وزير الخارجية المصري في الخرطوم!!
نزلت زيارة وزير الخارجية المصري “سامح شكري” برداً وسلاماً على العلاقات السودانية المصرية التي شهدت حالة من الشد والجذب بين الطرفين الأيام الماضية، فأبناء شعب وادي النيل حينما يحكمون العقل بإمكانهم أن يسووا مشاكلهم بالهدوء ولا يحتاجون إلى أي تدخلات أخرى.
وتعد زيارة “شكري” بمثابة البلسم الذي يداوي الجراح، وخيراً فعل أن جاء في هذا الوقت الذي كادت أن تصل فيه التوترات مرحلة الغليان، وكثيراً ما نقول إن أبناء النيل مهما بلغت الخلافات والصراعات بينهم، ولكن من السهولة الوصول إلى تسوية للمشاكل بينهم، فوزير الخارجية المصري “سامح شكري” يعد من الدبلوماسيين القلائل الذين يتمتعون ببعد النظر، ويمتاز بالهدوء الذي يجسد فعلاً الدبلوماسية الناعمة أو الهادئة، وسبق أن التقينا به في زيارة سابقة لمصر ضمن وفد من الإعلاميين السودانيين، رحب بنا ترحيباً حاراً، وجلس معنا لأكثر من ساعة، وطالبنا أن نسأل في أي شيء ودون أي تحفظات، وأجاب على أسئلتنا بكل شفافية ووضوح، وها هو اليوم في الخرطوم في زيارة رسمية بين أشقائه السودانيين استطاع بهذه الزيارة أن ينزع فتيل الأزمة بهدوء، وأن يعيد الأمور إلى نصابها، وقد بادله أهل السودان بنفس الروح والشعور، وتم الاتفاق على ألا يكون هناك تصعيد من الجانبين، خاصة الإعلام، ونعلم تماماً أن الإعلام السوداني طوال الفترة الماضية لم ينجر إلى ما يقوم به الإعلام المصري من سب وشتم للسودان وأهله وحتى مسؤوليه، فهذه الزيارة محاولة للملمة الأمور بين الطرفين، وسيكون لها وقعها على الأقل لدى الإخوة المصريين الفترة القادمة، فالمصالح المشتركة بين البلدين تتطلب أن ينظر الجميع إلى ما هو أفيد بدلاً من تلك المشاحنات والاستفزازات، فمصر في حاجة إلى السودان، والسودان في حاجة إلى مصر، فكم من مواطن سوداني في مراحل العلاج بالقاهرة؟. وكم من مواطن مصري دعته الظروف للعمل بالسودان؟. وكم من تاجر مصري جاء إلى السودان ليبيع بضاعته بعد إقامة الطرق البرية، يجب أن ينظر المسؤولين في البلدين إلى مستقبل تلك الشعوب، وكذا الحال بالنسبة إلى الإعلام في البلدين، فيجب وقف الحملات الإعلامية التي يكثر ضررها من نفعها، فالعالم الآن يعيش على التكتلات والمصالح، فنحن أقرب إلى بعضنا البعض ولا تنافس بيننا حتى يؤدي إلى مثل هذا الصراع أو التوتر، وزيارة “شكري” إلى السودان سيكون لها ما بعدها، وسوف نلمس إيجابياتها وما أحدثته من تطور في العلاقات خلال الفترة القادمة، مع إغلاق لبؤر الخلاف والصراع والعمل على بناء الثقة من أجل مستقبل البلدين، وعندما نتحدث عن بناء الثقة نعلم تماماً أن الثقة هي التي ستزيل أي رواسب أو أي صراعات خفية، ومتى ما توفرت بين القيادات المسؤولة ستعالج بالحكمة، وما تم مناقشته بين وزيري الخارجية في البلدين بالتأكيد يصب في المصالح المشتركة وتأكيد لسيادة الدولتين، وأن هناك قواسم مشتركة بينهم، وليس هنالك ما يخيف، خاصة فيما يتعلق بالمعارضة أن كانت سودانية أو مصرية، وعدم دعم أي من البلدين لأي واحدة منهما، وهذا مبدأ ثابت تم التأكيد عليه، أما فيما يتعلق بمشكلة حلايب التي تثار في كل فترة أو هي سبب الصراع دائماً تركت لقيادة الدولتين وحلها فيما بينهم، عموماً أن زيارة “شكري” كانت ناجحة بكل المقاييس وسيكون لها أثر طيب الفترة القادمة.