السودانيون وعدم الانضباط بالمواعيد
واحدة من المشاكل التي ما زالت ملازمة للمواطن السوداني ولم يستطع الفكاك منها هي مشكلة الزمن والانضباط به. فمعظم الشعب السوداني لا يلتزم ولا يكون منضبطاً في مواعيده حتى على مستوى المسؤولين كباراً أو صغاراً، فعندما تضرب ميقاتاً مع أحدهم لم تجده متوفراً في الموعد المحدد ولا توجد لديه حتى فلسفة الاتصال تلفونياً والاعتذار إذا تعذر وصوله في الميقات المضروب، ولكن هذا هو حال السودان، وواحدة من مشاكلنا وتأخرنا عدم الانضباط بالزمن.. أذكر خلال زيارتنا الأخيرة إلى بريطانيا كان هناك عدد من الزملاء وهم في درجات ومناصب رفيعة ولكن لا يمكنهم أن يصلوا إلى المكان المقامة فيه ورش العمل في الزمن المحدد حتى امتعضت مسؤولة البرنامج البريطانية من ذلك وقالت لأحدهم “أنت سوف تجيب لي السكتة القلبية (Heart a tack)” ولكن لم يغير فيه شيئاً، فهذه طبيعة السودانيين نادراً ما تجد من يلتزم بالمواعيد أو احترامها واحترام مشاعر الآخرين.
حدثني أحد الزملاء قائلاً لقد كان الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية أحرص المسؤولين على الزمن، وإذا كان هناك اجتماع أو ورشة عمل يصل أولهم، ونظراً لحرص النائب الأول السابق على المواعيد كان عند سفره يأتي معظم الوزراء لوداعه وكذلك عند عودته.. فاحترام المواعيد يدل على انضباط الشخص واحترامه للآخرين. وعدم الانضباط في المواعيد ينطبق أيضاً على معظم نساء السودان فنادراً ما تجد امرأة ملتزمة أو منضبطة في مواعيدها ولذلك يعاني الرجال كثيراً من الخروج معهن.. فإذا كانت هناك مناسبة تتطلب وجود الزوج والزوجة معاً فلابد أن يخبر الزوج الزوجة بالمواعيد قبل ساعتين أو أكثر.
إنَّ عادة السودانيين في إهدار الزمن عادية فلا يحسون بالزمن ولا يجعلون له قيمة. وأذكر في إحدى المرات حدد لي مسؤول رفيع مواعيد في منزله وهذا المسؤول كان في رتبة عسكرية رفيعة.. ففي الوقت المحدد ذهبت إليه فلم أجده فانتظرت لأكثر من ساعة ولم يأتِ وأخيراً سطرت له بعض كلمات قلت له فيها: (والله إنني كنت أظن أنَّ العسكريين أكثر انضباطاً من المدنيين ولكني وجدت العكس) فأثرت فيه تلك الكلمات وحضر إلىّ بالصحيفة واصطحبني مرة أخرى إلى منزله وأجرينا الحوار وما زالت علاقتي بهذا الشخص ممتازة جداً عكس الآخر الذي حدد لي أيضاً موعداً بمكتبه وهو أيضاً برتبة عسكرية رفيعة ولكنه تقاعد، أذكر وقتها كان عمي قد توفي ولكني أصررت أن التزم بمواعيدي مع تلك الشخصية ولكن للأسف لم يحضر في المواعيد وانتظرت لأكثر من ساعة لم يحضر أيضاً فسطرت له كلمات قلت له: (والله لن أقول لك كما قلت لفلان ولكن وضعت علامة الاستفهام في آخر الكلمة).
إنَّ الالتزام بالمواعيد أمر رباني وتربية وسلوك فلابد أن نحرص عليها حتى نكون ضمن دول المقدمة.