ولنا رأي

رؤساء التحرير والقضاة والمحاكم!!

يتحمل القضاة المكلفون بالنظر في قضايا الصحافة أعباء كثيرة خاصة في القضايا التي أعتقد أنها لا ترقى لمستوى رفعها إلى المحاكم المختصة، لأن في ذلك أهدار لوقت القاضي ولمال الدولة من كهرباء وورق يكتب فيه القاضي أحياناً لفترة قد تمتد لعام كامل، وفي النهاية بعد تدخل الجودية وأهل الخير إلى شطب البلاغ.
لذلك يفترض بالنيابات ألا تقدم أي بلاغ فتح في مواجهة الصحفيين أو الصحف ما لم يكن البلاغ فعلاً يستحق النظر في المحكمة، أما البلاغات الصغيرة التي يدعي البعض أنها إشانة سمعة يمكن حلها إما في النيابات أو عن طريق أهل الخير وإما بالتصويب والتصحيح بالصحيفة المعنية، لكن أن يقدم بلاغ لا يرقي إلى المستوى ففيه إرهاق أولاً للمحكمة حسب ما قلنا ولرؤساء التحرير الذين يأتون إلى المحكمة مبكراً، ونظراً لعدم وصول الشاكي أو المتهم في مرات كثيرة تؤجل القضية لفترة أخرى، وتستمر عملية التأجيل أسبوعاً وشهراً، وعندما تعقد الجلسة يأتي عذر آخر بأن محامي أحد الأطراف مثلاً في مهمة أخرى.. وهكذا يستمر التأجيل، وحتى لو عقدت الجلسة وأخذت أقوال المتهم تتواصل عملية التقاضي لفترة أطول، وأحياناً يكون القاضي دور مهم مع الطرفين في محاولة إصلاح ذات البين بشطب البلاغ إذا ما توصل الطرفان إلى صيغة تنهي القضية.
طيب إذا كانت هناك روح طيبة لإنهاء القضية أليس من الأجدى أن تنتهي قبل أن تصل إلى المحكمة، أو أن تنتهي في الجلسة الأولى بدلاً عن إضاعة وقت المحكمة في أمر لا يستحق كل القومة والقعدة؟؟ إن قضايا النشر وكثير من القضايا التي تنظرها بعض المحاكم يفترض أن تنهى ودياً.
لقد لاحظت من خلال صفحات الحوادث بصحافتنا قضايا نظرتها المحاكم وهي مضحكة، أو مهزلة لها.. مثلاً شجار وقع في إحدى المناطق بـ(مفراكة) تخيلوا، جارات يتشاجرن تضرب واحدة الأخرى بـ(المفراكة) أو بـ(يد المدق) أو غير ذلك، فتذهب هذه القضية إلى المحكمة ويصدر قرار بغرامة الجانية بمبلغ يساوي مئات المرات ثمن (المفراكة) التي ضربت بها المرأة جارتها.. والكثير من مثل تلك القضايا تعرض على المحاكم، كان بالإمكان حلها ودياً بدلاً عن إضاعة وقت المحكمة والجيران والشهود، وتستمر العداوة بين الطرفين إذا صدر حكم لطرف ضد الآخر.. ونحن في الصحافة أحياناً تصدر عبارات نابية عن بعض الزملاء أو تحدث مهاترات عبر الأعمدة الصحفية، وتلك المهاترات تقود إلى عدد من جلسات بالمحاكم، وبعد الاستمرار في نظرها يتدخل الإخوان من هنا وهناك وينتهي الموضوع.
إذن لا بد من جسم آخر للنظر في مثل هذه القضايا قبل وصولها إلى المحاكم، إذا كانت قضايا نشر أو قضايا أخرى يمكن معالجتها ودياً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية