ولنا رأي

هل فشلت صحافة الحكومة؟! (3)

نواصل الحديث عن تجربة (الرائد) تلك الصحيفة التي قدمت لها كل عوامل النجاح، ولكنها فشلت؛ ليس لأنها تفتقر إلى الكادر المؤهل أو رب السفينة الذي يقودها إلى الأمام، ولكنها فشلت بسبب الصراعات والتكتلات والانقسامات وناسي وناسك.. لقد تولى الأستاذ “عبد المحمود نور الدائم الكرنكي” رئاسة تحريرها، وهو من الأقلام الرائعة، ومن الصحفيين المؤهلين، والإداريين الناجحين، ولكن أحياناً الأستاذ “الكرنكي” يخشى المواجهة مع أشخاص مسنودين من قيادات عليا، ولكن “الكرنكي” مقبول لكل القيادات بإمكانياته وقدراته الهائلة في إدارة المؤسسات الصحفية، وسبق أن أدار صحيفة (الأنباء) وأخرجها من الانهيار، ولكن المؤامرات أيضا قتلتها، كما قتلت (الرائد) الآن.. إن صحيفة (الرائد) كان فيها أكثر من مطبخ ولو تركت لمطبخ واحد ربما كانت الآن من أفضل الصحف الموجودة على الساحة، ولكن كثرة المطابخ جعلتها تموت سريعاً.
إن صحيفة (الرائد) رغم أنها مؤسسة كبيرة، ولكن هناك بعض الأفراد يديرونها بعقلية (سوق الله أكبر)، هل تصدقوا أن هناك من يساومون المحررين بعد فصلهم على حقوقهم؟!! بعد أن استلمت خطاب عدم تجديد عقدي كان من المفترض منحي حقوقي كاملة، ولكن شخص يدعى “صديق” كنت أحسبه من الصالحين الورعين الخائفين الله، ولكن ماذا قال لي عندما طالبته بحقوقي، منحني جزءاً من المبلغ، وقال لي: احمد الله على ذلك.. شخص يفصل من العمل والمسؤول يطلب منه أن يحمد الله، ونعم بالله، ولكن أين قول الرسول أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. الدنيا كانت (قبايل عيد) ومرتبي لم أصرفه، فسألته بالله وقلت له: هل تستطيع أن تناموا ملء جفونكم، وأنتم تأكلون حق الناس؟! فصلتموني بدون وجه حق، ولا تريدون منحي حقوقي.. فأعطاني مبلغ ألفي جنيه كجزء من المبلغ، ثم جزء آخر، وعندما اتصلت بالأخ “راشد” الذي تولى رئاسة تحرير الصحيفة بعد أن فصل الأخ الدكتور “ياسر محجوب”، وقلت له لديّ حقوق لم أتسلمها، طالبهم بمنحي إياها، ولكن تباطأوا فيها، وفي إحدى المرات دخلت عليهم، وجلس الموظف لتجميع ما تبقى لي من مال، وفجأة دخل المدير العام بعد أن تمت إعادته، وكان منشرحاً، فطلب من الموظف تسوية حقوقي، ولكن “صديق” لم يمنحني المبلغ كاملاً، وكأنما أنا متسول استجدي الإدارة لمنحي مبلغاً لست مستحقه، وعندما كنت في أمس الحاجة للمبلغ أخذته، ولكن قلت له: لن أترك لكم مليماً واحداً، فهذا حق من حقوقي، لن أتركه لكم، وبأي حق تساومني في حقوقي، أما يكفيكم ما فعلتموه.
إن صحافة الحكومة و(الرائد) واحدة منها فشلت بسبب أولئك المتكالبين على المال والمتصارعين في ما لا يجدي، صحيفة دفعت لها الأموال الطائلة مليارات من الجنيهات، وقدم لها من مال هذا الشعب المسكين ليدخل جيوب أفراد، ولا أحد يسألهم أين ذهبت كل تلك الأموال؟ أين ذهبت المليارات؟، هل وجه سؤال لأحد قيادات تلك الصحيفة؟ هل جاء المراجع القانوني وسأل عن الأموال التي أنفقت؟!
أسئلة كثيرة يفترض أن تجد الإجابة قبل أن تصفي الدولة تلك المؤسسة التي بدأت عملاقة، وكان من المفترض أن تظل مؤسسة رائدة تفاخر بها الدولة بدلاً من تصفيتها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية