مسألة مستعجلة
ويضعون حياة شعب كامل في كفة دولار!!
نجل الدين ادم
أورد محافظ بنك السودان المركزي في تعميم صحفي ينشر اليوم أن الاضطراب الحالي في سوق النقد الأجنبي ليس له ما يبرره، ويبدو أنه يريد أن يوضح لنا كذلك أنه ليس من مبرر في الغلاء الكبير الذي طرأ على السلع خلال الأيام الماضية.
السيد المحافظ يقول ذلك وكأنه يعتقد في الشعب السوداني عدم الدراية والعلم، أي مواطن على مستوى بسيط من التعليم يدري ما أشرت إليه السيد المحافظ، ولكن ما الذي يكذب واقع الحال والبنك المركزي ووزارة المالية على السواء لم يتهيأوا لما هو سالب من قرار للولايات المتحدة الأمريكية، لم يتهيأ هذا البنك المسؤول عن السياسة المصرفية لاحتمالات تمديد العقوبة ولا وزارة المالية فقط انتظروا القرار، وعندما جاء بعكس توقعاتهم بدأوا في مشوار معالجات الطوارئ ويبدو أن الكثير من أجهزة الدولة لا تجيد إلا عمليات الطوارئ وليس من الخطط الممرحلة لمقابلة الظروف، فقط يتركون الفأس يقع في الرأس من ثم يبحثون ما بعد ذلك عن سبل مداواته وعلاجه!.
المبرر الأول في الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الاستهلاكية هو ركون وزارة المالية والبنك المركزي لواقع الحال وظنهم أن لا تغيير سيطرأ، إنهم لا يجيدون قراءة المستقبل الاقتصادي على المدى القصير وبالتالي ستكون النتيجة الحتمية الفشل في المدى البعيد، لماذا لم يتأهب البنك المركزي لانتظار القرار الأمريكي قبل إذاعته، ولماذا يضخ النقد الأجنبي بعد أن تعقد الوضع المعيشي واستعرت الأسواق وطارت الأسعار عنان السماء.
لا أعرف ماذا تفعل آلية حماية المستهلك بولاية الخرطوم، وطوفان الأسعار تحاصره من كل الاتجاهات، ومن عجب أن أي شيء في بلادنا مربوط بالدولار، وحتى عندما تأتي لبائع اللبن وتستفسره عن سر ارتفاع السعر، يقول ليك بكل بساطة الدولار طار، معقولة يا جماعة الخير نضع حياة شعب كامل في كفة دولار!
كنت أتوقع من السلطات وطالما أن الدولار وأقرانه من العملات الأجنبية الأخرى هو السبب في كل هذه الاضطرابات أن تقوم بحملات تطهير واسعة لتجار العملة الذين يضاربون في معيشة الناس، لا يهمهم مصلحة البلد، بل المهم عندهم استناح الفرص والأزمات والتكسب، ارموا بهؤلاء في السجون وسيكون يوم غد خالياً من أي مضاربات، وستهبط الأسعار في الأسواق اضطرارياً والله المستعان.