متى ينتهي الصراع بين الصحافة والدولة؟!
في ظل الهجمة على الصحافة هذه الأيام يواصل الاتحاد العام للصحفيين السودانيين لقاءاته مع رؤساء التحرير بالصحف السياسية والاجتماعية والرياضية للنظر في المشاكل التي تواجه الصحافة، ففي الاجتماع الذي عقده ظهر أمس الأول بداره بالمقرن وبرئاسة الأستاذ “الصادق الرزيقي” رئيس الاتحاد ورؤساء التحرير، كان البند الأول للاجتماع مناقشة ميثاق الشرف الصحفي الذي أعده رؤساء التحرير سابقاً. وهذا الميثاق يتعلق بالمهنة والصحفيين وما ينبغي أن يعملوا به، والميثاق معلوم تقريباً لأي صحفي مارس المهنة بصورة راتبة لأكثر من ثلاث سنوات، يعلم تماماً المحاذير التي ينبغي ألا يقع فيها هذا الصحفي، أو تلك المؤسسة، فالصحفي لديه رقابة ذاتية تمنعه من الخوض في نشر الفضائح والمساس بأعراض الناس، أو التعدي على حقوق الآخرين، أو المساس بسيادة الوطن ومقدساته، أو التعدي على الحرمات أو الدخول في أعراض الناس وأسرهم. هذه البديهيات التي ينبغي أن يتعلمها الصحفي قبل أي شيء وهي لا تحتاج إلى ميثاق مكتوب، ولكن درجت العادة أن تكون المواثيق مكتوبة حماية للمهنة، الميثاق الذي تلاه الدكتور “النجيب قمر الدين” لم يعترض عليه أحد إلا بإدخال بعض التعديلات البسيطة.
الاجتماع قرر اللقاء ببعض المسؤولين في الدولة لشرح هذا الميثاق كما تم الاتفاق أن يكون هناك لقاء (الثلاثاء) القادم للتوقيع على هذا الميثاق من قبل رؤساء التحرير، ولكن هناك من هو أهم من هذا الميثاق، وقد طرحنا رؤيتنا من داخل الاجتماع وخلصنا إلى أن الصحافة تواجه الآن مشاكل عصية ربما تمنعها من مزاولة عملها وربما هناك عدد كبير من الصحف ستخرج تماماً من السوق بسبب ارتفاع أسعار الورق وكل مدخلات الطباعة، بالإضافة إلى الضرائب الباهظة المفروضة على الصحف إضافة إلى الخطابات التي تقدم لإدارات الصحف من قبل المسؤولين بالمطابع والتي يطالبون فيها بزيادة لا تقل عن (20%) للطباعة. وهذه تكلفة باهظة ولا أظن أن الصحف المتعثرة تستطيع أن تصمد كثيراً في مواجهتها.. لذا لابد أن يكون هناك لقاء جامع مع المسؤولين لتوضيح المشاكل التي تواجه الصحافة، وما هو دور الحكومة في ذلك، وهل حقيقة أن الحكومة لا ترغب في العدد الكبير من الصحف سواء كانت سياسية أو رياضية أو اجتماعية، ولذلك تحاول أن تكبلها بهذه القيود، قيود الضرائب والجمارك وزيادة أسعار الورق ومعظم مدخلات الطباعة.
إن الصحافة السودانية تعد صحافة وطنية ولا أحد ينكر ذلك حتى الحكومة التي لم ترضَ عنها، فالخدمة التي تقدمها الصحافة للدولة أكثر مما تتلقاه الصحافة منها، لذا لابد أن يكون هناك تفاهم مشترك بين الطرفين لإزالة الحساسية المفروضة على الصحافة من قبل بعض الوزراء والمسؤولين الذين يعتقدون أن الصحافة معوقة لعملهم، فالجلوس على طاولة واحدة قد يزيل سوء التفاهم رغم أن رؤساء التحرير جلسوا مع المسؤولين عشرات المرات. والدولة تعلم تماماً مشاكل الصحافة والمعوقات التي تواجهها، فهل ينجح رئيس الاتحاد الذي لبس ثوب القومية وليس الحزبية في التصدي للمشاكل الاقتصادية للصحافة مع المسؤولين بالدولة، نأمل ذلك.