رأي

بعد ومسافة

ما هي حقيقة ما جرى داخل بيت الضيافة؟
مصطفى أبو العزائم

شهد بيت الضيافة بالخرطوم – مقر إقامة السيد رئيس الجمهورية – صباح (الأحد)، اجتماعاً تشاورياً حول آليات تسريع واستعجال وتقوية القوانين الحاكمة والمنظمة لقطاع الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.. ترأس الرئيس “البشير” الاجتماع الذي ضم السادة النائب الأول ووزير الداخلية ووزيرة الدولة بوزارة العدل ومدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ومدير عام الشرطة ووزير رئاسة الجمهورية، ووزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
المعلومات التي رشحت عن الاجتماع وفق التصريحات الرسمية تفيد بأن الاجتماع خصص للنظر في بعض القوانين المنظمة للاتصالات بحسبان أنها تحتاج إلى تقويم، مثل قانون البريد، ومشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية، بما يمكِّن وزارة الاتصالات من التأكيد على حاكميتها وسيادتها على هذا القطاع العريض والحسّاس، وقد تم الاتفاق على العديد من النقاط التي تضمن ذلك، وفق تصريحات الدكتورة المهندسة “تهاني عبد الله”، ويتم تسريع هذه القوانين والدفع بها إلى مجلس الوزراء والمجلس الوطني لإجازتها والعمل بها.
الخبر كبير وإن لم يجد الاهتمام الكافي في الصحف وأجهزة الإعلام، وهو خبر يتطلب الوقوف عنده كثيراً مع النظر إلى دوافع الاجتماع، وربط توقيته بالواقع الاجتماعي الآني في الوقت الحالي من خلال النظر إلى عدة وقائع وتحليل ذلك بما يتسق بأهمية الاجتماع نفسه الذي ترأسه رأس الدولة مع قيادات قوية الصلة بالقوانين والتشريعات وتطبيقها، وقوية الصلة بحماية المجتمع وصيانته من الجريمة بصفة عامة، والجريمة الإلكترونية وجرائم المعلوماتية بصفة خاصة.
استنتج إن الدافع لهذا الاجتماع هو المتابعة الدقيقة للأجهزة المختصة لما راج مؤخراً من معلومات أو تسريبات حقيقية أو مختلقة، ترتبط إما بهياكل الدولة ومؤسساتها أو بأشخاص في مستوى المسؤولية واتخاذ القرار، أو تتصل بمعلومات تعمل على زعزعة ثقة المواطن بالدولة وهز قناعاته بأجهزة الحكم وأدواته ووسائل حفظ الأمن.
نذكر جيداً ما لعبته أجهزة التواصل الاجتماعي، أو ما يطيب للبعض تسميتها بـ(الإعلام الشعبي)، من دور كبير وخطير مع تطور وسائل الاتصال وتوفرها في أيدي مستخدميها، وهو ما جعل مشتركي خدمات الهاتف الجوال في شركات الاتصال بالسودان أكثر من (27) مليون مشترك، مع ملاحظة أن البعض يمتلك أكثر من هاتف ، بينما ارتفع عدد مستخدمي الشبكة العالمية (الانترنت)، إلى أكثر من عشرة ملايين نسمة وفق آخر تقديرات رسمية، مع ملاحظة أن استخدام الانترنت ينقصه التوازن ما بين الريف والحضر، وكذلك الهواتف الجوالة التي يكون أكثر من (80%) من مستخدميها في الحضر.
لا أريد الخوض في تفاصيل التقارير والإحصاءات الرسمية أو شبه الرسمية، لكنني أود الوقوف عند أثر هذه الأجهزة، خاصة تلك المرتبطة بشبكة الانترنت، وتأثيرها الاجتماعي على اعتبار أنها واحدة من أسرع تداول الأخبار ونقلها، ونقصد بالأخبار – طبعاً – الحقيقي منها والزائف، أي الحقيقة والإشاعة، وهو في تقديري أول وأقوى دافع لذلك الاجتماع الخطير الذي ترأسه السيد رئيس الجمهورية شخصياً، فقد أصبحت الشائعة خطراً يهدد أمن وسلامة المجتمعات، وفي أذهاننا شائعات عن أمراض سريعة العدوى وعن أسحار وافدة تقضي على أعضاء حيوية بمجرد السلام أو الملامسة، ثم قضايا أخطر مثل شائعات الاختطاف والقتل أو سرقة الأعضاء وغيرها، ومثل الاستغلال البشع لهذه الوسائل من قبل بعض المعارضين أو العابثين في نشر الشائعات المضرة بسمعة البلاد في الخارج والأمثلة والنماذج كثيرة.
إذن نرى أن الأمر كبير وخطير، ونكاد نرى في أفق الغد القريب قوانين صارمة ومحاكم خاصة لوقف هذا العبث خاصة إذا ما كانت الأجهزة الذكية تخضع لاستخدامات من قبل أيدٍ غبية تطلق وتصنع الشائعات أو تروج لها.. ونكاد نرى استحداث نظم جديدة لمتابعة الحسابات في كثير من التطبيقات مثل (الواتس آب) و(الفيس بوك) وغيرها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية