رأي

مسألة مستعجلة

المتصوفة والسياسة
نجل الدين ادم
قرأت أمس خبراً عن نية البعض من شباب الصوفية إنشاء حزب سياسي، حيث تحدث الشيخ “محمد المنتصر الإزيرق” مدير مركز الشيخ “إدريس الإزيرق” للدراسات الإسلامية، في مؤتمر صحفي عن هذا الأمر، ومضى في حديثه أن للمتصوفة قواعد في بعض الأحزاب السودانية، ويمكن أن ينضموا لحزب الصوفية حال تم تأسيسه.
طبعاً شيخ “المنتصر” كان ضمن وفد الصوفية الذي زار الولايات المتحدة مؤخراً بصحبة رجل الأعمال “عصام الشيخ”، وقد التقوا عدداً من المسؤولين الأمريكان هناك بشأن ملفات العلاقات والحظر الأمريكي على السودان، المؤتمر أو اللقاء الذي عقده كان محدداً لتنوير الحضور بتفاصيل زيارتهم لواشنطن لكن بقدرة قادر تحولت الوجهة إلى الإعلان عن حزب ربما في المستقبل، وليس ذلك مهماً، لكن المهم هو الحديث عن الرغبة والنية.
المتصوفة كلمة مصدرها من (تَصَوَّفَ) وتعني أن الشيخ دخل في التعبد والزهد وابتعد عن المخالطة الشديدة مع الناس، ويكون التصوف بالمجاهدة والانقطاع عن شهوات الدنيا والتوجه إلى العبادة خالصة لله.
باختصار أن تتصوف يعني أن تكون ممسكاً بالسجادة بعيداً عن شهوات السلطة وتعتكف للعبادة، لكن شيخ “المنتصر” وهو يطلق حديثه هذا كأنما يريد أن ينقلب الحال ويترك المتصوفة السجادة ويتجهوا إلى دنيا السياسة، وهذا لا يتسق مع مبدأ المتصوفة حتى لو كانت صوفية (مودرن) تتماشى مع التطور في العصر.
المتصوفة كما معروف عنهم أنهم من يحمون البلد بطاعتهم لله ودعائهم بأن يحفظها من الشرور، وهم من يشيعون الخير والبركة بهذا التقرب الرباني، فشروط الدعوة الإخلاص في النية والتنزه عن الملذات.. الخ.
على أي حال، أن تتطلع مجموعة أو مجموعات لتحقيق أهداف تخصها فإنه أمر مشروع، لكن ما ليس مشروعاً هو أن تتحدث باسم الكل وهم (المتصوفة)، ولا أتصور بأي حال أن كبار الشيوخ الذين يحرسون السجادة يتطلعون لهذا الحزب الذي تنادي به فئة ربما تكون كبيرة أو صغيرة.
مسألة ثانية.. قبل فترة ليست بالقصيرة وصل وفد من روسيا البيضاء إلى البلاد والتقى عدداً من الخبراء الاقتصاديين ووقف تحديداً على تجربة البنوك الإسلامية وما تتبعه من نظم متقدمة.. تخيلوا أن أصحاب الاشتراكية يريدون أن يقفوا على هذه التجربة الإسلامية.. السؤال: لماذا؟ بالتأكيد للنجاح الذي لمسوه، وهذا إن دل إنما يدل على تقدم السودان في هذا المجال.. أمس أيضاً قرأت عن مبادرة لديوان الزكاة في السودان لإنشاء الاتحاد العالمي لتعظيم شعيرة الزكاة، وهذا يعني أن الديوان قد صنع أرضية جيدة واكتسب خبرة واسعة يمكن أن تؤهل لدعوة بعض الدول لإنشاء هذه المظلة، فبيت مال المسلمين الذي يمثله ديوان الزكاة لم يعد ذلك البيت، وإنما حدث تطور كبير يتماشى مع التطور في العصر، في ظل تزايد أعداد البشر وانتشارهم الواسع.
المبادرة جيدة، ويمكن أن تساهم بشكل كبير في تلاقح الأفكار لمواكبة التطورات العالمية بما يتماشى والطرق الشرعية لعمل ديوان الزكاة.. وهي تبدو بسيطة في شكلها، لكنها عميقة وتعكس مدى التقدم.. تمنياتنا لديوان الزكاة بالنجاح في هذه المشروع الرائد.. وبالله التوفيق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية