المؤتمر العام للحوار الوطني .. كواليس ما قبل الانطلاق ..
مشاركات خارجية واسعة .. ومفاجآت مرتقبة خلال الأيام القادمة
حل الحكومة وتشكيل حكومة وفاق قومية واسعة في غضون شهر
الخرطوم- محمد جمال قندول
أيام قليلة تفصلنا عن انعقاد المؤتمر العام للحوار الوطني في العاشر من أكتوبر القادم والذي سيفضي إلى تحولات سياسية كبيرة، سيكون لها ما بعدها على ضوء تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تم الاتفاق عليها بعد إجازة مخرجات الحوار، والتغييرات المرتقبة على صعيد السلطة التنفيذية والتشريعية. وسيعتبر تاريخ العاشر بداية مرحلة جديدة تؤسس لمشاركة كافة الأطراف في مستقبل السودان، وتجئ هذه التحولات بعد ترقب دام طويلاً وبالتحديد منذ اللقاء الذي عرف بلقاء (الوثبة) قبل عامين أو يزيد وقد دعا فيه رئيس الجمهورية إلى حوار وطني شامل يعد الأول منذ استقلال السودان .
ومنذ لقاء الوثبة الذي أمن فيه “البشير” على الحوار بمساراته الـ(3) والمتمثلة في الحوار الوطني السياسي والحوار المجتمعي وإصلاح الدولة، يعيش الكل على أمل أن يحدث تغيير حقيقي. ومرت الكثير من المياه تحت الجسر منذ ما يسمى بلقاء المائدة المستديرة أو (الوثبة) وحدثت يومها الكثير من المفاجآت التي غيرت من شكل الواقع السياسي، وبعد أقل من (12) يوماً سينعقد المؤتمر العام للحوار الوطني الذي سيلتئم بقاعة الصداقة بحضور دولي وإقليمي ومحلي كبير، يجري الاستعداد له على درجة عالية وباهتمام مباشر من رئاسة الجمهورية. وينتظر السودانيون الكثير من هذا الحوار ويتبادر إلى الذهن الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابات ولعل أبرزها .. هل يأتي مؤتمر الحوار بمفاجآت كما بدأ ؟.. وما هي التوقعات المترتبة عليه .. ومن هم الذين سيحضرون. وفي هذا المساحة نحاول أن نجيب على هذه التساؤلات.
نقطة البداية
مفاجآت الحوار كانت حينها مشاركة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الراحل د.”حسن الترابي” في لقاء (الوثبة) بعد فترة قطيعة طويلة مع الحزب الحاكم – المؤتمر الوطني، ومنذ دخوله في ذلك اليوم إلى قاعة الصداقة اتجهت عدسات وفلاشات الكاميرات صوب الرجل الذي كان يحظى باحترام عند الإسلاميين كيف لا وهو عرابهم، فمشاركة الرجل وجدت اهتماماً كبيراً وعالي المستوى، وتحول موقفه من معارض شرس إلى داعٍ للحوار في حد ذاته أكسب مبادرة رئيس الجمهورية تأييداً لا سيما من أنصار “الترابي” في ذلك الوقت. ويعلم الجميع بأن الرجل أهمل صحته ولم يغادر البلاد بحثاً عن العلاج بعد أن طلب منه الأطباء بدولة قطر بضرورة الراحة والعلاج وإجراء عملية في القلب، لكنه رفض ذلك، من أجل انشغاله وهمومه بالحوار الوطني ومخرجاته.
وأيضاً لا ننسى بأن الحوار جمع شمل “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي أحد أكبر الأحزاب الطائفية بالبلاد في تلك الفترة مع الحكومة، وشارك وكان من أهم عرابي الحوار قبل أن يعتقل ويزج به بالسجن على خلفية إساءات أطلقها بحق قوات الدعم السريع حسب ما قالت الحكومة وقتها أعقبه بعدها إطلاق سراحه وغادر الخرطوم حينها مغاضباً ولم يعد حتى اليوم، ووقع مع تشكيل من قوات المعارضة وثيقة (نداء السودان)، بالإضافة إلى أن الحوار الوطني حظي بمباركة رئيس الحزب الاتحادي مولانا “محمد عثمان الميرغني”، وأحد شركاء المؤتمر الوطني بالحكم والذي يظل حتى يومنا هذا من الداعمين للحوار .
مشاركة “الترابي” و”المهدي” ودعم “الميرغني” من خارج الحدود للحوار الذي تعذرت مشاركته وقتها بالإضافة إلى التحاق عدد كبير من الحركات المسلحة، أكسبت الحوار بعداً كبيراً، كيف لا و”المهدي” و”الميرغني” يمثلان رئيسي أكبر الأحزاب الطائفية بالبلاد، متمثلة في الختمية والأنصار أضف إلى ذلك “الترابي” الذي يعد عراب الإنقاذ والإسلاميين .
ترتيبات الحوار
وبحسب مصادر تحدثت لـ(المجهر) فإن الأمانة العامة للحوار الوطني تقدمت بمقترح لرئاسة الجمهورية بأن تكون فعالية المؤتمر العام على يومين، تبدأ من العاشر وتختتم في الحادي عشر منه بواقع جلستين افتتاحية وختامية، وأيضاً هنالك مقترح بأن يكون يوماً واحداً بواقع جلستين، وأنه حتى اللحظة لم تفرغ اللجنة الرئيسة للمؤتمر العام من البرنامج الذي من المتوقع أن يكون قد يحسم بصورة قاطعة يوم (الأحد) القادم.
وأضافت ذات المصادر بأن الحضور سيكون على مستوى إقليمي حيث قدمت الدعوة لرؤساء دول قطر وتشاد والسعودية وعدد من الدول العربية مع تأكيدها على حضور عربي رفيع، وأضافت المصادر بأن هنالك ستجري احتفالات مصاحبة لفعالية المؤتمر العام بأماكن متفرقة منها الساحة الخضراء مع حضور إعلامي خارجي كبير.
وأضافت المصادر بأنه سيجري حل الحكومة وتشكيل حكومة وفاق قومية ولن يتجاوز ذلك أكثر من شهر عقب مؤتمر الحوار مع استبعاد كلي لمناصب النواب والمساعدين حال تم التوافق بصورة كلية على صيغة رئيس وزراء، وتوقعت المصادر ذاتها دخول عدد من الشخصيات إلى القصر وتوسيع قاعدة المشاركة مع المؤتمر الوطني من خلال زيادة المؤسسات الحكومية والوزارات، وتوسيع أعداد مقاعد البرلمان وظهور شخصيات جديدة لساحة العمل عبر وزارات من أحزاب مختلفة.
وأضافت المصادر أن المؤتمر العام سيحظى برقابة أمنية شديدة نسبة لأهمية الحدث بالإضافة إلى استضافة عدد من الوفود وكبار الشخصيات مع الترتيبات الجارية الآن، للفراغ من مسألة تجهيز الإقامة لزوار البلاد المرتقبين خلال العرس الوطني المرتقب.
تكيف الوطني مع الوضع الجديد
المؤتمر الوطني بدوره ورغم أن الانتخابات الأخيرة أهلته لأن يشكل الحكومة وفق ما يشاء، إلا أنه بات يستعد ويتكيف على فسح بعض الفرص من حصته لدخول أحزاب وقوى سياسية جديدة لساحة الملعب. ويبدو أنه أكثر حرصاً من غيره على أن يكتمل الحوار بصورة جيدة وهو ما ذهب إليه الأمين السياسي “حامد ممتاز” قبل أيام، ملمحاً إلى إمكانية استيعاب القوى السياسية الأخرى بالحكومة ومن قبله مساعد رئيس الجمهورية – نائب رئيس الحزب المهندس “إبراهيم محمود”، حينما أكد في أكثر من سانحة بأن السلام سيتحقق والحوار سينجح حتى ولو تطلب الأمر زيادة مقاعد الوزراء أو الدستوريين، بجانب التأكيدات الداعمة من كبار قادة (الوطني) للحوار بحسبانه الورقة الأخيرة لحل مشاكل السودان والمتمثلة في الكثير من نواحي الحياة.
وأمس الأول (الاثنين) حث القطاع الفئوي بالمؤتمر الوطني في اجتماعه برئاسة “جمال محمود” رئيس القطاع، على إسهام أمانات القطاع المتمثلة في الشباب والطلاب والمرأة في دفع جهود الحزب لإنجاح الحوار الوطني وتحقيق أهدافه .
“المهدي” والعائدون
ويبدو أن الإمام “الصادق المهدي” كما عودنا دائماً سيظل يحدث المفاجآت وسيكون من الحاضرين لمؤتمر الحوار الوطني بالعاشر من أكتوبر المقبل، ووفقاً لمصادر تحدثت لـ(المجهر) من العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” حيث مقر ورشة مكونات نداء السودان، فإن “الصادق” قد حسم أمره بالحضور والمشاركة في مؤتمر الحوار وأن الورشة الحالية ستفضي إلى مفاجآت، ستعلن خلال أيام قليلة قادمة بحضور الإمام إلى الخرطوم، للمشاركة بمؤتمر الحوار من عدمه والخيار الأول هو الأرجح .
ورغم نفي القيادي بالمؤتمر السوداني “أبو بكر يوسف” في أكثر من سانحة عن الورشة الحالية متلخصة فقط في نقاش خارطة الطريق والتفاوض مع الحكومة، وأن لا علاقة لها بالحوار الوطني، فإن المصادر التي تحدثت لـ(المجهر) أكدت بأن الورشة هي عبارة عن تمويه، وأن الهدف الرئيسي من الاجتماعات الجارية حالياً بأديس أبابا هي حسم المشاركة من عدمها خلال أيام قليلة، وأن “المهدي” في حال إصرار مكونات نداء السودان على عدم المشاركة، فإنه سيأتي مباشرة إلى الخرطوم للمشاركة بمؤتمر الحوار.
وبحسب المصادر فإن “الصادق” أكد لمقربين منه على ضرورة المشاركة بالمؤتمر العام خاصة وأنه يرى نفسه، بأنه أحد عرابي هذا الحوار، بجانب أنه يعتقد بأن مهمته خارج السودان اكتملت بكل مساراته.
وما يعضض مشاركة “الصادق” حديثه قبل فترة على أن مخرجات الحوار أجابت على كل احتياجات المعارضين والمؤتمر الوطني خلال الأيام الماضية، ورد التحية حينما أكد على لسان الأمين السياسي “حامد ممتاز” أنهم حريصون على مشاركة “الصادق المهدي” خلال المرحلة السياسية المقبلة. ومن غير المستبعد أن يشارك “الصادق” في مرحلة المخرجات وإجازة الوثيقة الوطنية ويدخل في الحكومة الوطنية، أكد أيضاً على إمكانية التحاق جماعات معارضة في مرحلة التوصيات ويصبح هذا الخيار راجحاً على خلفية الاتفاق الذي حدث هذه الأيام على منصب رئيس الوزراء، وهو ما يتناسب مع إمكانيات “المهدي” بخبرته لسنوات طويلة فاقت الـ(50) عاماً في معترك السياسة.
“الميرغني” حريص على المشاركة
كل شيء وراد حتى الثواني الأخيرة قبل بدء فعاليات المؤتمر العام، جملة ابتدر بها مسوؤل حكومي رفيع فضل حجب اسمه، وقال بثقة كبيرة لـ(المجهر) بأنه لا يستبعد رؤية قيادات رفيعة من الحركات المسلحة على غرار “مناوي” و”جبريل” وغيرهم داخل قاعة الصداقة، بالإضافة إلى “الصادق المهدي” ومكونات نداء السودان.
حديث المسؤول الرفيع يبدو بأنه في طريقه ليصبح حقيقة خاصة مع الثقة الكبيرة التي اعترت قيادات الحكومة والمؤتمر الوطني هذه الأيام، بالإضافة إلى أن شرخ العلاقة بين قوى الإجماع الوطني ومكونات السودان وخلافاتهم التي خرجت إلى العلن مؤخراً وقضت بفصل قوى الإجماع الوطني لـ(5) أحزاب، بحجة أنها تعمل مع نداء السودان دون تنسيق مع التحالف، يشير بوضوح إلى أنها نتاج طبخة المشاركة الذي يجري الإعداد لها هذه الأيام من العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” من خلال ورشة مكونات نداء السودان، مع التركيز على تصريحات قوى الإجماع الوطني التي هاجمت في أكثر من سانحة نداء السودان واتهمته بـ(الانبطاح) والانضمام إلى الحوار الوطني. وهو ما ذهب إليه رئيس الحزب الناصري “جمال إدريس” في حديثه خلال الأيام الماضية مع (المجهر) حين قال بأن الأحزاب التي فصلت ومن ضمنها المؤتمر السوداني، تماهت مع قوى نداء السودان و”الصادق المهدي” و”ياسر عرمان” والمنجرفة وراء الحوار الوطني. وأضاف خلال حديثه إلى أنهم لا يستبعدون بأي شكل كان أن تكون قيادات نداء السودان متواجدة بقاعة الصداقة باللقاء المرتقب في العاشر من أكتوبر.
(4)
أما على صعيد الحزب الاتحادي أحد أكبر شركاء المؤتمر الوطني بالحكومة فإنه من المرجح بحسب تسريبات ظهور “الميرغني” بمؤتمر الحوار الوطني، حيث أكد مصدر مطلع لـ(المجهر) بأن وصول “الميرغني” بعد سنوات من الاستشفاء بالعاصمة البريطانية “لندن” إلى “القاهرة” قبل شهر أو يزيد، تم بترتيب مسبق ليحضر فعاليات مؤتمر الحوار الوطني حيث أكد المصدر بأن “الميرغني” لم يحدد حتى الآن سفره إلي “المدينة المنورة” بسبب حرصه على حضور المؤتمر العام للحوار، بعد أن غاب عن بداياته منذ لقاء الوثبة والفعاليات التي أعقبتها بالإضافة إلى أن المؤتمر العام سيمثل إيذاناً بانطلاق مرحلة مفصلية بتاريخ البلاد، لذا هو حريص جداً على المشاركة وسيكون حاضراً بقاعة الصداقة، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون الحزب الاتحادي ممثلاً في أعلى قياداته، أن تكون حاضرة للمؤتمر العام الذي سوف يغير من شكل المشاركة بين الاتحادي والوطني خلال الفترة القادمة، بدخول لاعبين جدد في مضمار واقع السياسة السودانية.