تقارير

الأقليات تتخوف من فوز "ترامب" والخرطوم تخشى انتصار "كلينتون"

سباق الانتخابات الأمريكية.. من يكسب الرهان؟؟
الخرطوم- ميعاد مبارك
(ترامب يتقدم على كلينتون في آخر إحصائية للانتخابات الأمريكية.. هل حان الوقت للذعر؟) هكذا عنونت صحيفة الـ(غارديان) الأمريكية مقالاً نشرته يوم الاثنين 23 مايو حول تقدم  المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” على منافسته الديمقراطية “هيلاري كلينتون” في آخر استطلاع للرأي قدمه موقع بيانات الانتخابات (ريل كليير بوليتكس)، حيث تقدم “ترامب” على “كلينتون” بـ(2 بالمائة).
وتقول الصحيفة الأمريكية إنها المرة الأولى التي يبدو أن الجمهوري قد تقدم فيها خلال استطلاع على المرشحة الديمقراطية. وترى (أنها ليست الإشارة الأولى لفوز محتمل لـ”دونالد ترامب”).
 وقالت الصحيفة: (قد يكون الفارق بسيطاً، لكن استطلاع موقع  “RCP” للانتخابات في مرحلتها النهائية طرح سؤالاً مهماً: هل حان الوقت للذعر؟). وأكدت الـ(غارديان) أنها لا تتفق مع الذين يشعرون بالقلق من احتمال انتصار “ترامب”، وذهبت إلى أنه يجب أن نشعر بالذعر من التقليل من الدلالات التي تظهرها إحصائية واحدة فقط مثل هذه التي قدمها موقع “RCP”.
الآن يقف العالم مترقباً للمشهد السياسي الأمريكي الذي يحمل بين جنباته الكثير من المتعلقات التي قد تلقي بظلالها على المشهد العالمي. وكما توقع الكثير من المحللين، فقد استطاعت المرشحة الديمقراطية “هيلاري كلينتون” أن تنتزع ثقة الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية لتصبح المرشح الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية في مواجهة الجمهوري “دونالد ترامب” الذي فرض نفسه مرشحاً للجمهوريين، بعد انسحاب منافسيه من نفس الحزب،  وتقدمه في كثير من الولايات، ويقف الآن المرشح الجمهوري رجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع المثير للجدل “دونالد ترامب” شاحذاً مؤيديه وخطابه الصادم في مواجهة السياسية المحنكة والسيدة الأولى ووزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلنتون” في سباق محموم ينتهي في نوفمبر المقبل بدخول أحدهما البيت الأبيض.
{ “دونالد” عنصري و”هيلاري” عادية
(المجهر) سألت عدداً من المواطنين الأمريكيين، عبر الانترنت، عن رأيهم في الانتخابات الأمريكية.. “محمد” الأمريكي المسلم أبدى تخوفاً كبيراً من كلا الطرفين، وقال في تصريح مقتضب: (لا علاقة لي بالسياسة كثيرا. لكن تباً لـ”دونالد ترامب” وتباً لـ”هيلاري كلينتون”).
أما “جاماي” ذو الأصول اللاتينية والذي يقطن في ولاية هايتي، فقال: (“دونالد ترامب” إنسان عنصري، لذا أعتقد أن “هيلاري” قد تكون أفضل منه). واتفقت “مروة” الطالبة الأمريكية ذات الأصول السودانية المقيمة بولاية فلوريدا مع سابقها بأن “ترامب” عنصري، والأفضل هو الانحياز لجانب “هيلاري كلينتون”، رغم كونها حسب- “مروة”– (عادية لا تتمتع بمميزات مهمة)، وأضافت: (ليس هنالك مرشح أمريكي مع الإسلام، وقد يكون الجمهوريون الأكثر عداء للمسلمين، لكن ليس هنالك من يدافع عن الإسلام).
{ ماذا تقصدون بالأقليات؟
وقالت الطالبة الجامعية الأمريكية “مروة”: (يجب أن نعي خطورة “ترامب”.. هو شخص عنصري، ولديه تصريحات عدائية ضد المسلمين، والأشخاص من الأصول الأمريكية الجنوبية، والسود والنساء). وعندما سألناها عن كونها تقصد الأقليات في أمريكا عموماً، تساءلت: (ماذا تقصدون بالأقليات؟)، وأكملت قائلة: (وصفه البعض بهتلر القادم. في ناس مع “دونالد ترامب”، وناس ضده. ما يخيفني هو التقدم الذي يحرزه “ترامب”، وسبق وفاز في الولاية التي أعيش فيها “فلوريدا”).
{ الوحيد الذي يجب أن يطرده “ترامب” هو حلاق شعره
وعلقت “مروة” على تصريحات “ترامب” حول طرد المسلمين واللاتينيين، مسترجعة تعليقاً ساخراً، قاله خصوم “ترامب” (إن  الوحيد الذي يجب أن يطرده “ترامب” هو حلاق شعره). وقالت إن الكثير من الجمهوريين لن يصوتوا لـ”ترامب” بسبب عنصريته ووصمة العنصرية التي قد تلحق بهم، فهم ليسوا مع المرشح الجمهوري ولا الديمقراطي، حيث يصفون”هيلاري” بالعادية جداً، ويرى الكثيرون أنها ستكون أصعب انتخابات تمر على الأمريكيين.
{ أصعب انتخابات تمر على الأمريكيين
 وأكملت “مروة”: (المواطنون الأمريكيون لا يعرفون لمن يصوتون. الجمهوريون لا يعرفون هل يجب أن يصوتوا للمرشح الجمهوري أم لا، ولا الديمقراطيون متأكدون هل يصوتون للمرشحة الديمقراطية أم لا). وأضافت متعجبة: (هنالك مسلمون يجازفون بمساندة “ترامب” ويقولون إن من يقول ويصرح بما سيفعل أفضل من الذين يغلفون نواياهم، وهنالك مؤيدون لـ”ترامب” يقولون إنه لم  يقل أو يفعل شيئاً خاطئاً قد يؤذي أمريكا).
{ مساندو “ترامب” متخوفون من المسلمين
الأمريكية ذات الأصول التركية “أيبيك” قالت إن مساندي “ترامب” من الجمهوريين خائفون من المسلمين عموماً و(داعش)، كما أنهم يرون أن إسرائيل ضحية لتهور وعدوانية (حماس)، وأضافت إن ما يجعل الناس في أمريكا يؤيدون “ترامب” هو أنه يقول ما يخطر بباله مباشرة دون تنميق. وهذا ما يحبه الأمريكيون، وأضافت: (هم يميلون للأشخاص الصريحين الذين لا ينزعون إلى المجاملة.  لذلك أنصار “ترامب” يحبونه ويعتقدون أنه يقول الكلام الذي لا يستطيع الناس قوله من غير أن يخافوا).
{ “ترامب” سيسبب عدم استقرار عالمي
يرى الإعلامي والخبير الدبلوماسي “عبد المحمود نور الدائم الكرنكي” أن “ترامب” أحدث انقساماً في الحزب الجمهوري وكبار المحنكين في السياسة، ومنهم وزير الخارجية السابق “جيمس بيكر” قالوا إن “ترامب” لو فاز سيكون العالم في حالة عدم استقرار، وسيدخل في مواجهة مع الصين بناء على قوله إن الصين اغتصبت التجارة الأمريكية، في حين أن الصين لديها شركاء أمريكيين وبالتالي ستتضرر المصالح الأمريكية في حال توتر العلاقات مع الصين، بالإضافة لموقفه من المسلمين الذي قد يضر أيضاً بمصالح أمريكا، حيث إن كثيراً من شركائها الاقتصاديين الذين تعتمد عليهم في النفط دول مسلمة، علماً بأن النفط يمثل شريان الحياة لأمريكا. وأكد “الكرنكي” أن المبادرة العدوانية ليست مؤشراً مريحاً للمصالح الأمريكية.
{ حملة “دونالد ترامب” والتخلي عن الشراكات
ونبه “الكرنكي” إلى أنه وبالرغم من أن “دونالد ترامب” رأسمالي ورجل أعمال إلا أنه لا يحظى بدعم الشركات الأمريكية التي تعدّه متمرداً عليها، حيث إنه لم يعتمد إلا على نفسه في تمويل حملته الانتخابية، الأمر الذي لا يتوافق مع الحكمة السياسية، التي تقضي باستقطاب ممولين للحملات الانتخابية حتى لو كان المرشح قادراً على تمويل حملته، وذلك من أجل اكتساب الحلفاء.
{ القطاع النسائي لا يحبذ وصول “ترامب” للبيت الأبيض
وأشار “الكرنكي” إلى أن “ترامب” لديه عداء مع المرأة، في حين أن القطاع النسائي في أمريكا يمثل حوالي (51%)، وعموم النساء الأمريكيات غير مرتاحات لوصوله للبيت الأبيض. وأكد أن “ترامب” خسر المساند التقليدي للجمهوريين، وهو الكنيسة، حيث اشتبك بعدد من التصاريح مع البابا الذي وصفه فيما بعد بغير المسيحي.
وأكمل “الكرنكي” بأن “ترامب” لم يضف شيئاً إيجابياً عبر حملته الانتخابية، فقط عزز الكراهية. وأشار إلى أن الداعم الأكبر لـ”ترامب” هم الرجال البيض في مراحل عمرية متقدمة، الذين بدأوا يحسون أن أمريكا بدأت تخرج من أيديهم حيث دخل في عهد الديمقراطيين عدد كبير من اليهود إلى البيت الأبيض، وتولى “أوباما” كرجل أسود سدة الحكم، وكذلك الأقليات والمرأة.
{ إلغاء الضرائب
 وأكد “الكرنكي” أن ما سيجعل “ترامب” يكسب أكبر عدد من المؤيدين هو وعوده بإلغاء الضرائب على الطبقة الوسطى والفقيرة، الذي قد يصب في صالحه إذا صدقه الشعب الأمريكي.
{ “هيلاري” الأوفر حظاً والأقرب للأقليات
وعن رأيه في تقدم “ترامب” على “هيلاري”، في استطلاع الرأي الأخير قال “الكرنكي”: (استطلاعات الرأي تكون غالباً صحيحة، إذا كانت مهنية إلا أذا حدث احتيال، وتلاعب بالأرقام)، لكنه رغم نتائج الاستطلاع يرى أن فرص فوز “هيلاري كلينتون” أكبر لأنها، -حسب “الكرنكي”- معها المؤسسة، أي الرأسماليين في أمريكا،  ومعظم الشركات الأمريكية لا تريد الدخول في مجازفات اقتصادية  تهدد التقدم الاقتصادي الأمريكي، خاصة بعد ما مرت به من أزمة اقتصادية، وأكد أن “هيلاري كلينتون” تعبر عن مصالح الاقتصاد الأمريكي، وأضاف: (ميثاق الوسط والعديد من المؤسسات الإعلامية مثل “سي أن أن” تدعمها بالإضافة للأقليات من لاتينيين، وآفروأمريكيين ومسلمين، أي القوى التقليدية التي تدعم المرشح الأمريكي، والقطاع النسائي أيضاً سيقف بقوة مع “كلينتون”، فهي بدأت حملتها الانتخابية بدون صخب متكئة على خبرة سياسية طويلة. ويرى “الكرنكي ” أن خطابها السياسي يدافع عن حقوق الإنسان عموماً، وأنها تردد ما قاله زوجها عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، حيث رفع الحظر عن دخول المسلمين في الجيش الأمريكي، ونادى بحقوق المسلمين والمثليين الذين يعدّون الجماعة الثانية في النفوذ بأمريكا بعد جماعة الصهاينة.
وشدد “الكرنكي” على أن وصول الأقليات للحكم هو درس في كسر القوالب النمطية نجحت أمريكا في تعليمه للعالم، فكرسي الرئاسة لا يمكن استحقاقه للون أو جنس إنما بالقدرة والكفاءة والبعد الإنساني الذي أسهمت فيه السياسة الأمريكية بشكل كبير، خاصة بالمقارنة  مع الموقع السيادي لأمريكا في العالم.
{ لا سبب يدعو السودان للسعادة بفوز مرشح على الآخر
ونسبة للدور السيادي الأمريكي كان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل سيستفيد السودان من فوز أحد المرشحين على الآخر؟ وما هو الخيار الأفضل لحكومة الخرطوم؟
رد على ذلك الخبير الدبلوماسي “الكرنكي” بقوله: (لا شيء يدعو السودان للسعادة بفوز مرشح دون الآخر)، وأكمل: (ليس هنالك ما يفيد بحدوث تغيير في السياسة الأمريكية تجاه السودان، لأنها سياسة دولة وليست سياسة أفراد). ويرى أن السودان لو أراد التغيير كان يجب أن يقوم باتصالات مبكرة مع المرشحين للانتخابات الأمريكية. وأوضح أن ماكينة الدعاية السياسية ذكرت معلومات خاطئة أثرت على وضع السودان، خاصة، في نظر المرشحة الجمهورية “كلينتون”، مؤكداً أنها من أشد المعادين للسودان، ونبه إلى أن الكثير من المجموعات الديمقراطية المؤثرة لها نفس الموقف العدواني تجاه السودان.
وفي إجابته عن سؤال حول أمكانية أن يكون المرشح الجمهوري “دونالد  ترامب”  هو الخيار الأفضل؟ قال “الكرنكي”: (كلا الحزبين لديه في رصيده من الذخيرة المعادية للسودان ما يكفي. وتم دعم التمرد في السودان، والانفصال، والاستمرار في السياسة الأمريكية الداعية لحظر السودان والحصار الاقتصادي في عهد رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين). وأكد أن تحسين علاقات السودان مع الولايات المتحدة  يحتاج إلى كثير من العمل والاجتهاد، ويجب تفعيل الاتصالات وتوسيط الدول الصديقة لتحسين وتسويق للسودان. وتساءل “الكرنكي”: (هل بذل السودان جهداً مع شركات اللوبي الأمريكية التي تقدر بحوالي 20000 شركة لوبي؟ وهل وظف شركات التسويق والمنظمات والدول الإسلامية كما يجب؟)،
وعاد وأجاب عن تساؤله قائلاً: (ليس هنالك تحريك وتواصل، والصحيح أن يخلق السودان محامين للدفاع عنه ويكسب صداقة أعضاء الكونغرس الأمريكي). وأكد أن الكثير ممن هم في الكونغرس يمكن أن يكونوا في صف السودان.
 وختم “الكرنكي” حديثه بأن الحكومة لديها واجب مدرسي، موضحاً أن أمريكا لها تاريخ عريض في تحويل الأعداء إلى أصدقاء، وفيتنام خير مثال على ذلك، فبعد عداء طويل مع أمريكا الآن هنالك شراكة تجارية، ورفعت واشنطن عنهم قبل أيام حظر السلاح، وغيرها، هنالك تحسن في علاقات الولايات المتحدة مع كوبا وغواتمالا، وتطبيع اقتصادي مع الصين، مؤكداً أن مستقبل علاقات الخرطوم مع واشنطن مرهون بالاجتهاد والعمل لتحويل العداء إلى صداقة. وحسب قوله، فإن عداوة أمريكا مع السودان لم تصل يوماً لما وصلت إليه مع أعدائها السابقين، الذين تحولوا اليوم إلى أصدقاء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية