غبوش جنوب الخرطوم .. حي خارج التغطية وفقر متقع وأمراض متفشية
الأمن منفرط والجريمة تمشي في الشارع والخريف يقطع السكان عن المدينة
مواطن : الفقر يحوِّل المنطقة لمكب للبضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية و(الحافظ الله)
تحقيق – آمال حسن
ارتفاع معدَّل الجريمة، من نهب وقتل، بمنطقة غبوش جنوب الخرطوم، الواقعة بمحلية أولياء، دفع (المجهر)، إلى اقتحام المنطقة. وبالفعل ذهبنا إليها، وأول ما غزا أنوفنا، وما زلنا في سيارة الصحيفة، رائحة كريهة، علمنا لاحقاً مصدرها مخلفات الخمور البلدية (المُشُك)، الذي يُعلف للأبقار، وقد أعتاد سكان المنطقة هذه الرائحة، وهي لا تعد شيئاً عندهم، مقارنة بنشاط بعض العصابات، التي تنشط في نهب الزائرين للمنطقة، وأحياناً لا تتوانى من قتل الضحية إذا قاوم.
(المجهر) غاصت في مجتمع غبوش، وخرجت بالآتي.
}خلفية ضرورية
قبل أن يرجع “يونس داوود سليمان”، عمدة المنطقة، نشاط العصابات إلى العطالة، مدنا بفذلكة تاريخية للمنطقة، قائلاً: إن المنطقة تأسست في 1996م، بالتعاون مع الجنوبيين، وهي تضم كافة قبائل السودان، لتكون فيما بعد مأوى للضعفاء والمساكين، خاصة بأطرافها، التي توفر بعض متطلبات الحياة الأساسية، ليذهب بعد ذلك الجنوبيون، إثر انفصالهم من السودان، في العام 2011م، ليتم في العام التالي، أي 2012م، تخطيط ربع المنطقة فقط، فيما توقف العمل في التخطيط. ورغم قِدَم المنطقة لا توجد خدمات، رغم مطالبتنا المتكررة للحكومة بتوفيرها، ليعود ويقول: إن هناك نسبة قليلة من المدارس، كانت مدعومة من قبل منظمات. ولكن الآن يعمل بعض أبناء وبنات المنطقة كمعلمين في المدارس الأساسية ورياض الأطفال.
}صبر مُر
ويشدد محدثنا على إنهم ينتظرون إكمال بقية تخطيط المنطقة، خاصة وأن الحكومة وعدتهم بإكمالها في العام المقبل، قاطعاً بعدم قدرتهم الخروج للشارع للمطالبة بحقوقهم، وقال: (قاعدين صابرين)، مؤكداً أنهم مظلومون من قبل الحكومة، خاصة أن نظرنا إلى انعدام أي نافذة علاجية في المنطقة رغم الكثافة السكانية، فضلاً عن انعدام مركز شرطة.
وشكا من ابتعاد أقرب المستشفيات إليهم، وهما: بشائر بحي مايو والتركي بالكلاكلة. قاطعاً بعدم قدرة أي فرد، يقطن في المنطقة، مالياً، للذهاب إلى العيادات الخارجية. وأضاف شكوى جديدة، وهي عدم تنسيق الأسواق في المنطقة، وجزم بعدم زيارة أي من الضباط الإداريين للأسواق، الأمر الذي جعل المنطقة تكون مكباً للبضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية، مؤكداً أنهم يتناولونها و(الحافظ الله).
ويشدد “داوود” في حديثه لنا على أن وجود نسبة مهولة من الفاقد التربوي في المنطقة، منتشرين في الشوارع، بات يشكِّل أكبر مشكلة بالنسبة لهم، لتتعاظم المشكلة حينما يكبر الشخص، الفاقد التربوي، وهو أميِّ، مما يعني أنه لن يجد عملاً، عازياً الانفلات الأمني إلى عدم التعليم. وقال: (كل يوم نسمع بأحداث عجيبة في الشارع، وكل هذه الإشكالات لعدم التعليم بجانب الضغوط النفسية). وأضاف في حسرة، بعد مطالبته الحكومة بتوفير الخدمات لهم: (لا نستطيع عمل شيء لهم).
}موطن للأمراض
ومما يزيد الطين بلة، بحسب محدثي، عدم وجود مصارف في المنطقة، لتصريف مياه الأمطار، شاكياً: (في الغالب شهر نكون غارقين في مياه الخريف، حيث ينقطع الناس لأيام في حال الأمطار الكثيفة، ولا أحد يأتي لرش المياه أو حتى يسألنا).
قبل أن نغادر المنطقة المخيفة التقينا بنائب العمدة “خميس آدم عبد الله”، الذي قال: إن المنطقة تنتشر فيها الأمراض، خاصة السل والكوليرا. وأكد تعرُّض بعض أبناء المنطقة، عند عودتهم من عملهم ليلاً، إلى نهب، رغم أنهم من المنطقة وأن العصابات الناشطة في النهب من أبناء المنطقة.
أما الشارع العام فإن النفايات تغطي الحي، حيث تنتشر المباني العشوائية خاصة المصنوعة من الخيش، وتكون المنطقة ملاذاً للمجرمين، حيث لا توجد نقطة شرطة أو وجود حكومي رسمي يوقف حالة الفوضى.