصادق الهادي المهدي” البقاء في أحضان السلطة عملاً بنصيحة “علي عثمان محمد طه” حينذاك.. وفي كتابه الذي استعرضنا في حلقتين سابقتين مقتطفات منه باعتقاد أنها تمثل قيمة تاريخية وتوثيقية، إلا أن الكتاب كوثيقة مهمة دفع بها “مبارك” في ظروف سياسية أكثر تعقيداً مما يبدو للكثيرين قد كانت دوافع “مبارك” في نشر الكتاب متعددة لمن يقرأ السطور وما بين السطور وما ورائها.. أولاً سعى “مبارك الفاضل” للدفاع عن النظام الديمقراطي الذي أناخ ناقته بالبلاد بعد سقوط نظام مايو ولم يمكث إلا سنوات على أصابع اليد الواحدة، وتعود البلاد للنظام العسكري مرة أخرى ولم يجرؤ أي من شركاء النظام الديمقراطي حينذاك الدفاع عنه وتقديم مرافعة مثلما فعل “مبارك الفاضل” وهو يتصدى حتى لرئيس حزب الأمة “الصادق المهدي” ويتهمه بالتفريط وسوء التقدير للنشاط السياسي وسط العسكريين وما تبع مذكرة القوات المسلحة الشهيرة من تطورات في القيادة العامة عجَّلت بإنهاء النظام الديمقراطي.. وقدَّم “مبارك الفاضل” في مرافعته بالأرقام ما حصلت عليه الحكومة الديمقراطية من القروض والمساعدات الأجنبية وكيف تم توظيفها.. ولماذا تشاكس الشريكان الأمة والاتحادي في السلطة.
القضية الثانية التي أثارها “مبارك الفاضل” في كتابه هي المنافحة عن موقفه الشخصي من الحوار مع النظام وكيف حمل الإمام “الصادق المهدي” حزب الأمة إلى التفاوض مع المؤتمر الوطني من خلال اتصالات سرية وصفقات غامضة تم إبرامها بين “الصادق” وقادة المؤتمر الوطني، ومن وراء ظهر “مبارك الفاضل” ود.”عمر نور الدائم”.. لكن وشائج المصاهرة وصلات القربى بين “مبارك” وغازي صلاح الدين” جعلته يحيط بما قام به الإمام “الصادق”، وكذلك حصل د.”عمر نور الدائم” على تفاصيل أخفاها “الصادق” عن قادة حزبه في الخارج من خلال أصدقاء د.”عمر نور الدائم” داخل المنظومة الحاكمة، ويشير إلى “أحمد عبد الرحمن” و”عثمان خالد مضوي”.. وقد فاوض “الصادق المهدي” الإنقاذ قبل “مبارك” الذي ركب قطار التسوية من جيبوتي التي خطط لها “الصادق”، ولكنها فشلت في استيعاب طموحه الشخصي وتطلعاته، وقد شكَّل الرد على “الصادق المهدي” أجزاء مهمة من الكتاب الوثيقة.
أما القضية الثالثة التي دفعت السيد “مبارك الفاضل” لإصدار كتابه فهي الخلاف العميق بينه و”علي عثمان محمد طه”، ولم يكشف “مبارك” دوافع وأسباب الخلاف، مفضِّلاً سرد بعض الوقائع من وجهة نظره هو مثل المذكرة التي كتبها للرئيس “البشير” حول معالجة قضية دارفور والمسارات التي تتخذها الحكومة، وعدَّد شواهد أحداث ليكشف عن الهوة العميقة التي انحدرت إليها العلاقة بينهما مثل واقعة زيارة “مبارك الفاضل” لمقر المفاوضات في نيفاشا، وهو في منصب مساعد رئيس الجمهورية، ولم يجد قدومه الترحيب من قبل الوفد الحكومي المفاوض، وبلغ عدم الترحيب أن تجاهلت قيادات المؤتمر الوطني ترتيب إقامته في الجناح المخصص لأعضاء الحكومة.. ويقول “مبارك الفاضل” في كتابه: إن الدعوة التي وصلته من الولايات المتحدة للتفاكر والتشاور.. بصفته رئيساً لحزب الأمة وليس مساعداً للرئيس كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر العلاقة، وأن الرئيس “البشير” قد دفع دفعاً لتنفيذ مخطط إخراجه من القصر.. فهل الخلاف بين الرجلين دوافعه ذاتية؟ أم أن “علي عثمان محمد طه” وثيق الصلة بالطائفة الختمية كان أكثر ميلاً نحو الحزب الاتحادي الديمقراطي؟ لذلك سعى نحو السيد “الميرغني” لإقناعه بالتحالف مع الإنقاذ منذ وقت مبكر.. بينما كانت أطراف أخرى داخل الإنقاذ لها قناعة أكبر بحزب الأمة وقادة ومن وقائع الأحداث فإن مفاوضات جيبوتي التي جاءت بـ”الصادق المهدي” و”مبارك الفاضل” كان مهندسها الأول وزير الخارجية حينذاك “مصطفى عثمان إسماعيل” ووجدت جهود د.”مصطفى” سنداً وعضداً من وزير شؤون الرئاسة حينذاك الفريق “بكري حسن صالح” ومن الدكتور “نافع علي نافع” الذي كان قبل أثناء التفاوض مع حزب الأمة أيلولة منصب والي نهر النيل لأحد قيادات حزب الأمة المهندس “عبد الله مسار” ووجدت تلك الخطوة معارضة من السيد “علي عثمان محمد طه”.
وبعد جيبوتي بدأ التقارب بين “مبارك الفاضل” والرئيس “البشير” الذي لم يتحدَّث عن “مبارك” في كتابه بسوء أو ينتقد حتى مواقفه، وكثيراً ما ظل يبحث له عن المبررات في الوقت الذي يشن فيه حملات ضارية مع الشيخ “علي عثمان” فماذا وراء الخلاف بين الرجلين؟ وإلى متى يظل “علي عثمان محمد طه” صامتاً وكاتماً لأسرار مفاوضات نيفاشا؟، وكانت لجنة قد تم تكليفها من قبل مجلس الوزراء أيام الدكتور “محمد مختار الحسين” لتقويم تجربة نيفاشا وتسجيل وقائع يوميات المفاوضات المطوَّلة، ولكن انتهت تلك اللجنة إلى آلاف الأوراق وتم حفظها في أضابير الصمت.. وحتى التسجيلات كانت ضعيفة.. وآثر قادة التفاوض حينذاك دفن الحقائق في بطون الأوراق.. بينما الوثائق ذات القيمة خرجت عبر السفير “عبد الرحمن ضرار” مدير مكتب “علي عثمان” حينذاك من خلال كتاب أصدرته وكالة (أس أم سي) باسم (يوميات نيفاشا)، لكن الكتاب اختفى سريعاً من الأسواق.. ولم تطبع منه الوكالة مرة أخرى ما يسد نهم القراء.. بينما “هبلدا جونسون” تكتب مذكراتها عن قصة اندلاع السلام في السودان وينال منها “علي عثمان” سهاماً مثل التي نالها من “مبارك الفاضل” ويختار الصمت النبيل إلى حين.
{ عودة كبير أساقفة “كانتريري”
يصل الخرطوم يوم غدٍ (الأحد) كبير أساقفة كنسية “كانتريري” ببريطانيا وذلك لافتتاح مباني الكنيسة الإنجليكانية بالخرطوم التي تقع في حي العمارات شارع واحد، وذلك بعد انتقال الكنيسة القديمة لجنوب السودان بعد الانفصال، وتعيد زيارة أسقف الكنيسة البريطانية للخرطوم ذكريات سيئة في تاريخ العلاقات السودانية البريطانية حينما صدت الخرطوم أبوابها في وجه القس السابق د.”جورج كيري” في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي.. الشيء الذي أثار ردود فعل واسعة في العالم وتدهورت على أثرها علاقة السودان بالغرب بصفة عامة، والمملكة المتحدة بصفة خاصة، وتوالت على السودان الإدانات بانتهاك حقوق الأقليات الدينية والعرقية في ذلك الوقت، واعتبرت الكنيسة الإنجليكانية في ذات الوقت ما تعرَّض له الدكتور “جورج كيري” صدمة عنيفة، خاصة وأن ذات الخرطوم قد استقبلت بابا الفاتيكان وأدت تبعات إلغاء زيارة “جورج كيري” حينذاك إلى طرد السفير البريطاني من السودان في أول سابقة في تاريخ العلاقات السودانية البريطانية.. وبعد ربع قرن من تلك الأحداث يعود كبير الأساقفة الإنجليكانية” الأسقف “جستين” ويلبِّي زيارة الخرطوم يوم غدٍ (الأحد) لافتتاح مباني الكنيسة الإنجليكانية الجديدة.. بعد انفصال الجنوب الذي يمثل المسيحيين نحو (40%)، من سكانه و(20%)، من المسلمين و(40%)، من الوثنيين والأروحانيين.. وساد اعتقاد وسط بعض النخب أن انفصال الجنوب قد يجعل الدولة السودانية بمنأى عن الاستقطاب الإثني والعرقي والديني.. وأن الكنيسة (المسيسة) بعد ذهاب الجنوب لسبيله كدولة منفصلة عن الشمال سيضعف دورها وأثرها.. إلا أن ذلك التقدير لم يكن دقيقاً خاصة الكنيسة الإنجليكانية (المسيسة) وتعتبر طائفة المسيحية الإنجليكانية هي الطائفة الثانية بعد الكاثوليك، حيث يشكِّلون أغلبية في السودان القديم رغم أن السودان ظل قابعاً تحت الحكم الإنجليزي بعد سقوط الدولة المهدية وحتى عام 1956م، إلا أن الكنيسة الإنجليكانية تأتي في المرتبة الثانية من حيث النفوذ والإتباع في البلاد بعد الكاثوليك وربما يعود ذلك لنشاط البعثات الكاثولوكية خاصة الكنيسة النرويجية التي دخلت السودان في وقت مبكر جداً، بينما أهتم الإنجليز ينشر نظامهم الإداري وأهتم الفرنسيون بثقافتهم واللغة والفنون.. ولذلك فالإنجليز أفسحوا الطريق واسعاً للمبشرين الكاثوليك لتنصير الجنوبيين والنوبة في جبال النوبة.. وحينما أقبل القيس “جورج كيري” على زيارة الخرطوم كانت لندن وحكومتها قد اختارت فرض رؤيتها من خلال سفارتها على البرنامج الخاص بزيارة كبير الأساقفة.. وحاول السفير البريطاني أن يحدد من يلتقي “جورج كيري” من المسؤولين ولم تتوان الخارجية حينذاك من طرد السفير البريطاني وإغلاق الأبواب في وجه الزائر الكبير، الشيء الذي عدته بريطانيا صفعة شديدة في وجهها.. وأثارت تلك الأحداث زخماً في العالم بأجمعه.. بينما اليوم يعود كبير الأساقفة وأغلب المسيحيين قد رحلوا جنوباً مع الدولة المنكوبة، ورغم ذلك لا يزال الوجود المسيحي في السودان، معتبراً ومؤثراً جداً بسبب طبيعة الكنيسة الغربية (المسيسة) من جهة والانفتاح السياسي للحكومة على الغرب والدخول في حوار جدي معه بشأن حقوق الأقليات الدينية.. والمسيحيون في السودان اليوم يتمركزون في العاصمة الخرطوم، حيث السفارات الأجنبية ويتمثل الوجود المسيحي في ملايين الجنوبيين اللاجئين في الأراضي السودانية.. والأقباط إضافة إلى وجود الكنيسة في جبال النوبة، حيث يشكِّل المسيحيين نحو (17%) من جملة سكان إقليم جبال النوبة، وأبلغ نفوذ الكنيسة الآن في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في كل من: هيبان والريف الجنوبي وكاودة.. وقليل جداً من المسيحيين في الدلنج ودلامي، إلا أن النازحين من جبال النوبة في الخرطوم لا تقل نسبة المسيحيين عن (10%) منهم.. ومثل هذه الزيارات لكبير الأساقفة تعتبر تشجيعية لهم، ومنذ انقسام الجنوب وذهابه إلى سبيله خفت حدة التوترات بين الكنيسة والحكومة.. بسبب ذهاب أغلب القساوسة (المسيسين) إلى الجنوب.. وفي السودان لا وجود لصراعات دينية بين المسيحيين والمسلمين، بل إن الصراعات بين المسلمين والمسلمين بسبب الخلافات المذهبية أكثر عمقاً، وبسبب هذه الصراعات يعود إلى الخلاف بين الصوفية والسلفيين.. وحتى داخل الكنيسة نشبت بعض الصراعات أخيراً في أم درمان بسبب أموال المدارس واستثمارات الكنيسة، وقتل أحد أتباع الكنيسة في ذلك الصراع.. وعند زيارة كبير أساقفة “كانتيري” يوم غدٍ (الأحد) لن يجد شكاوى أمامه لانتهاكات حقوق مسيحيين، ولكن مطلوباً منه المساهمة في حل الصراعات بين المسيحيين والمسيحيين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية