المشهد السياسي
في السياسة أيضاً (المسامح كريم).. ولكن!!
موسى يعقوب
حظينا في الأيام القليلة الماضية بعمليتي عفو وإطلاق سراح من الحركة الشعبية (قطاع الشمال) والدولة السودانية برئاسة المشير “البشير”.. فأسرى أبو كرشولا الذين بلغ عددهم مائة وخمسة وعشرين من مختلف الرتب والانتماءات العسكرية والجهادية السودانية.. تم إطلاق سراحهم في أول بادرة من نوعها تصدر عن الحركة الشعبية (قطاع الشمال).. وكان الرد عليها بما هو أكبر وأسرع من قبل الدولة.
لقد كان قرار السيد الرئيس الأخير بإسقاط عقوبة الإعدام والعفو عن (259) من منسوبي حركات دارفور المسلحة المتهمين بالتورط في عدد من المعارك ومنها الهجوم على أم درمان في عام 2008 وكان من بينهم ستة وستون محكوماً بالإعدام.. كما صدر القرار بالعفو العام عن بقية المتهمين وعددهم مائة وثلاثة وتسعون فرداً.
العدد بحجمه المذكور (259) أكثر من ضعف عدد الأسرى الذين أطلق سراحهم من قبل (قطاع الشمال).. فقد كان رد التحية بأحسن منها.. الشيء الذي يرجى منه أن يتقدم أكثر إلى الأمام في ما يلي من الأيام.. والرئيس “سلفا كير” رئيس الحركة الشعبية (الأم) ورئيس دولة جنوب السودان يطلب هذه الأيام العفو والسماح من أهل الجنوب شعباً ومعارضة للخروج بنفسه عما انتهى إليه الحال في دولة الجنوب بعد ست سنوات قضاها الحال في عدم استقرار وهلاك للأنفس ومجاعة قضت على الملايين موتاً وتهجيراً ونزوحاً.
وجرياً على ذلك نقول للسيد “سلفا” نعم (المسامح كريم..!).. ولكن ماذا تقدمون له له يقوم بذلك الدور؟.. فأنت يا سيادة الرئيس “سلفا” الأولى بك أن تقوم بما ينبغي القيام به كما جاء في قرار الرئيس السوداني رداً على إطلاق سراح الأسرى الذي قدمه قطاع الشمال.
هناك الملايين من الذين زهقت أرواحهم حرباً وجوعاً من أجل البقاء في السلطة والانحياز للقبلية والعنصرية والآخر الذي كان السبب في كل ما جرى بعد رحيل القائد “جون قرنق دي مبيور”.. فالمطلوب منك وأنت تدعو إلى المسامحة والعفو أن تبادر بما يحقق ذلك من مصالحة وتعاون وتفاهم مع الآخر.. يبدأ بتنازل عن السلطة والجهوية والقبلية ويوحد الشعب في جنوب السودان ويخلق من العلاقات مع دول الجوار ومنها جمهورية السودان.. ما يجعل الاستقرار وتبادل المصالح والمنافع هو الطريق لمصلحة سائر الأطراف.
مبدأ (المسامح كريم) وقد صار برنامجاً فضائياً واسع المشاركة والمشاهدة ليس حكراً على العلاقات الاجتماعية وحدها.. وإنما السياسة أيضاً وقد ابتدرها من أشرنا إليهم في فاتحة المشهد السياسي اليوم.. والرئيس “سلفا كير ميارديت” ليس بعيداً عنهم وبعضهم ينتمي إليه مولداً وحصانة ورضاعة وهم (قطاع الشمال) وحركات دارفور المسلحة.. والعاقل من اهتدى بغيره.