بعد (9) أيام مثيرة شرطة الخرطوم تزيل الغموض من الاختفاء إلى الوفاة
أكدت ما انفردت به (المجهر) في قصة اختفائها
الشرطة: عثرنا على جثمان “أديبة” طافياً على النيل والـ(DNA) أثبت أنها المفقودة
اللواء إبراهيم” يفند مزاعم الاختطاف بالأدلة والبراهين ويقول: قصص وروايات تجارة الأعضاء كذب وافتراء
الشائعات أفرزت بلاغات وقصص خيالية أبرزها بلاغ اختطاف محامٍ وطفل “روضة”
هل غرقت “أديبة” أم قُتلت؟؟ سؤال ترد عليه الشرطة بعد نتيجة التشريح
تقرير – محمد أزهري
تسعة أيام عاشها المجتمع السوداني بين الانتظار والترقب، وهو التوقيت الذي اختفت فيه المفقودة (الفقيدة) “أديبة فاروق” من منزلها بمنطقة أبو آدم جنوب الخرطوم.. نسج البعض قصصاً وحكايات أسطورية عن عصابة خطف تتاجر في الأعضاء البشرية تهدد أمن المجتمع، هذا النسج أتاح للبعض الآخر ركوب موجة الشائعات المغرضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ودعموا فرضية وجود عصابات الخطف حتى تسلل الرعب والهلع إلى قلب كل بيت سوداني في غضون هذه الأيام التسعة، قبل أن تميط شرطة ولاية الخرطوم اللثام بحنكة واقتدار يؤكدان قدرتها العالية على كشف الجريمة.
في اتجاه آخر نصبت أسرة المفقودة “أديبة” حفيدة ناظر قبيلة الكواهلة خيمة كبيرة أمام منزلها لاستقبال عشيرتهم الذين تقاطروا من كل قرية وحي ومدينة لمساندة الأسرة في محنتها وكل واحد منهم يشعرك بأن المفقودة شقيقته أو والدته، وظلوا على هذا الحال حتى كشف الغموض وأتى الفرج رغم حزنه الشديد.
صباح أمس (الأربعاء) أعدت شرطة ولاية الخرطوم قاعة المؤتمرات جيدة الترتيب، ورغم سعتها الكبيرة لم تسع الحضور الإعلامي الضخم نسبة لأهمية الحادثة، لكن حنكة مدير إعلام شرطة ولاية الخرطوم العقيد د.”حسن التجاني” البوليسية والصحفية ساعدته في السيطرة على الوضع سريعاً وأجلس الحضور برضا وتنظيم دقيق.
مدير شرطة ولاية الخرطوم اللواء حقيقي “إبراهيم عثمان” ومدير مباحث ولاية الخرطوم اللواء “عبد العزيز حسين عوض” ومدير جنايات الخرطوم اللواء “ياسر البلال الطيب”، هؤلاء ظهر على وجهوهم ارتياح بائن يستنتج منه كل حصيف تباشير فك طلاسم الاختفاء الغامض للمفقودة قبل انطلاقة المؤتمر الصحفي.
مدير الإعلام والعلاقات العامة بالشرطة اللواء د. “هاشم علي عبد الرحيم” وضع إصبعه على زر مايك مثبت على منضدته وتحدث موضحاً ماذا سيدور خلال المؤتمر، ثم أوكل إدارة دفة المؤتمر لمدير إعلام شرطة الولاية د. “حسن التجاني”.
{ تمهيد كشف الحقيقة
مدير شرطة ولاية الخرطوم اللواء حقوقي “إبراهيم عثمان” بعد أن حيا الحضور اًبتدر حديثه قائلاً إن العلاقة بين شرطة ولاية الخرطوم والإعلام علاقة وثيقة وفيها شراكة ذكية جداً، مطلوب منهم أن يؤدوا رسالتهم في نشر الحقائق، وهم دوماً في بحث عن الحقيقة طيلة النهار والليل حتى يملكوا المواطن الحقائق في القضايا الاجتماعية أو الثقافية، وأضاف: (مساعينا في هذه المسألة أن الشرطة تظل إن شاء الله دوماً تحدث الإعلام بالحقائق وهذا ديدننا في قضايا سابقة).
{ بداية فك الغموض
اللواء “إبراهيم” أضاف قائلاً: (بتاريخ 11 من الشهر الجاري وردنا بلاغ باختفاء سيدة تدعى “أديبة فاروق” بعد خروجها من منزلها بحي أبو آدم بالكلاكلة لشراء مستلزمات منزلية، ومنذ البلاغ ظلت الشرطة تبحث عن هذه السيدة بصورة جادة وعممنا نشرة جنائية بمواصفاتها على جميع أقسام الشرطة بالخرطوم والولايات المجاورة).
{ الشرطة تؤكد ما ذهبت إليه (المجهر)
وتابع اللواء “إبراهيم”: (عثرنا على جثة سيدة طافية على النيل الأبيض قبالة كوبري “أم درمان” وانتشلناها بواسطة شرطة الإنقاذ النهري وتوصيلها لمشرحة بشائر وهناك استدعينا أسرة السيدة المفقودة للتعرف على الجثة وهي لسيدة في عمر مشابه تماماً لعمر المفقودة وبسحنة تتناسب مع سحنتها تماماً وليس هنالك بلاغ في الخرطوم أو الولايات المجاورة عن فقدان سيدة بهذه المواصفات، وكان زوجها على رأس الأسرة).
{ لماذا لم تتعرف الأسرة على الجثة في المرحلة الأولى
أجاب مدير شرطة الخرطوم عن هذا السؤال قائلاً: (أصيبت الجثة بتشوهات في الوجه بجانب طول المدة بحيث تجعل الشخص لا يتعرف على الشخصية، وفعلاً أخوها وزوجها في المرحلة الأولى لم يتعرفا عليها، هذا الأمر حتم علينا الاستعانة بالمختبر الجنائي وهو مشهود له بالكفاءة العالية، فأخذنا عينة من الجثة وأخرى من ابنها محمد الإمام ولاحقاً أخذنا عينة من زوجها).
{ تطابق العينة
واسترسل سعادة اللواء: (بالأمس اتضح جلياً تطابق عينة الجثة الموجودة بالمشرحة مع عينة ابنها محمد الإمام، وأخذنا تقريراً معملياً يؤكد أن الجثة هي الأم البيولوجية للابن محمد الأمام، وبناء على ذلك تم إخطار ذويها “صباح اليوم/ أمس”، وطلبنا منهم الحضور للمشرحة للمرة الثانية وإخبارهم بهذه النتيجة المعملية).
{ استدعاء زوج الفقيدة للمرة الثانية إلى المشرحة
واصل اللواء “إبراهيم” سرد تفاصيل كشف الغموض قائلاً: (استدعينا زوجها مرة أخرى للمشرحة لأنه أفصح عن علامات تشير إلى زوجته وعن طريق الطبيب المختص عقيل سوار الذهب أظهر هذه العلامات المشار إليها وهي عبارة شامة على ظهرها وقبل أن يرى النتيجة المعملية أقر بأنها زوجته).
{ سيناريوهات وقصص مختلفة
واستطرد سعادة اللواء قائلاً: (الآن الناس يتداولون اختفاء هذه المرأة بسيناريوهات مختلفة بأن هنالك عملاً مدبراً باختطاف السيدة على عربة بوكس بها أشخاص مسلحون، ويتكلمون عن نقل أعضاء وأنسجة.. وكل هذا اختلاق وكذب وافتراء).
{ هل غرقت “أديبة” أم قُتلت؟
أجاب مدير شرطة الخرطوم عن السؤال أعلاه قائلاً: (بعد تشريح هذه جثة السيدة سنعرف ماذا تم، هل المسألة فيها غرق أم حادث جنائي. وسنتحصل على تقرير التشريح الذي يجريه الطبيب البروفيسور “عقيل سوار الذهب” وهو أكبر طبيب شرعي موجود في البلاد ونحن اخترناه لتشريح الجثة، وها نحن ننتظر هذا التقرير، عموماً سواء كانت حادثة غرق أم حادثاً جنائياً نحن نترحم على المرحومة وربنا يتقبلها ويجعل البركة في ذويها وأبنائها، كما نحيي قبيلة الكواهلة ونقول هذه مصيبة أصابها الله بها والموت حق علينا، ونقول الحمد لله تم الاكتشاف وإجابة كل التساؤلات).
{ عصابات الخطف وتجارة الأعضاء
وفند اللواء “إبراهيم” شائعات عصابات الخطف قائلاً: (ما يدور في الميديا والوسائط المختلفة وادعاءات كثير من الناس بأن هنالك عصابات تجوب الخرطوم تخطف الأفراد والأطفال والنساء بغرض نزع أعضائهم والاستفادة منها في تجارة البشر.. نحن نقول بالفم المليان هذا الكلام لا يمت للواقع بصلة وعملية نقل الأعضاء هي عمليات دقيقة تتم في غرف مجهزة وحتى حفظ الأعضاء يتم بصورة دقيقة حتى يستفاد منها.. ونحن في الأيام القادمة سنحضر اختصاصين يتحدثون عن عملية نقل الأعضاء وكيف تتم حتى يطمئن المواطن السوداني لأن ليس لدينا في السودان هذه الغرف الحديثة ولا يمكن إجراؤها في راكوبة أو تحت شجرة.. ونحن نقول بالفم المليان لو في شخص شالوا منه عضو يجي يقول لينا).
{ ادعاءات الاختفاء
وتابع: (هنالك ادعاءات باختفاء بعض المواطنين في وسائط الميديا، الشرطة تحرت في هذه المسألة بدقة وعناية وظللنا نتابع ما يدور في الميديا ونخضعه لتحقيق، وأيضاً البلاغات التي تأتينا من بعض المواطنين، وهنا لا بد من أن أشرح ما هو الفرق بين لدينا بلاغ فقدان وبلاغ خطف، الفرق بينهما أن بلاغات الفقدان موجودة منذ الأزل في الأسر لأن الحياة يكون بها إشكاليات عديدة قد يزعل الشخص لأي سبب من الأسباب ويبتعد عن بيته وأسرته ويختفي بمحض إرادته لمدة معينة ثم يرجع وحده أياً كانت مدة اختفائه أو تعثر عليه أسرته أو الشرطة.. أما بلاغات الخطف فنخضعها للتحريات الأولية وفقاً لقانون الإجراءات القانونية تحت المادة “44”، هنالك بلاغات خطف وردت في القانون تحت المادة “162” ونحن نقول بالفم المليان ليس لدينا بلاغات خطف، وسجلت مضابطنا في اليومين الفائتين، وللترويع الموجود في الميديا، أناس يأتون للنيابة ويفتحون بلاغات خطف وعندما نخضعها للتحري نجد أنها ليست بلاغات خطف أو اختفاء).
{ فتاة ناصر
وزاد اللواء “إبراهيم عثمان” قائلاً: (نقلت الوسائط خبراً عن اختفاء فتاة في امتداد ناصر بعد أن ذهبت لمناسبة عرس في بحري واختفت ودعموا هذا الزعم بصورتها في الميديا واتضح أن الصورة حقيقية متقبسة من الميديا لكن الاسم مختلق إذ أطلقوا عليها اسم منار ووصلنا للمختفية وأحضرناها وقالت إنها نفسها مستغربة لهذه المسألة وتضررت منها كثيراً وهذا يوضح الافتراء والكذب).
{ اختطاف محامٍ
وأضاف قائلاً: (لدينا محامٍ في منطقة أبو آدم، نفس منطقة المرحومة، ادعت أسرته أنه يسكن في شقة ووجدت شقته مفتوحة وزعمت أنه مخطوف، وبدورنا أخضعنا المسألة للتحري واتضح أنه كان قد سافر إلى القاهرة وبعد عودته من القاهرة استغرب هذا الأمر).
{ طفل الكدرو
أما حادثة الطفل الذي اختفى بالكدور ووجدت جثته في البحر وتناقلت الوسائط معلومات تشير إلى أن أعضاءه غير موجودة، نحن تحرينا وعلمنا أنه ذهب مع أقرانه إلى البحر للاستحمام وبعد ذلك حصل القدر وأصحابه أخفوا الحادثة طول فترة الاختفاء، ونحن أخضعناهم للتحريات واستجوبناهم وأقروا بأنهم رأوا الطفل وهو يغرق وتم إرساله للمشرحة، وذووه تسلموه كاملاً).
{ قصة طفل الروضة
قال ضاحكاً: (نحكي مسألة طفل الروضة الذي ذهب إلى عربة الترحيل وكانت قد تغيرت نسبة لعطل أصاب العربة المخصصة لترحيله، وعند صعود الطفل إلى العربة الجديدة أطلق صيحات عالية أحدثت جمهرة، وبعدها أبلغوا الشرطة وجاءت، وعندما ذهبنا إلى الروضة اكتشفنا أن الطفل موجود والمشرفة أخبرتنا أن العربة تغيرت).
{ الزوجة (الزعلانة)
وتابع اللواء “إبراهيم”: (هنالك زوج أبلغنا أن زوجته اختفت وتم اختطافها، وبعد التحري واكتشفنا أنها موجودة في بيت أبيها بولاية القضارف وأحضرناها، واتضح أن هنالك خلافاً بينها وزوجها).
{ نماذج
قال سعادة اللواء: (هذه الحالات التي ذكرتها جاءت في الفترة الأخيرة وانتشرت عبر الميديا وأصبحت تصيب الأسر بحالات من الذعر لدرجة حتى التأخير البسيط يجعل الناس يبلغون بأن ابنهم أو ابنتهم اختفى أو اختطف).
{ رسالة لهؤلاء
مدير شرطة ولاية الخرطوم أرسل رسالة قال فيها: (أريد أن أرسل رسالة للذين يروعون المواطنين وهم سودانيون نقول لهم خافوا الله في هذه المسألة وعقابها الرباني موجود، ونحن سنسعى للقبض عليهم وتقديمهم للمحاكم، رغم أن الميديا عالم واسع ومحاربته إشكالية كبيرة لكن نحن نعدكم بأننا سنكون حاضرين في الإعلام نبين كل ما هو صحيح ولو كان صحيحاً أيضاً لا مانع لأن الجريمة تقع في أي وقت، والآن ولاية الخرطوم بها (8) ملايين شخص نتيجة لهذا الحراك والتباين تكون الجريمة بأشكالها المختلفة، لكن الشرطة حاضرة لضبط هذه الجريمة وتجتهد لمنعها قبل وقوعها ونحن الآن لدينا أكثر من (20) خطة لمجابهة الجريمة واستتباب الأمن في الخرطوم).
{ رد الشرطة على أسئلة الإعلام
كشف مدير شرطة الخرطوم فيما يتعلق بهوية مرتكبي جريمة الشائعات قائلاً: (بعضهم سودانيون أو كلهم سودانيون لكن هل هم موجودون داخل الخرطوم.. هذه تسفر عنها التحريات.. ونحن نقول: نعم لدينا تقنية اتصالات عالية وكوّنا غرفة مشتركة فيها عدة أجهزة أمنية للوصول لهؤلاء، والشرطة تتحرى بدقة متناهية لأن إثبات الجريمة يتطلب عملاً محدداً للقبض على الشخص بصورة قانونية، وبدليل، ونحن سنجتهد للقبض على هؤلاء المتهمين ونقدمهم لمحاكمات).
{ ظاهرة الخطف بالدراجات
وكشف سعادة اللواء قائلاً: (صحيح هناك كثير من المواتر ترتكب بها بعض الجرائم ونحن في الشرطة استطعنا الحد من هذه الجريمة وحاكمنا أصحاب المواتر الذين ارتكبوا الجرائم، وهذه الظاهرة يمكن أن تكون انحسرت بصورة واضحة ونحن نعمل عليها، ولدينا خطة لسحب الدراجات بدون لوحات حتى يوفق أصحابها أوضاعهم).