تقارير

‫هل تحدث وحدة بين الوطني والشعبي؟‬

‫حديث الرئيس يثير أشواق الإسلاميين
‫الخرطوم – محمد جمال قندول‬
‫وضع رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” النقاط على الحروف خلال حواره الاستثنائي مع الإعلامي “حسين خوجلي”، والذي بث على أكثر من (60) محطة فضائية وإذاعية مساء أمس الأول، اللقاء الذي استمر زهاء الساعة ونصف، تحدث فيه الرئيس بطلاقة وأريحية بالغة، واستطاع الإجابة على الأسئلة بمرونة كبيرة، ودلف إلى الكثير من القضايا، فتحدث باستفاضة عن راهن الحوار الوطني وخواتيمه بالوثيقة الوطنية، وتحدث عن معاش واقتصاد الناس. وأبحر في الإدلاء بآراء جريئة عن موقفه من الشيوعيين وأحزاب اليسار، واستفاض في الحديث عن رمزية الشيخ “الترابي” وعلاقته به، فكشف الكثير من الأسرار لأول مرة‬
‫خاصة، وصايا “الترابي” له قبل وفاته وأمنياته بجمع شتات الإسلاميين، بالإضافة إلى تاريخه مع التيار الإسلامي، حديث الرئيس كان شيقاً، ولكن حديثه عن وحدة الإسلاميين أعاد الحديث مجدداً عن هذا الأمر، إلى دائرة الضوء خاصة، وأنها كانت مجالاً للنقاش، وأفردت الصحف في أوقات سابقة الكثير من التحليلات عن إمكانية وحدة الإسلاميين (الوطني، والشعبي)، بعد انقسامهما بعد المفاصلة الشهيرة في رمضان 99‬19م.
‫مخرجات الحوار الوطني‬
‫ويبدو أن وحدة الإسلاميين أخذت مساراً آخر وتحوَّلت من أشواق وأمنيات مشروعة إلى حقيقة، قد تحدث، وأن (المستحيل) تلاشى كمفردة في حالة الافتراق بين الحزبيين، إذا ما أخذت في عين الاعتبار التوافق التام بين الشعبي والوطني مؤخراً، في الخط السياسي من خلال الاتفاق التام على مخرجات الحوار الوطني، بالإضافة إلى خطاب الأمين العام للشعبي “إبراهيم السنوسي” نفسه، خلال حديثه للجماهير التي احتشدت بالساحة الخضراء في احتفال ولاية الخرطوم بالوثيقة الوطنية، حيث لوحظ استخدامه لمفردة (الإنقاذ) في أكثر من مرة وكأنه يشير إلى أن  ثمة تحولات قادمة.  ‬
‫الرئيس خلال إفاداته قال: “حسن الترابي” -رحمه الله- هو شيخنا، بالإضافة إلى أنه من بنى الحركة الإسلامية وحوَّلها من مجموعة طلاب ومثقفين إلى حركة جماهيرية حتى أصبحت دولة.‬
‫”البشير” أيضاً تحدث عن رمزية “الترابي” التاريخية لدى الإسلاميين. وقال، كان يخاطبه بـ(شيخنا)، وأن التواصل بينهما لم ينقطع، وأنه قد التقاه عقب المفاصلة بيومين في إحدى الوفيات بمقابر بري، وبادر هو بالسلام عليه، وأردف بالقول :” أنا كنت بدعو ليهو باستمرار ربنا يديهو حسن الخاتمة ويغفر ليهو “، واعترف أن اللقاءات التي تمت بينه وبين الراحل كانت كثيفة، وكان له رأي واضح أنه على وشك الرحيل، وأنه يتمنى أن يتوحد الأخوان، وأضاف أنه كان يتمنى أن يكمل مشوار الحوار الوطني، ولكن قدر الله كان أسرع. ‬
‫تقارب بين الوطني والشعبي‬
‫القيادي الإسلامي العميد (م) “صلاح كرار” أشار إلى إمكانية حدوث تحالفات بين الشعبي والوطني، ولكنه استبعد في ذات الوقت اندماج أو وحدة كاملة على الأقل في الوقت الراهن. وأضاف خلال حديثه لـ(المجهر) أنه إلى أن تنتهي الفترة الانتقالية التي تعقب الحوار والمضي نحو انتخابات حرة نزيهة تحدد أوزان الشعبي والوطني الحقيقية، فإنه لا يتوقع أي وحدة‬ بينهما.
‫كرار اعترف أن هنالك تقارباً كبيراً حدث بين الإسلاميين بشقيهم الشعبي والوطني خلال الفترة الأخيرة، ولكنه في ذات الوقت يرى أن الأمر يتطلب زمناً كبيراً، وأن الوحدة قد تخلق مشاكل ومعارضة خاصة، وأنها ستعني التضحية بقيادات كبيرة من الحزبين في سبيل الوحدة‬.
‫وفي ذات السياق قال نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني “عبد الملك البرير” لــ(المجهر): إن الاجتماعات التي ذكرها رئيس الجمهورية مع الشيخ “الترابي” كانت اجتماعات خاصة، ولكن فيما يتعلق بالقطاع السياسي لم يعرض عليه أمر الوحدة كبند نوقش أو تم الإدلاء فيه بأي تعليق.‬
‫ولكن الخبير السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” يقول في معرض إفاداته لــ(المجهر): إن الرأي العام والمتمثل في القواعد بين الحزبين يحبذ الوحدة، ولكن معرفة آراء القيادات العليا بأنها مع الوحدة أو ضدها، فهذا شيء غير معلوم حتى الآن‬.
‫”الساعوري” أشار إلى أن أبرز نقطة آثارها رئيس الجمهورية خلال حواره مع “حسين خوجلي” كان حديثه أن القيادات القديمة ستذهب، مما يعني أن المستقبل للشباب. وفي هذه الحالة الشباب هم أقرب للوحدة من شيوخ الإسلاميين‬.
‫البروفيسور “حسن” أيضاً أشار إلى أنه حال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بالصورة الموضوعة لها سيجد أعضاء الوطني والشعبي أنفسهم متفقين ومجبرين على وحدة، خاصة وأن أجواء المناخ الديمقراطي ستؤدي إلى تحالف الأحزاب الأخرى مما قد يشكل خطراً عليها ويجعلها تتوحد.‬
‫وبحسب الخبراء فإن حديث رئيس الجمهورية والذي وصف بالمرتب كانت له مدلولات كثيرة أهمها أن هنالك بوادر حقيقية لقيام وحدة دون تحديد سقف زمني لتنفيذها إلى أرض الواقع، ويشير الخبراء إلى أن خطوة اندفاع الشعبي قبل عامين حينما أطلق رئيس الجمهورية خطاب الوثبة وحضره الترابي وأمَّن على مسار الحوار أثار الكثير من الغبار حول  طبيعة العلاقة بين الشعبي والوطني. وأحدث تقارباً كبيراً كان سيفضي إلى تحالف أو وحدة حال بقي الشيخ الراحل على قيد الحياة، بالإضافة إلى أن الوحدة شكلت حلماً يراود الشيخ، ولعل مصفوفة النظام الخالف، التي لم تخرج بعد إلى العلن وأعدها الراحل كانت تستند على وحدة الإسلاميين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية