مسامرات
قط.. لم تقبل المصرور
محمد إبراهيم الحاج
{ صور ومقاطع فيديو انتشرت مؤخراً لبعض الفتيات يظهرن من خلالها بمظهر (غير لائق) وهو الأمر الذي جعل كثيراً من النساء السودانيات هدفاً لهجوم عنيف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.. وبتجاوز حالات ووقائع محددة تمثل فئة محدودة للغاية، نود أن نتحدث عن المرأة السودانية التي عانت ظلماً فادحاً في كثير من الأوقات والأزمات.
{ ندين للأم التي أنجبتنا وأدبتنا وأحسنت تربيتنا، وللأخت التي سهرت على راحتنا ومنحتنا عصب فؤادها حباً وشفقة، وللزميلة التي كانت لنا عضداً في العمل والنضال والأخذ بالحقوق المشروعة.. وللحبيبة التي جملت الحياة وأحالت قسوة الواقع وتباين ظروفه إلى فراديس من الجنان تمنح الود بلا منّ ولا أذى ولا مطالب تعجيزية.. ولكل الشريفات العفيفات من بنات جلدتنا اللائي تعلمنا منهن التجلد عند الشدائد.. والكبرياء والأنفة التي ترفض الترف المغموس بذلة الحاجة.
{ نعم.. انحيازاً للمرأة السودانية نرد عنها كيد كل من تسول له نفسه أن يسومها سوء كلماته.. انحيازاً للمرأة السودانية من لدن “مهيرة بت عبود” إلى “خالدة زاهر” وفاطمة أحمد إبراهيم”، وأمي التي يختشي من وقارها وعفتها الحياء، وصولاً إلى زميلات وأخوات كريمات درسنا وعملنا معهن.. تعلمنا منهن أن الحياة وأسرارها معقودة نواصيها بحنكتهن ورقتهن وقدرتهن على الصمود في أوقات الشدة والتحدي، يحتذين بما ورد في أدبيات شعراء الواقع المستلهم من الحياة السودانية، مثل “ست الدار بت أحمد” و”عيوشة” و”السرة بت عوض الكريم” و”النوباوية” بطلات “حميد” و”مريم” و”مي” و”مريم محمود” وعمتي الفراشة والسستر والخياطة وصاحبة “القرقريبة” في أدبيات شاعر الشعب الشريف “محجوب”.
لا نعمد إلى الرد على من أساء لنساء السودان، لكننا نغتنمها لنقول إن بالسودان نساء لم تفتك بهن ظروف الحياة المميتة.. ولم يكسر عزيمتهن خوار الرجال.. فتحزمن بمهمة أن يكن أمهات وآباء يمنحن الحب والتربية المثالية والقدوة الحسنة.. وقبل ذلك كله، عفة تظهر معدنهن كلما ادلهمت حولهن الخطوب وتكاثرت المنايا.
{ إليكن أهدي:
صباح الخير مساء النور يا ست البيت
وست المكتب الفاتح على الجمهور
ختم الدولة جنبك هيبة قط لم تقبلي المصرور
حلال وبلال عليك يا أم مرتب بالتعب ممهور
وساعة رضاعة أجمل من سياحة شهور
آخر من تنومي وتقومي دغش بدري قبل الشمس
ما تترك سرير النوم ويغادر عشتو العصفور
} مسامرة أخيرة
{ دعوة بعض أئمة المساجد والمشايخ لمحاربة البرامج الترفيهية والغنائية في القنوات المحلية ليس لها ما يسندها منطقاً ولا عقلاً.. فالعقل يحكم باستحالة التحكم في أذواق الناس وتوجيهها أو حبسها وفق ما يشتهي الآخرون.. لأن الفضاء أصبح واسعاً وممتداً ولا تستطيع أي قوة في الأرض أن تكبح جماحه، ولكن بإعمال المنطق والإقناع يمكن أن نقود الناس إلى محاربة ما لا يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وعقيدتنا. كما أن برامج سودانية بمكونات محلية تقدم منتجاً غنائياً متزناً يخلو من السفور وينقب في تاريخ الفن والغناء بالبلاد، من شأنها أن تمثل بديلاً حقيقياً لما تقدمه القنوات الفضائية الأجنبية من ثقافة وافدة.. ويمكن أن تكون بمثابة حائط صد قوي ومنيع تتكسر أمامه كل محاولات التغريب.
{ كثير من الدول في الوقت الحالي تسعى بقوة إلى ترقية منتجها الفني والأدبي حتى يكون قادراً على إقناع الناس، وبالتالي لا يسعون إلى البحث عما يروق لهم في الفضاءات الخارجية، ولا أدري لمَ يحارب الناس هنا برامج ثقافية وفنية محترمة ليس بها ما يخدش حياء الناس!!
{ نبهنا من قبل إلى جشع بعض التجار الذين يغالون في رفع أسعار السلع الأساسية والضرورية للناس.. لم يكن ما أوردناه من باب ترف الكلام ولكنه واقع تتلظى منه الأسر والفئات الضعيفة اقتصادياً.. كثير من الناس شكوا من ارتفاع تلك الأسعار بأكثر من ضعفها ولا جهة تراقب أو تردع.. وخلال الأيام الأخيرة وصلت الأسعار إلى ذروتها دون أن نلمح تحركاً ملموساً من الجهات المختصة، التي يبدو أنها تركت الحبل على الغارب بدعوى التحرير الاقتصادي الذي كان وبالاً على الناس.