رأي

مسالة مستعجلة

اختراق إزالة شجرة المسكيت مجاناً!!
نجل الدين ادم
توقفت في ذلك الاختراق الكبير الذي حدث بشأن واحدة من الهموم التي أرقت مضاجع الحكومة الاتحادية، وهي تدفع ملايين الدولار، من أجل مشروع مكافحة شجرة المسكيت في السودان واجتثاثها من باطن الأرض الصالحة للزراعة تماماً لما لها من أضرار بالغة على التربة. من مساوي الصدف أن هذه الشجرة التي أستوردها الرئيس الأسبق “جعفر نميري” لوقف حدة التصحر الذي ضرب البلاد في ثمانينيات القرن الماضي، بات اليوم (شوكة حوت لا بتنبلع ولا بتفوت)، كما يقول المثل، والشجرة تتوطن في أخصب أراضي السودان الزراعية، وهي منطقة القاش بولاية كسلا وامتدادها، وقد وقفت على ذلك خلال زيارتي لها مؤخراً، “فليس من رأى كمن سمع”.
 ظلت الحكومة تدفع الملايين من أجل مشروع الإبادة للشجرة، ولكنه الحال يعود كما هو بعد فترة ليست بطويلة، والشجرة تطل بعرقها الممتد وصفقها وثمرها، والسبب أن المعالجة لم تكن فاعلة والحل ليس بجذري، ولكن ما أقدمت عليه حكومة ولاية كسلا باتفاقها مع شركة (سنمار) طوَّع المستحيل، والشركة تحوِّل مهمة الإبادة المدفوعة القيمة من قبل الحكومة إلى استثمار لا تتقاضى مقابله مالاً، هذا ما حدث تحديداً، اتفقت حكومة الولاية مع الشركة على مشروع إزالة المسكيت، إزالة ليست كسابقاتها من الإزالات، بل إزالة نهائية، الاختراق كان في أن الشركة تقوم باقتلاع جذور الشجرة تماماً وتمضي إلى أبعد من ذلك، وهي تستخدم عيدانه لصناعة الفحم النباتي، وقصة النجاح كلها تكمن في هذا الفحم الذي لا يجد القبول عند المواطنين لأغراض الطبخ، ولكنه يجد القبول المنقطع النظير ممن هم خارج الحدود، حيث يطلبه الأوربيون ليدخل في واحدة من صناعات العصر المهمة، وهي الصناعات النووية تخيلوا، هل كان يخطر هذا الأمر على بال أحد؟.
هذه الميزة هي التي دفعت الشركة لقبول تحدي إبادة شجر المسكيت إلى غير رجعة دونما عائد مادي، لأنها كانت تنظر إلى ما هو أبعد.
التحية لهم على هذا الاختراق الكبير وهم يوفرون الملايين التي كانت تهدر من أجل هذا المشروع، والتحية لحكومة كسلا التي قادت زمام المبادرة، وهي تبحث في الحلول رغم علمها بأن المهمة اتحادية وهي فوق طاقتها، لكنها اختارت طريق البحث عن البدائل فكان البديل فاعلاً، والعائد أكبر، سيما أن حكومة الولاية تقاسم الشركة في جزء من الأرباح الناتجة من عمليات تصدر هذا الفحم الذي رفضه المواطن، ولكن قبله الأوربيون.
ما تم من جهد في هذا المشروع لهو كبير ومقدر، لأن الهم كان أكبر والتحدي كان أصعب، الحكومة تبحث عام تلو الآخر في توفير الميزانيات لهذا المشروع الحلم وتكون المحصلة العودة إلى مربع ظهور الشجرة.
ولكن ما تم أخيراً وضع حداً لعمليات العودة الاضطرارية للشجرة القاتلة، هذا الاختراق على كبره يستحق التقدير ويستحق من قاموا به التكريم، فليس أحق بنجمة الإنجاز على هذا العمل الكبير لهذه الشركة العجيبة، والولاية التي بحثت في دروب المعالجة النهائية. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية