أولياء الأمور: من وين نجيب حق اللبس؟!
في أول يوم لبداية العام الدراسي…
مدارس الخرطوم .. حضر المعلمون وغاب التلاميذ!!
بسام: (قالوا لينا تعالوا الأحد الجاي !!!)
متطلبات العيد والمدارس.. (راتب واحد لا يكفي)
الخرطوم: عماد الحلاوي
كان الغياب سيد الموقف أمس في كل مدارس ولاية الخرطوم، ورغم الحضور الكبير الذي سجله المعلمون خاصة في المداس الحكومية، إلا أن الغياب كان السمة العامة ولم يتعدَ حضور التلاميذ في أغلب المدارس الـ (40%).
وجاء قرار حكومة الولاية ببدء الدراسة في العاشر من يوليو ليكون العام الدراسي (164) يوماً.. وتزامن رمضان وعيد الفطر مع بداية العام الدراسي الجديد في ظل ارتفاع الأسعار في معظم السلع الاستهلاكية، ومتطلبات المدارس تفسد فرحة المواطنين بالاحتفال بالعيد، وتصيبهم بالإحباط والإحجام عن الخروج إلى المنتزهات والحدائق العامة بشكل عائلي واقتصر الخروج على الشباب.
حضور ضعيف
وكشفت جولة قامت بها (المجهر) أمس أن أصحاب المدارس الخاصة لم يلتزموا بانطلاقة العام الجديد أمس وإنما أبلغوا تلاميذهم أن الدراسة ستبدأ الأحد المقبل، وعلل بعض أصحاب المدارس ذلك بأن رمضان وعطلة العيد جعلاهم غير مستعدين خاصة في توفير اللبس والكتب، الأمر الذي دفعهم لجعل هذا الأسبوع لإجراءات التسجيل والقيد بالمدارس.
في مدرسة “عون الشريف قاسم” كان غالبية حضور الطلاب هم طلاب الصف الأول (الجدد).. ولم يتعدَ حضور بقية الفصول الـ(50%) وهو أحسن حالاً من بقية المدارس.
وفي مدرسة أمبدة الأساسية بالحارة السادسة أرجعت إدارة المدرسة الطلاب إلى منازلهم وأبلغتهم بالحضور الأحد المقبل.
وفي مدارس (كوبر- الشعبية- أمبدة السبيل- الإسكان الحارة 73) الأساسية كان الحضور ضعيفاً، وعزا المعلمون ذلك إلى سفر الكثير من الأسر لقضاء العيد بين أهليهم بالولايات، إضافة إلى عجز الكثيرين من توفير الزي المدرسي لأبنائهم بسبب رمضان والعيد.
وفرضت إدارات المدارس بالخرطوم على تلاميذ الصف الأول أساس رسوماً ما بين (400-700) جنيه، وعلى طلاب الصف الأول بالمرحلة الثانوية (600-1000) جنيه.
وعلل الكثير من الطلاب التقتهم (المجهر)، عدم ذهابهم الى المدرسة بأن أسرهم لم تأتِ لهم بالزي والكراسات والشنط.
فيما اعتبر أولياء الأمور أن توقيت بداية العام الدراسي غير مناسب.
حيرة أولياء الأمور
بعد أن استنفدت متطلبات رمضان ميزانية معظم الأسر، واستقبال العيد بشراء الكعك الذي زاد سعره بشكل جنوني، بالإضافة إلى ملابس العيد للأطفال، بدأت كل الأسر الاستعداد لاستقبال العام الدراسي الجديد لتضرب الحيرة رب الأسرة في طل مرتب محدود..!
وفي جولة لـ (المجهر) كان الهدف منها معرفة آراء المواطنين وخططهم للتغلب على هذه الفترة الحرجة التي أتت بهذه المناسبات الثلاث في أوقات متقاربة.
من جانبها تعتبر “انتصار أحمد” – مدرسة- أن الأولوية تعود لمظاهر العيد وأن المستلزمات المدرسية تأتي لاحقاً وذلك لأن للعيد طقوسه وأصوله ويجب الاستعداد له وفق الأصول وحسب العادات والتقاليد، لذلك يجب عدم الانصراف عن هذه الطقوس التي ينتظرها الأطفال والكبار على حد سواء.
وترى أنه كان من المفروض أخذ الفترة الزمنية المتقاربة بين العيد والمدارس وتأجيل بدء العام الدراسي قليلاً ليس فقط من أجل التحضيرات وتنظيم المصاريف، وذلك لأن هذه الأمور تحتاج لبعض الترتيب وتنظيم الوقت ولكن الأمر يتعلق بالتحضيرات النفسية لدى الطفل الذي يجب أن يستعد للعودة إلى المدرسة بعد إجازة صيف طويلة ختامها صوم وعيد.
وبدأت “أميرة بشير” ـ ربة منزل ـ حديثها قائلة: إن تزامن رمضان مع العام الدراسي الجديد جعلهم يهملون بعض المتطلبات الضرورية والاستغناء عن بعض مستلزمات رمضان من أجل المدارس، حيث أكدت أنها ترى أن الدراسة تستمر عاماً كاملاً، أما العيد فمجرد مناسبة تمر سريعاً.
وتحدثت عن مصاريف المدرسة الخاصة التي تدرس فيها ابنتها وهي في مرحلة الأساس ومطلوب منها (3500) جنيه، وتتساءل.. هل يمكن شراء مستلزمات المدرسة في ظل هذا المبلغ المطلوب منها؟.. وتقول مع العلم بأن لي ابنة أخرى ستدخل سنة أولى هذا العام وتحتاج إلى ميزانية خاصة.
أصحاب الدخل المحدود
ويقول “خلف الله يوسف” ـ موظف ـ إن أسعار المستلزمات المدرسية تشهد ارتفاعاً جنونياً هذا العام، إضافة لذلك أن ابنته تدرس بالمرحلة الثانوية وتحتاج إلى مبالغ طائلة لرسوم العام الجديد، فرمضان والعيد والمدارس كلها من مرتب محدود.
ويضيف “خلف الله” ـ أن الأزمة في المرتبات وليس في المواسم، فمن الطبيعي أن يأتي رمضان لسنوات متزامناً مع بداية الدراسة، كما أنه يرى أن الأزمة التي تعانيها معظم الأسر تستمر طوال العام وليس في شهر رمضان فقط أو مع حلول العيد، حيث إن غلاء الأسعار مشكلة يعاني منها دائماً محدودو الدخل.
وتقول “سناء الطيب” – ربة منزل- إنها تعمد في كل عام إلى الادخار عبر طريقة “الختة” بحيث تحصل على المبلغ المُدخر مع بداية العام الدراسي لتتمكن من شراء مستلزمات المدارس من كراسات وملابس لأبنائها الثلاثة.
وأضافت أن “الختة” هي الحل الأمثل لتجاوز الأعباء المالية التي تترتب على مثل هذه المواسم، حيث تلجأ إليها في أوقات المدارس والأعياد وشهر رمضان.
وتتساءل “فاطمة إيراهيم”- مهندسة- “رمضان والأعياد والمدارس هي مواسم للإنفاق اللا محدود والتي تشكل هاجساً لأرباب الأسر، فكيف إذا تزامنت كلها معاً؟!”.
وللتخفيف من المشكلة، فإن “فاطمة” قامت بشراء ملابس العيد لأطفالها الذين لم يلتحقوا بالمدارس بعد، ووفرت الأموال الخاصة بملابس العيد لأبنائها الأربعة الآخرين لتشتري بها احتياجات المدرسة.
ويقول “أمير علي” – وكيل مدارسة البيان الخاصة – إن العام الدراسي الماضي شهد ارتفاع نسبة عدم تسديد أولياء الأمور الأقساط المدرسية المترتبة عليهم، وهناك تراكم منذ عامين على بعض أولياء الأمور، وهذا يرهق أصحاب المدارس الخاصة، ويضعها على المحك، وأضاف أن نظرة إدارات المدارس الخاصة متفاوتة، البعض يرفع الأقساط المدرسية بشكل مضطرد دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والمالية، بينما نجد البعض الآخر إما يثبت الأقساط أو يجري زيادة محدودة لغايات مواصلة العمل وتحقيق هامش أرباح معتدل.
ويؤكد “فيصل عبد الرحمن”- سائق- أن توافق مناسبتي عيد الفطر وبداية العام الدراسي الجديد عقب شهر الصوم سيدفع أرباب الأسر إلى تدابير وخيارات صعبة، إما بتأجيل الرسوم وتقسيطها، أو الاستدانة لتوفير مستلزمات الأبناء للالتحاق بالمدارس الذي لا يمكن تأجيله كما هو معروف، وأعرب عن أمله في أن تتعاون إدارات المدارس وأولياء الأمور في المرور من عنق زجاجة مع بدء العام الدراسي الجديد.
ويقول “غازي الطيب” – مغترب- إن شهر رمضان والعيد اعتاد المواطن على تكاليفهما وفي ذلك نوع من التواصل والتراحم بين الأسر والقربى، لكن مع تزامن هاتين المناسبتين بدء العام الدراسي سيؤدي إلى إرهاق ميزانية الأسر وستكون على حساب بنود أخرى ربما تصل حد التأثير على الطعام والأدوية وغير ذلك من أساسيات الحياة، وأكد أن البعض يعد مبكراً من حيث النواحي المالية لبدء العام الدراسي الجديد، إلا أنه عاد فأكد أن ارتفاع تكاليف المعيشة يستنزف الأموال بشكل لا يمكن مواجهته.
وأضاف “غازي” أن عدداً من المدارس الخاصة تبتكر استيفاء أموال إضافية من الطلبة وأولياء الأمور، بدءاً من الزي المدرسي الذي يباع بأسعار مرتفعة، والأساس أن تباع بسعر التكلفة وهامش أرباح، وكذلك الكتب والكراسات والتي تشترط إدارة المدارس الحصول عليها من نفس المدرسة.
ويؤكد “عمر الطيب” – عامل – أن التزامات رب الأسرة لا يمكن حصرها في مواسم معينة، فهو طوال الوقت يرصد ميزانيات وخطط ليحقق احتياجات أسرته كل شهر، والأهم من ذلك تدبير الميزانية بحيث لا يلجأ للديون، ويقول إن الأسر متوسطة الدخل هي أكثر الأسر التي تعاني من أزمات المواسم المتلاحقة في ظل ارتفاع الأسعار.
ويشكو “عمر” من احتياجات المدارس التي لا تقف عند حد المصاريف، ولكن هناك الدروس الخصوصية التي تبدأ قبل بداية العام الدراسي نفسه، وهناك الأدوات والملابس والمستلزمات الدراسية والعديد من المصروفات التي يقف معظمنا أمامها وحدها عاجزاً، فما العمل وهذه المرة سبقتها مستلزمات رمضان وزادت عليها مستلزمات العيد…؟!