رأي

مسالة مستعجلة

 لماذا يكون الحضور متأخراً؟!
نجل الدين ادم
جدل كثيف ومخاوف عدة أثارها حديث وزارة الاتصال عن ترتيبات لتقييد تحويل الرصيد بمبلغ لا يتجاوز الـ(500) جنيه، لجملة أسباب، أهمها خروج هذه المبالغ الكبيرة من الدورة الاقتصادية بجانب المخاوف من استخدام المبالغ في عمليات غسل الأموال وغيرها من المبررات، ليستقبل عدد من المواطنين المقترح برفض واسع من واقع أثره المباشر في إغلاق عدد كبير من البيوت بسبب امتهان أهلها بيع الرصيد لكسب العيش.. هيئة علماء السودان الموقرة أفتت بشرعية فوائد تحويل الرصيد، باعتبار أنها رسوم خدمة متفق عليها وبرأت بذلك ساحتها.
لا أعرف لماذا تأخر بنك السودان المركزي عن التعليق على القرار وتداعياته، مع أن كل الملاحظات التي أثيرت تتعلق بالإجراءات الاقتصادية والمالية. ويبدو أن وزارة الاتصالات عندما تحدثت كان ذلك بلسان حال القطاع الاقتصادي! والقاصي والداني يعرف أن الوزارة جهة فنية، فقط مناط بها تنفيذ التوجيهات العليا، لكنها اختارت لسان الآخرين، ليروق الأمر لبنك السودان لاعتبارات منافسة هذا القطاع الضعيف من الناس للجهاز المصرفي فيما يلي التحويلات.
لم تكن وزارة الاتصالات ولا البنك المركزي موفقين في الرسم لهذا الخيار الصعب، ليس من المنطق أن يستغل أناس تحويل الرصيد في غسل الأموال كما يدعي البعض لأن غسل الأموال هو نشاط كبير تتجاوز أرقامه (الفكة) التي يتم تحويلها لطالب علم في الخرطوم من أهله في أقاصي دارفور أو الشمالية أو أي من ولايات السودان الذين قد يتعذر عليهم التحويل البنكي.
مثل هذه القرارات لا يتم اختبارها في الهواء شأنها شأن أية بالونة، بل تتم دراستها بتأنٍ وروية بغية تلافي أي آثار سالبة محتملة.
السؤال المنطقي: لماذا دعم بنك السودان المقترح بل ربما حركه ليأتي بعد أن سرى الخبر الحزين للعاملين بالقطاع، وينفي ما بعد ذلك عبر إحدى أذرعه وهي شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية ليقول إنه لم يحدد سقفاً لتحويل الرصيد، ونحن نقول بالفعل لم يصدر قرار بالخصوص ولكنه في طريقه للصدور.
 تمنيت لو لم تستعجل الجهات ذات الصلة إطلاق هذا الحديث قبل التوصل إلى اتفاق بشأنه.
 على المجلس الوطني وهو القائم على مصالح المواطنين والمصلحة العامة أن يتبنى هذا الأمر، وينظر بمعمق في الخيار المطروح والبحث عن البدائل الممكنة لمعالجة الآثار السالبة إن وجدت، حينها تكون المخرجات التي يتم التوصل إليها مقنعة لأنها استوعبت الرؤى كافة.
فإن كان من ضرورة تقتضي أن من المصلحة العامة تحديد هذا السقف في التحويل الذي تتحدثون عنه أو غيره، فليكن تنفيذ القرار بالتدرج حتى لا يضار أي من الضعفاء الذين يتخذون هذه المهنة سبيلاً لأكل العيش.. والله المستعان.    
   

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية