(قيادي) الحزب الحاكم يلوح بتبعات سالبة لقرار الرئيس الأمريكي "ترمب"
عقب تمديد العقوبات وتجميد الرئيس لـ(لجنة التفاوض)
الخرطوم ـــ محمد جمال قندول
تطور دبلوماسي جديد، فرض نفسه على الحكومة والحزب الحاكم، خاصة والساحة السياسية بصورة عامة، متمثلاً في قرار الرئيس “دونالد ترمب” بتأجيل النظر في العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد لـ(3) أشهر أخرى، ليطول الانتظار الذي ظن الكثيرون بأنه سوف ينتهي، يوم (الأربعاء) الماضي، بإنهاء (20) عاماً من العقوبات التي فرضت على البلاد، تطبيقاً للقرار الشهير لإدارة “أوباما” في يناير الماضي برفعها . وكان من الطبيعي أن يحظى أي رأي أو رد فعل يصدر من الحزب الحاكم باهتمام كبير. وفي هذا الإطار أعلن المكتب القيادي منذ وقت مبكر، عن انعقاد اجتماعه الدوري يوم أمس الأول (الأربعاء)، متزامناً مع موعد صدور القرار الأمريكي المرتقب.
سخونة الأجواء السياسية، طيلة يوم أمس الأول (الأربعاء) والتي بدأت بالقرار الأمريكي الصادر في الساعات الأولى من صباح ذات اليوم، تمددت إلى العصر حينما جمد رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” بقرار منه لجنة التفاوض مع أمريكا، ثم ازدادت بسخونة انتظار نتائج اجتماع المكتب القيادي للوطني والذي انعقد مساءً بكامل أعضائه.
حضور إعلامي كثيف
وبدا واضحاً الاهتمام الإعلامي الكبير بالاجتماع، حيث حضرت الكثير من وكالات الأنباء العالمية منذ وقت مبكر إلى جانب وسائل الإعلام المحلية، بدورها كانت حاضرة بقوة، رغم تخلفها في كثير من الأحيان، بسبب امتداد اجتماع المكتب القيادي إلى وقت متأخر من الليل، الأمر الذي يجعل تغطيته خاصة في الأيام الأخيرة حكراً على مؤسسات صحفية بعينها.
بدأ المكتب القيادي اجتماعه مبكراً وكان في مقدمة أجندة الاجتماع مناقشة القرار الأمريكي لينتهي في الثانية عشرة إلا ربعاً منتصف الليل، ليخرج المهندس “إبراهيم محمود” ويكشف تفاصيل ما دار من كواليس بالداخل .
“محمود” يكشف التفاصيل
وحمَل المؤتمر الوطني بحسب “إبراهيم محمود” الولايات المتحدة الأمريكية أي تبعات سالبة تنجم عن قرار الرئيس الأمريكي الذي قضى بإرجاء رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لمدة ثلاثة أشهر إضافية وقال: إن القرار الأمريكي من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد فضلاً عن كونه يساهم في تشجيع من وصفهم بالخارجين عن القانون والمتمردين، على التمادي في هدم استقرار البلاد لأجل أطماعهم الشخصية.
واستمع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني برئاسة رئيس الجمهورية رئيس الحزب، المشير “عمر البشير”، إلى تقرير من وزير الخارجية، بشأن القرار الأمريكي، فضلاً عن تقارير من القطاع الاقتصادي، فيما يتعلق بالتدابير والتحوطات لمواجهة أي آثار تنجم عن القرار.
وأضاف “محمود” بأن المكتب القيادي أمَّن على الاستمرار في مساعيه والتزاماته تجاه المجتمع الدولي. وأضاف: (هذا القرار يساعد الذين يسعون لزعزعة الأمن والاستقرار بالإقليم، وإذا كانت هنالك تبعات يتحملها أصحاب القرار). وزاد: (المكتب القيادي يؤكد من جديد أن السودان الذي استطاع أن يواجه كل التحديات السابقة، من حصار وخلافه منذ عقدين من الزمان، يستطيع كذلك بفضل الله سبحانه تعالى أن يعوِّل على الشعب السوداني وموارده الذاتية). ولفت “إبراهيم محمود” إلى أن كافة المؤسسات الأمريكية اعترفت بأن السودان التزم بتنفيذ تعهداته، فضلاً عن كونها تنظر إلى السودان كمساهم في حفظ الأمن والاستقرار في الإقليم.
بيان الوطني ..
وفي أول ردة فعل له كان (الوطني) قد أخرج بياناً عبر فيه عن أسفه الشديد للتمديد، وقال بأن السودان ظل وعلى مدى تاريخه الطويل حريصاً على إقامة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، قناعة بأن التواصل مع العالم أجمع فيه خير للبلاد والعباد، ولكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة واجهت تلك الرغبة الصادقة بالنكران التام والجحود المستمر، وتم فرض أقسى عقوبات على الشعب السوداني لمدة تجاوزت العشرين عاماً، وانتهكت فيها حقوق المواطن السوداني في الصحة والتعليم وفِي كثير من مجالات الحياة المتعددة.
ومع كل ذلك استمر السودان في تعاونه الصادق مع المجتمع الدولي وفقاً لقناعاته المبدئية، وتنفيذاً لالتزاماته وتعهداته التي يقرها القانون الدولي والوجدان السليم.
وحين انطلقت عملية المسارات الخمسة مع الولايات المتحدة واصل السودان سعيه الدءوب لبناء علاقة مستقرة مع أمريكا، حتى شهدت المؤسسات الأمريكية نفسها بصدق تعاون السودان وحسن التزامه بتعهداته الدولية والإقليمية، وكانت كل الدلائل تشير إلى الرفع الكامل للعقوبات الجائرة على السودان وأهله، ولكن جاء القرار مخيباً للآمال ومخالفاً للعهود والتعهدات كما في المرات السابقة.
وإذ نخاطبكم، فإننا نود التأكيد على أن السودان الذي تجاوز أسوأ الظروف بتوفيق الله وإرادة أهله لقادر على استكمال نهضته اعتماداً على الله الكريم من قبل ومقدراته وموارده الذاتية من بعد، وسيظل كذلك قائماً بالالتزام بتعهداته الدولية وفقاً لقناعاته المبدئية. ويتقدم المؤتمر الوطني بالشكر الجزيل لكل أصدقاء السودان وأشقائه الذين ساندوه لرفع هذه العقوبات الجائرة .
ختاماً نود أن نؤكد بأن إبقاء العقوبات على السودان وأهله بما فيه من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي، فهو مضر كذلك بالتطور الايجابي في العلاقة بين البلدين ويعمل على تشجيع رافضي السلام وحملة السلاح لمواصلة زعزعة الاستقرار في المنطقة والإقليم.
المشهد السياسي
وبحسب المراقبين فإن الفترة المقبلة ستجعل الحزب الحاكم موضع اهتمام أمريكا والمجتمع الدولي، خاصة عقب تجميد لجنة التفاوض لرصد ما يستجد من مواقفه وردود أفعاله وتوجهاته .
الخبير السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” قال لـ(المجهر) بأن القرار الأمريكي لم يرجع العقوبات، وإنما مد الفترة التمديدية لـ(3) أشهر، مشيراً إلى أن الحزب لن يستطيع فعل شيء بعد اتخاذ قرار رئيس الجمهورية بتجميد لجنة التفاوض.
وبدوره تحدث أمين أمانة التعبئة “عمار باشري” في هذا السياق، فقال لــ(المجهر) إن البلاد قامت بكل ما هو مطلوب منها من اشتراطات، فيما يتعلق بالمفاوضات والحوار الطويل والشاق الذي مرت عليه سنوات وتسارعت بشكل كثيف .
وأشار “باشري” إلى أن الحزب هو الذراع السياسي ويعبر عنه داخل الجهاز التنفيذي ممثلوه داخل حكومة الوفاق الوطني، بجانب أنه الحزب الحاكم ويستطيع أن يصنع الأحداث، خاصة، وأنه كان قائداً للتفاوض. ويرى “باشري” بأن الوطني سيتمسك بمطلب رفع العقوبات كاملاً في 12 أكتوبر القادم.