بكل الوضوح
“ابن ثعلبة” واكتشاف الحقيقة!!
عامر باشاب
من القصص التي وردت في “البخاري” عن “ابن إسحق” أن النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد أن استقر به المقام في يثرب “المدينة”.. بدأ يرسل أصحابه إلى ما حولها من القرى.. يدعون أهلها إلى الإسلام. وهناك من بين الصحابة بعثه إلى “وادي نعمان” قرب “الطائف.. فلما وصل إليهم، وجدهم.. لا يعقلون من الحياة إلا إبلهم وغنمهم…. وحكا لهم عن المبعوث رحمة للعالمين ثم دعاهم إلى دين الله.. فأعرضوا.. فرحل رجل منهم إلى “المدينة”.. ليتحقق من خبر هذا النبي…. فلما وصل إلى هناك ظل يصيح بين الناس: أين ابن عبد المطلب.. أين ابن عبد المطلب.. فدلوه على المسجد.. فتوجه إليه.. فبينما رسول الله “صلَّ الله عليه وسلم” جالس مع أصحابه.. أقبل الأعرابي الجلد.. وقد جعل شعره جديلتين.. فأناخ بعيره على باب المسجد.. فعقله.. ثم دخل المسجد.. وصاح قائلا: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله “صلَّ الله عليه وسلم”: (أنا ابن عبد المطلب).. فقال: (محمد؟) فقال: (نعم).. فقال: (يا ابن عبد المطلب! إني سائلك.. ومغلظ عليك في المسألة.. فلا تجدن في نفسك عليّ).. فقال “صلَّ الله عليه وسلم”: (لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك).. فقال: (من رفع السماء)؟ قال: (الله).. قال: (فمن بسط الأرض)؟ قال: (الله).. قال: (فمن نصب الجبال)؟ قال: (الله).. قال: (فأسألك بالذي رفع السماء.. وبسط الأرض.. ونصب الجبال.. الله بعثك إلينا رسولاً)؟ قال: (اللهم نعم).. قال: (فأنشدك الله.. الله أمرك أن نعبده لا نشرك به شيئاً.. وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون)؟ فقال رسول الله “صلَّ الله عليه وسلم”: (اللهم نعم).. ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة.. فريضة: الله أمرك أن نصلي خمس صلوات؟ الله أمرك أن نزكي أموالنا؟ الله أمرك أن نصوم؟ ويعدد فرائض الإسلام.. والنبي “صلَّ الله عليه وسلم” يقول: اللهم نعم.. حتى إذا فرغ قال: (فأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني بكر بن سعد.. وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وسأؤدي هذه الفرائض.. وأجتنب ما نهيتني عنه.. لا أزيد ولا أنقص).. ثم انصرف خارجاً من المسجد.. راجعاً إلى بعيره.. فقال رسول الله “صلَّ الله عليه وسلم” حين ولى: (إن يصدق ذو العقيصتين.. يدخل الجنة).. ثم أتى بعيره.. فأطلق عقاله.. وانطلق عليه حتى قدم على قومه.. فاجتمعوا عليه.. فكان أول ما تكلم به أن قال: (بئست اللات والعزى).. فقالوا: (مه يا ضمام.. اتق البرص.. والجنون.. والجذام).. قال: (ويلكم.. إنهما ما يضران ولا ينفعان.. إن الله قد بعث رسولاً.. وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه.. وإني أشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمداً عبده ورسوله.. وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه).. فما زال بقومه.. يدعوهم.. ويستنقذهم من النار.. حتى ما غابت الشمس ذلك اليوم.. ولم يبق وفي قومه كافر.