ولنا رأي

العنف الطلابي.. إلى أين؟!

ظاهرة العنف داخل الجامعات السودانية أصبحت هاجساً يؤرق كل المسؤولين عن العملية التعليمية، والظاهرة أصبحت مقلقة ومتمردة فما من جامعة إلا وبدأت فيها بذور هذا العنف الذي قاد في أغلب الحالات إلى موت أحد الطلاب أو أكثر من طالب.
بالأمس، تصدرت الصحف أخبار العنف الطلابي التي راح ضحيتها عدد من الطلاب بجامعة السودان، وليست جامعة الخرطوم التي كانت إحدى الجامعات التي شهدت أحداث عنف في سبعينيات القرن الماضي وراح ضحيتها أحد الطلاب، ولم نسمع بعد تلك الحادثة أن شهدت جامعة الخرطوم حادثة عنف راح ضحيتها طالب آخر عدا الطالب الذي قتل بجامعة القاهرة الفرع، ولكن الظاهرة الآن في تنامٍ بصورة فظيعة ومخيفة، فلا ندري هل هؤلاء الطلبة مؤتمن عليهم في المستقبل وهم يقتلون بعضهم البعض؟ وهل تنتظر الدولة والمجتمع منهم حل القضايا وهم لا يحتملون بعضهم البعض.
إن عملية العنف التي تشهدها جامعاتنا بلا استثناء تحتاج إلى وقفة من الدولة، وإلا ستصبح الجامعات مسرحاً لتصفية الطلبة بعضهم البعض ما لم تصدر تلك الجامعات قرارات صارمة تجاه النشاط السياسي داخل الجامعات أو منعه بتاتاً، بحيث تصبح الجامعات للعلم فقط، وكل من يرغب من أولئك الطلبة في ممارسة نشاط سياسي فليبحث له عن جامعة أخرى.. وهذا قرار لابد أن يصدر من مدير الجامعة ومن عمداء الكليات.. ولا توجد وسيلة أخرى لوقف هذا العنف إلا بتلك الطريقة، أو كتابة تعهد من الطالب عند التحاقه بأية جامعة يمنع ممارسته النشاط السياسي داخل الجامعة، وفي حالة مخالفته يفصل ويحرم من القبول بأية جامعة أخرى، فالجامعات للعلم وليست للاقتتال، ولينظر الطلبة المقتتلون إلى أسرهم وما أنفقته عليهم من أموال طائلة ومن صبر وتوتر إلى أن التحقوا بتلك الكليات.. الجامعات الآن تستقبل طلبة في طور المراهقة، فمعظمهم لم يتجاوز عمره حين الالتحاق بها السابعة عشرة أو أقل من ذلك، وهذه سن تتطلب الرعاية والمراقبة الشديدة، لذلك عملية الاحتكاك السياسي في تلك السن تولد العنف الشديد بل تدعو لعدم التنازل عن الآراء أياً كانت، فكل طالب يظل متمسكاً برأيه وأحياناً يستجيب للاستفزاز اللفظي الذي تدفع الآخر لاستخدام “سيخة” أو “عصا” أو “سكين” وما أكثرها الآن بالجامعات، تدخل بدون رقيب أو حسيب وتُخرج في لحظة وتنفذ بها عمليات القتل في لحظات، وأحياناً تحدث مطاردات بين الطلاب لا تتوقف إلا بعد أن يقضي أحدهم على غريمه.. وقد شهدت كلية التربية جامعة الخرطوم الأيام الماضية كيف طارد الطالب زميله وكيف تتبعه ولحق به إلى أن قتله.
إن ظاهرة العنف تتطلب التدخل السريع من جانب الدولة، وإلا ستشهد الجامعات يومياً حادثة قتل، وستنتقل العدوى من جامعة إلى أخرى، فبدلاً من زف الطالب خريجاً يفرح به أهله يوارى جثمانه بقبره قتيلاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية