الرياضة في السودان حالها يغني عن سؤالها!!
تأكد لي أن حال الكرة السودانية لن ينصلح ما لم ينصلح حال الإعلام الرياضي أولاً، وحال لاعبي كرة القدم أنفسهم. إن الكرة في السودان تسير بطريقة عشوائية بلا تخطيط ولا تنظيم وحتى أمرها يوكل لمن هم ليست لهم علاقة بهذه اللعبة، فكرة القدم ليست فلوساً لدى الأفراد أو أوامر يطلقونها هنا وهناك، ولكنها أشبه بعملية الفن الراقي، فكرة القدم موهبة في المقام الأول، ولكن إعلامنا الرياضي وهو أس المشكلة، فحتى الذين يسودون صفحاتنا الرياضية يومياً، البعض منهم ليست له أي علاقة بهذه الكرة وربما لم يمارسها في حياته، ولذلك تجئ كتاباتهم فطيرة وتفتقر إلى الموضوعية وتبنى دائماً على الشتم والسب واللعن، ولم نجد فيها أي تحليل موضوعي، فأنديتنا الرياضية خاصة الكبار (الهلال والمريخ)، يستجلب لها لاعبون من بلدان لا تعترف دولهم باللاعبين ولا بالمدربين، ولذلك نجد في العام الواحد يتم تعيين وإقالة العديد من أمثال هؤلاء عديمي الخبرة والتجربة.
خرج فريق الهلال من الأدوار الأولى من البطولة الأفريقية ولحقه المريخ من الكنفدرالية التي ظن أنها سوف تعيد له مجده الكروي بعد أن فقد التأهل في البطولة الأفريقية، والمصيبة لا كورة ولا أخلاق، فإذا لم تستطيعوا أن تقدموا عرضاً جيداً داخل الميدان، فلماذا الصورة السيئة التي تلصق بالأندية الرياضية السودانية، لماذا الاعتداء على الحكام، فهل الحكم سيتيح له فرصة الانتقال إلى الدور الآخر بالكذب، اللاعب السوداني لا يحترم نفسه ولا ناديه وليس حريصاً على أن يكون نجماً في سماء المستديرة.. أذكر في العام 1990م، عندما ذهبت لمقابلة الراحل كابتن الجوهري بنادي الجزيرة لإجراء مقابلة صحفية لجريدة الصقر الرياضية التي كنت أرأس تحريرها، شاهدت أحد اللاعبين وقد نال صفعة من المدرب على وجهه، والسبب تأخره عن التمرين.. اللاعب في النادي الكبير حرص أن يظل اسمه بين الكبار في النادي.. فلم يتضجر ولم يزعل ولم يشتم المدرب، فنال (الكف) وذهب إلى داخل الميدان، تخيلوا ماذا سيكون مصير المدرب إذا وقعت تلك الحادثة مع لاعب سوداني من الفاقد التربوي لقامت الدنيا ولم تقعد، ولقال في ستين داهية كرة القدم، فمعظم الرياضيين في العالم يحترمون أنفسهم ويحترمون إدارييهم، ولذلك نجد الكرة في العالم تتقدم عننا.. نحن ما زلنا في محطة نحن علمنا الناس كرة القدم ونحن ونحن، ولكن بدون فائدة نطبل بالصاح والكضب، لهذا اللاعب وهذا الإداري ولهذا المدرب، وما أن تحل الهزيمة على الفريق يقال المدرب والمجلس ويحرم اللاعبون من حقوقهم، ولذلك على القائمين على أمر الرياضة البحث عن ضرب من ضروبها بخلاف كرة القدم، عسى ولعل تكون لنا سمعة في مجالات أخرى.