حوارات

نجم التوالي السياسي.. "النور جادين" .. في حوار الأسرار لـ (المجهر)

•    لم يكن انتمائي لحزب الأمة انتماءً منظماً
•    قرار تسجيل الحزب في التوالي السياسي أذهلت آل “المهدي” وأدهشت المؤتمر الوطني
•    “مبارك المهدي” سياسي واقعي .. حان الوقت ليأخذ فرصته في رئاسة الحزب
•    الوطني لم يقدم لي أي دعم مالي مما دفعني لتسليم الحزب لـ”مبارك”
•    نشاطي بالوطني مجمد منذ (8) سنوات.. ولا اتصالات بيننا
حوار: عماد الحلاوي
في بناية عالية بالركن الشمالي الغربي لميدان الشهداء بأم درمان يتخذ الدكتور “النور جادين” مكتباً له.. يمارس فيه مهنته المحببة له (العلاقات العامة والإعلام)..ويتواصل فيه مع طلابه بالجامعات..عبر بوابة مركز (النور جادين للدراسات والبحوث).. بعد أن ابتعد عن العمل السياسي.
“النور جادين” الأستاذ الجامعي الذي أثار في نهاية التسعينيات ضجة عادلت وقتها ضجة مصطلح التوالي السياسي نفسه، والذي قام “النور” بكل جرأة بتسجيل حزب الأمة في منظومته في غفلة من السيد “الصادق المهدي” والذين معه.
ولم تمض سوى أشهر على تسجيل الحزب، أبعد الأستاذ الجامعي عن دائرة الضوء وقذف به إلى ولاية النيل الأبيض ليبقى (10) سنوات كانت كافية لخفت بريقه.
الدكتور “جادين” الآن بعيد كل البعد عن أي نشاط سياسي..يمارس مهنة التدريس بالجامعات فقط.
(المجهر) جلست إليه في حوار الأسرار أدناه:
•    دكتور “النور”.. ذكرنا بنفسك؟
–    اسمي النور “عبدالله جادين”من مواليد مدينة كوستي (1-أكتوبر 1958م)…نشأت وترعرعت هناك… ودرست كل مراحلي التعليمية الأولية والثانوية بها…واسمي الإعلامي “النور جادين”.
•    علاقتك بالإعلام جات من وين؟
–    درست الإعلام بجامعة أسيوط بمصر (80-1984م) وبعد تخرجي عملت بالإسكندرية حتى قيام الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس “نميري”.
–    عدت إلى السودان وأقمت مع أخي “عوض عبدالله جادين” بحي أبو روف، وفي أول يوم لوصولي ذهبت مع أخي إلى السيد “الصادق المهدي” في منزله، ووجدناهم يبحثون عن كادر إعلامي، وقال لي: (ما عدنا جريدة.. عاوزين ناس جريدة).. فقمنا بتأسيس الجريدة (صوت الأمة) أنا وزميلي “محمد دفع الله” و”إدريس البنا” الذي عين في البداية رئيساً للتحرير.
•    هل كانت هذه أول مرة تلتقي “الصادق المهدي”؟
–    نعم
•    ثم ماذا بعد ذلك؟
–    بعد أن قمنا بتصميم العدد (زيرو) من الجريدة قام السيد “الصادق المهدي” بتعيين الأستاذ “سيد أحمد خليفة” رئيساً للتحرير.
•    “سيد أحمد الخليفة” هل كان من كوادر حزب الأمة؟
–    لا.. اتحادي ديمقراطي، ولكنه كان معجباً بالسيد “الصادق المهدي”. مؤمن به كقائد من طراز فريد..وعند اختياره قال للسيد “الصادق” أنه سيعمل لفترة فقط.
•      لكنه ترشح عن دوائر حزب الأمة (الدائرة 27-أ- الصحافة وجبرة) في الديمقراطية الثالثة؟
–    “سيد أحمد الخليفة” جمع الأحزاب في دائرة  الصحافة وجبرة التي أسقط فيها الدكتور “الترابي”، بعد أن توحدت الأحزاب (التجمع الوطني) وتنازلت لمرشح الحزب الاتحادي ليسقط “الترابي”.
•    متى بدأ انتماءك لحزب الأمة؟
–    انتمائي لحزب الأمة لم يكن انتماءً منظماً.. نحن في منطقة النيل الأبيض بحكم تكويننا (أنصار) وفي منزلنا التراث والثقافة المهدوية حاضرة (الراتب والكوكاب)… فوالدي أسماني على الأمير “النور عنقرة” وكان كثيراً ما يزكيني بهذا المدح.
“النور عنقرة” … جرعة عقود السم
جلدو من الرصاص الليلة ما بنشم
وكت شاف الحرابة قعد يتبسم
•    يعني ذلك أنك لم تكن في يوم ما، عضواً منتظماً في حزب الأمة؟
–    بصورة عامة حزب الأمة ليس له عضوية منظمة تحمل بطاقات انتماء، وليس له عمل سري حتى الآن .. وهو حزب تقليدي يكون الولاء فيه للزعيم والطائفة.. إذا قال الزعيم (يمين.. يمين، شمال.. شمال).
–    وأيام الجامعة بمصر كان هناك عدداً كبيراً من أولاد قيادات الأنصار وحزب الأمة مثل “غازي السر” و”صلاح جلال” ولكن لم تكن هناك أي علاقة تجمع بين شتاتهم.
–    ممارسات عهد “نميري” دفعتني إلى الميل والتعاطف مع المعارضة بسبب القمع وعدم الحريات والغلاء.. الأمر الذي دفعني للبقاء بمصر بعد التخرج والعمل هناك.
•    ولكن كانت لك أيضاً ملاحظات على حزب الأمة ؟
–    لم أكن في يوم ما، في هياكل الحزب، ولكن كانت لي ملاحظات، ففي مرة أتت منح للدراسة في ليبيا، كل أولاد الأنصار سجلوا ليها، وبعد التصفية نال الفرص   المحاسيب والمقربين من آل المهدي، كما أن جميع القيادات كانت مترفعة على القواعد.. وذات مرة أتى أحد القيادات الداعمة للحزب في جنوب كردفان فلم يجد الترحيب اللائق  من آل “المهدي”.  
•    الليلة التي سبقت تسجيلك لحزب الأمة في منظومة التوالي السياسي مع من كنت؟
–    فكرة تسجيل حزب الأمة فكرة خاصة بي وحدي.. رغم أن الكثيرين غير مصدقين.. فعندما كنت أسكن في شقة بالقرب من مطعم (دودي) بأم درمان. بالليل أتتني الفكرة، وفي الصباح اتصلت بمكتب التوالي السياسي،ورد عليَّ الزميل الصحفي “جمال عبد القادر البدوي” (مدير مكتب المسجل) واستشرته في الموضوع وقال لي: ( مالو … تعال طوالي سجل).. فذكاء الدكتور “الترابي” جعل التسجيل في منظومة التوالي السياسي ليس لديه شروط  سوى إخطار المسجل، فلا رسوم ولا تعقيدات.
–    فذهبت إلى ميدان الشهداء وقمت بإيجار حافلة (هايس) وذهبت بها إلى قبة المهدي.. حيث يوجد هناك عدداً كبيراً من الأنصار جاهزين لقراءة الراتب في أي بيت بكاء متى ما طلب منهم ذلك.
–    وقلت لهم : ( عندي راتب.. أرح كم معاي)…فركبوا معي وذهبنا إلى مكتب مسجل أحزاب التوالي السياسي وقمنا بالتسجيل ليضج الإعلام ..(أستاذ جامعي يسجل حزب الأمة).
•    ثم ماذا بعد ذلك؟
–    بعد التسجيل كان مطلوب منا خلال شهر تقديم قائمة المؤسسين، حوالي (200) شخص..وبدأت في جمع الناس …أولاً ذهبت إلى أبناء الإمام “الهادي المهدي” وقابلت “بخيتة” وأخواتها، وزوجة الدكتور “الصادق الهادي”. ولكن كل آل “المهدي” أربكوا بالخطوة، فرفضوا التسجيل معي خوفاً من “الصادق المهدي” أو خوفاً من ذهاب حزب الأمة إلى خارج آل “المهدي”… كانوا كلهم مرتبكين وعلى رأسهم “الشريف التهامي”.
•    ولكن هناك من وقف معك من آل “المهدي”؟
–    نعم، أولاد الخليفة “يعقوب” بالعباسية أم درمان، و”تاج الدين المهدي” و”علي عثمان يحيى الخليفة”، والدكتور “محمد الأمين البصير”.. والشخص الوحيد الذي كان مؤيداً لي تأييداً شديداً من قيادات حزب الأمة، “محمد داوود الخليفة” ولكنه لم يسجل معي في قائمة المؤسسين رغم أننا كنا نجتمع بمنزله.
•    كيف تم اختيارك رئيساً للحزب؟
–    بعد تسجيل الحزب وإكمال قائمة المؤسسين انعقد المؤتمر العام للحزب وفيه تم اختياري رئيساً للحزب و”علي عثمان الخليفة” نائباً للرئيس.
•    وأين المؤتمر الوطني من كل ذلك؟
–    ناس المؤتمر الوطني لم يكونوا ورائي …(هم جروا لحقوني في كبري النيل الأبيض … وقاموا وقفوا الحافلة الكنت ماشي بيها مكتب مسجل التوالي السياسي… وسألوني : صحيح أنت ماشي تسجل حزب الأمة؟ قلت ليهم : أيوه… قالوا لي: على بركة الله…).
–    وبعد التسجيل استدعاني الدكتور “مجذوب الخليفة” وكان وقتها والي الخرطوم … وسألنى: دا شنو القمت بيهو دا ؟… الدفعك منو ؟…ومنو قال ليك سجلو؟
–    كان ناس المؤتمر الوطني مشككين أنو “الصادق المهدي” دفعني للتسجيل وحجز مقعد حزب الأمة.. فالمؤتمر الوطني كان متوقع واحد من آل “المهدي” يسجل حزب الأمة خاصة من قبل من هم على خلاف مع “الصادق المهدي”.
•    لكن الوطني اهتم بك بعد التسجيل؟
–    للحقيقة والتاريخ.. المؤتمر الوطني لم يقدم لي أي دعم مادي سوى المساهمة في إيجار دار الحزب بالمهندسين بأم درمان.. فنحن لا نملك إمكانات مالية للصرف على الحزب ودعم أنشطته الأمر الذي دفعني إلى تسليم الحزب إلى “مبارك الفاضل” لاحقاً.
–    ومن الطرائف دخل عليَّ مرة أحد الأنصار الذين يعملون معي بدار الحزب.. وطلب مني فلوساً.. وعندما اعتذرت له وكنت أطلع على الصحف.. قال لي :(هسي وكت ما عندك قروش مشتري (12) جريدة لي شنو ؟ أنت “الصادق المهدي)؟.
•    دكتور “جادين”.. قبل تسجيل حزب الأمة في 1999م أين كنت؟
–      في أكتوبر 1988م ذهبت في منحة لنيل درجة الماجستير بالمغرب، وناقشت رسالتي في أكتوبر 1990م، وبعدها ذهبت إلى الجزائر وسجلت لنيل درجة الدكتوراة وأقمت بها لمدة عام زامنت فيها أحداث سياسية كثيرة.
–    عدت إلى السودان عام 1992م  وبدأت التدريس الجامعي بكلية الآداب – جامعة الخرطوم- قسم الإعلام، مع الدكتور “الطيب حاج عطية”.
–    وفي العام 1993م أسست مع آخرين كلية الإعلام بجامعة السودان، وعملت في ذلك الوقت أيضاً سكرتيراً لصحيفة (الشمالية) الناطقة باسم الولاية الشمالية الكبرى والتي كان يرأس تحريرها الدكتور “محي الدين تيتاوي”.
–    وفي عام 1995م عملت أستاذاً للإعلام بكلية شرق النيل.
•    أحكي لنا عن فترة عملك بالنيل الأبيض؟
–    في العام 2001م، عينت من قبل رئيس الجمهورية مستشاراً سياسياً بولاية النيل الأبيض بدرجة وزير، وظللت بها لمدة (10) سنوات زامنت فيها (4) ولاة هم : “عبد الرحمن نور الدين”- “مجذوب يوسف بابكر”- “نور الله التجانى”-“يوسف الشنبلي”… وأثناء عملي هناك نلت درجة الدكتوراة من جامعة أم درمان الإسلامية 2008م.
•    وبعد ذلك؟
–    عدت للتدريس بالجامعة، والآن أنا عميد كلية الإعلام بجامعة المشرق وأستاذ الصحافة بجامعة السودان للعلوم. والتكنولوجيا .. كما أسست مركز (النور جادين) للدراسات والتدريب الإعلامي بالشهداء بأم درمان.
•    يعني ذلك أنك بعد انتهاء عملك بالنيل الأبيض خرجت من العمل السياسي؟
–    أنا أكاديمي فقط الآن.. أدرِّس بجامعتي المشرق والسودان.. أنا أقرب إلى المفكر السياسي من الناشط السياسي.. ونشاطي بالمؤتمر الوطني شبه مجمد، ولي (8) سنوات لم اتصل بأجهزة المؤتمر الوطني ولم يتصل بي أحد.
•    علاقتك بالصحافة؟
–    لا تزال لي كتابات غير راتبة في الكثير من الصحف.. وافتخر بأنني كنت من كتاب صحيفة (المجهر السياسي) الناجحة.
•    وعشقك للعلاقات العامة؟
–    منذ التحاقي بكلية الإعلام عشقت مادة العلاقات العامة.. وعملت على تدريسها بالجامعات (23) سنة، وخلاصة ذلك كتابي (العلاقات العامة الحديثة- مجالاتها ومستقبلها في السودان).. كما أن مركز (النور جادين) متخصص في العلاقات العامة.. فالعلاقات العامة مهنة مهملة وحتى اتحاد العلاقات العامة لا دور له.
•    هل لك كتب أخرى؟
–    نعم ثلاثة كتب هي: (رحلة إلى إيران) وكتاب (الاتصال في الحضارات السودانية) وهو رسالتي لنيل درجة الدكتوراة، وكتاب (علاقة السياسة بالوعي السياسي)، وهذا قمت بتأليفه إبان إقامتي بالجزائر.
•    ويبقى السؤال الأهم..أين حزبك (حزب الأمة) الآن؟
–    في عام 2003م استدعاني الدكتور “نافع علي نافع” إلى مكتبه، وقال لي: إن “مبارك” يريد أن يشارك في الحكومة. وقال: إن مشكلته الأساسية هي حزبك.
–    وبعد التشاور مع أخواني قيادات الحزب كان أمامنا (3) خيارات هي: أما أن نرفض تسليم الحزب لـ”مبارك”..أو نخليه له ونمشى بيوتنا، أو نضم للمؤتمر الوطني.. واخترنا الخيار الأخير، والآن الحزب الذي سجلته انشقت منه (6) أحزاب أمة.
•    كيف تنظر إلى “مبارك الفاضل” الآن؟
–    “مبارك المهدي” سياسي واقعي … لذلك نجده الآن أقرب إلى المؤتمر الوطني من “الصادق المهدي”.. وحان الوقت لـ”الصادق” أن يمنحه فرصة لرئاسة الحزب.. فمستقبل الحزب ليس في يد “الصادق” … و”مبارك” هو رجل المرحلة.

                                          

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية