بكل الوضوح
(الستوت) صيام الدهر
عامر باشاب
الصيام من أعمال العبد المؤمن الجليلة والعظيمة التي خص الله بها نفسه، لقوله علا شأنه في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به).
وعن اختلاف الصيام عن بقية العبادات رغم أنها جميعها هي لله وهو يجزي بها. قال السلف الصالح أولاً لأن الصيام بعيد عن الرياء لخفائه، وثانياً لأن الصيام العبادة الوحيدة التي عبد الله بها وحده ولم يعبد سوى الله بالصيام.
وكما هو معلوم الصيام عبادة تطهِّر القلوب.. لذلك فإن شهر رمضان يعد موسماً لمراجعة النفس ومحاسبتها، وهي فائدة عظيمة يجنيها الصائم من الصيام والقيام، ليخرج من شهر رمضان بروح جديدة.
ونحن في هذه الأيام نعيش أيام شهر شوال وصيام الستة من شوال بعد رمضان من الفرص العظيمة، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.
والحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) أرشد أمته إلى فضل صيام هذه الستة أيام من شوال، وحثهم عليها بأسلوب يرغِّب في صيامها.
قال رسول الله: { من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كأنما صام الدهر}.
[رواه مسلم
الإمام النووي رحمه الله: قال: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين).
ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيام ست من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).
وعليه يجب أن نعلم أن صيام هذه الأيام الستة بعد رمضان دليل يؤكد على شكر الصائم لربه تعالى الذي وفقه على صيام رمضان، كما أن صيامها دليل يؤكد على السير في درب الطاعات، ورغبة في مواصلة الأعمال الصالحة، وزيادة في الخير.
فليس للطاعات موسم معين، إذا انقضي هذا الموسم عاد الإنسان إلى إتباع أهوائه!
وفي مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، يحس بها الصائمون في هذه الستة من شوال. والتي يسميها أهل السودان بالـ(الستوت).
وضوح أخير:
قيل لبشر الحافي رحمه الله: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن العبد الصالح هو الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها).