بعد ومسافة
التمديد والتجميد.. وحديث “غندور”
مصطفى أبو العزائم
قرار الإدارة الأمريكية الخاص بتأجيل رفع العقوبات عن السودان، لم يكن متوقعاً.. وشكّل صدمة كبيرة لدى المواطنين السودانيين، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لممارسي السياسة أو لمراقبي الشأن السياسي العام، فقراءة التوقعات من واقع الأحداث يمكن أن تبدأ من اليمين إلى اليسار أو العكس، ويمكن أيضاً أن تتم قراءتها من أعلى إلى أسفل أو العكس، خاصة إذا ما ارتبطت بالسياسة الأمريكية متحركة الأهداف، وقد تغير متخذو القرار السياسي هناك بالفوز – غير المتوقع – لمرشح الحزب الجمهوري – “دونالد ترمب” في مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي “هيلاري كلينتون” التي كانت كل المؤشرات تقول بفوزها شبه المؤكد، وقد كان الرئيس السابق “أوباما” قد أصدر أوامره التنفيذية برفع العقوبات عن السودان قبيل انتهاء فترة ولايته مع وضع السودان في فترة اختبار لستة أشهر يتم بعدها رفع العقوبات نهائياً، لكن مراقبين كثر توقعوا أن يخالف الرئيس “ترمب” ما هو متوقع، فأصدر قراره بتأجيل رفع العقوبات لمدة ثلاثة أشهر قادمة.
هل كان السودانيون يتوقعون ذلك؟ المواطنون لم يتوقعوا سوى رفع العقوبات، أما الحكومة فإنها تتعامل وفق نظرية الاحتمالات، لذلك تعاملت مع الأمر – فيما يبدو – من منظور الرفع بنسبة (50%) وتأجيل رفع العقوبات بنسبة (50%) بصورة متساوية للاحتمالين، ولا نحسب أنها قد فوجئت بذلك وإن كانت تتمنى مثلنا أن يتم رفع العقوبات في الموعد المحدد.
الذي يعزز لديّ هذه الاحتمالات والتوقعات الحكومية خاصة في مسألة تأجيل رفع العقوبات، هو القرار الرئاسي الأخير بتمديد وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر أخرى، وهو القرار الذي وجد ارتياحاً شعبياً واسعاً بين كل القطاعات، وخاصة مواطني المناطق المتأثرة بالمواجهات بين الجيش والحركات المتمردة.
شاركت بالأمس، في المؤتمر الصحفي للسيد وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” الذي كان جاهزاً – كعادته – للإجابة على كل الأسئلة حتى تلك التي لا تقع تحت دائرة اختصاصه، الأمر الذي دفع بأخي وزميلي الأستاذ “المسلمي الكباشي” إلى أن يهمس في أذني ونحن متجاوران على تخت واحد، ويقول: “يا أخي غندور ده دبلوماسي إلى أبعد الحدود، ووزير خارجية ناجح”، وقد أكدت على ذلك مضيفاً بأنه من أفضل وزراء الخارجية الذين جلسوا على مقعد المسؤولية إن لم يكن الأفضل على الإطلاق.
ما حدث وجرى ودار في المؤتمر الصحفي شاهده الناس واستمعوا إليه وتناقلوا أخباره وآراءهم حوله من خلال وسائط التواصل الإلكتروني التي لم يشغلها شاغل بالأمس، عن هذا المؤتمر المهم، والذي ألقى الضوء على قرار السيد رئيس الجمهورية القاضي بتجميد عمل لجنة التفاوض بعد أن تم إلغاء البند (11) في الأمر التنفيذي الأول وهو ما جعل القرار في يد الرئيس الأمريكي.
المؤتمر الصحفي كان منجماً من المعلومات والأخبار الجديدة والتوضيحات والشروحات اللازمة في لغة مدهشة ومفردات دقيقة لا تقبل التأويل.
شكراً بروف “غندور”.. شكراً لكل طاقمك المساعد ولوزير الدولة بالخارجية الأستاذ “حامد ممتاز” وللوكيل الأستاذ “عبد الغني النعيم” ولكل الطاقم الدبلوماسي والإداري، فقد قفز المؤتمر فوق حدود النجاح.
ونختم بدعاء للجمعة.. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.. أحفظنا وأحفظ بلادنا وبلاد المسلمين، وقنا ويلات الحرب وأنعم علينا بالأمن والطمأنينة والسلام.. آمين
.. وجمعة مباركة.