ما بين "ماكرون" و"ترامب" !!
تربَّع “إيمانويل ماكرون” على عرش الحكم في فرنسا كأصغر رئيس يمر على فرنسا، إذ يبلغ من العمر تسعة وثلاثون عاماً، وإذا كان الرئيس الأمريكي “ترمب” قد تربَّع على عرش الحكم بالولايات المتحدة الأمريكية بعمر يناهز السبعين عاماً، نجد أن حكمة “ما كرون” صاحب العمر الصغير يحاول أن يبني علاقات متوازية مع الإسلام والمسلمين، فما أن أعلن فوزه جلس إلى قيادات المسلمين بفرنسا ليضع خطط العلاقة مع أصحاب الدين الإسلامي، ووجدت تلك الخطوة استحساناً من الجالية المسلمة في باريس عكس العداء الذي بدأ به “ترمب” مع المسلمين وخلق عداء كبير بين الدول المسلمة ومنع رعايا ست دول من دخول أمريكا من بينهم رعايا السودان، فكسب “ترمب” عداء الإسلام والمسلمين ومن المفترض أن الإنسان كلما تقدم في العمر تكون قراراته متصفة بالحكمة والتروي ودون انفعال، فالآن رئيس فرنسا الشاب نال رضا الجالية المسلمة في فرنسا وجعل الجزائريين والمغاربة والتوانسة وهم أكبر الجاليات المسلمة بفرنسا فرفعوا أعلام بلادهم ابتهاجاً بالرئيس الجديد.
إن “ماكرون” وهو الرئيس الثامن لفرنسا سيجبر الكثيرين من الرؤساء العرب والأوروبيين احترامه، لأن الخطوة التي بدأ بها تعد خطوة تصالحية ولبناء الثقة بين دولته فرنسا والدول الأخرى، وقد عرف عن فرنسا الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وحتى نحن في السودان ورغم ثقافتنا وحبنا للإنجليز لم يكن لنا عداءً مع الفرنسيين، بل كانوا من أحب الشعوب إلينا، وإذا سألت شخصاً مرتدياً قميصاً جميلاً من أين اشتريته، فإذا أراد التباهي قال لك: من “كستينديور” أو من “الشانزليزي” وحتى إذا نفحك عطر جميل قيل لك هذا عطر باريسي، ودخلت فرنسا في حب السودانيين وتغنت الفتيات للأستاذ آنذاك وربطته بباريس مهد الحضارة والجمال والنور. قالت المغنية: (يا الماشي لباريس جيب لي معاك عريس شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس)، فباريس مرتبطة بالسودان منذ زمن بعيد حتى وزارة التربية والتعليم أدخلت في سبعينات القرن الماضي مادة اللغة الفرنسية في المنهج الدراسي، ووجدت اللغة الجديدة استحساناً منهم وقدموا عليها بشغف شديد، ومنهم من حملها معه كمادة مساعدة في الجامعة، وأصبح من يتقن الفرنسي يجد موقعاً مميزاً في المجتمع والدولة، وحاملو اللغة الفرنسية مرغوبين الآن في وزارة الخارجية، ومن يتحدث الفرنسي يعد من الأشخاص المهذبين، لأن الفرنسيين من الشعوب المتحضرة ويتحدثون همساً ويسيرون بأطراف أصابعهم، لذا فإن الدولة لابد أن تبني علاقة مميزة مع الرئيس الفرنسي الجديد.