الاتحادي الديمقراطي المسجل.. الحل في قتل الكيمياء!!
بقلم – عادل عبده
هنالك مشكلة كيمياء واضحة المعالم في باحة الاتحادي الديمقراطي المسجل وصلت إلى مرحلة تفاقم حروب النيران الصديقة، فالصورة الحالية عكست ملامح الخطوة المفاجئة التي قام بها البروف “علي عثمان محمد صالح” القيادي بالحزب في الأيام الفائتة بإرسال مذكرة هجومية للأمين العام الدكتور “جلال الدقير”. وقبل ذلك يموج على السطح الحراك المضاد للوزيرة “إشراقة سيد محمود”، فضلاً عن الاحتجاجات الواضحة من بعض الفعاليات الحزبية.
هؤلاء المعارضون يطالبون بإصلاح المسار في الاتحادي الديمقراطي المسجل عن طريق قيام المؤتمر العام، بحسبانه الآلية المنطقية التي تؤطر إلى فصل الأمور وترطيب الساحة الحزبية وإخراج الزعامة القابضة وتحقيق الأمنيات الخضراء.. فهل هذا العشم الذي ينطلق من الوجدان يرتكز على رؤية صحيحة قائمة على ساقين؟.. الإجابة الواضحة تكمن في قراءة المعادلة الواقعية المجربة في الساحة السودانية التي توضح استحالة قيام مؤتمر عام لأي حزب سياسي، يفضي إلى تلبية رغبات الفئات المعارضة على حساب الزعامات الموجودة في دفة الصولجان.
أمامنا العديد من التجارب في المشهد السياسي.. إذا نظرنا إلى الحزب الحاكم نجد أن الرئيس”البشير” نال فوزاً ساحقاً في ظل الممانعة من بعض الذين رفضوا إجراءات ترشيحه داخل حزبه، وبذات القدر فاز الإمام “الصادق المهدي” في مؤتمر سوبا برئاسة حزب الأمة القومي، رغم المعارضة للخطوة داخل المؤتمر العام وخارجه، وكذلك فاز مولانا “محمد عثمان الميرغني” برئاسة الاتحادي (الأصل) في مؤتمر المرجعيات بالقاهرة دون تصويت ولم يتأثر بضجيج المعارضين له يومذاك. وهذه الحالات انطبقت على فوز المرحوم “نقد” في المؤتمر العام الأخير للحزب الشيوعي، وأيضاً فوز الأستاذ “علي الريح السنهوري” في مؤتمر حزب البعث (الأصل).
بحسابات المنطق والتمعن الشديد في ميكانيزم المؤتمرات العامة الحزبية لن يكون الدكتور “جلال الدقير” شاذاً على هذه القاعدة التي صارت إرثاً مجازاً في الحالة السودانية، ولا أعتقد بأن “الدقير” يمكن أن يدخل مؤتمراً عاماً قبل أن يتلمس أوضاعه مثلما فعل “البشير” و”المهدي” و”الميرغني” والمرحوم “نقد”.
هنالك معلومة غائبة عن الكثيرين مفادها أنه لا توجد إطلاقاً في الساحة السودانية مؤتمرات عامة حزبية قائمة على الشفافية المطلقة والتصعيد الدقيق السلس من القاعدة إلى القمة، لدواعي معاناة الصرف المالي والتعقيدات الجغرافية والظرفية واللوجستية. ومن هذا المنطلق فإن جميع مؤتمرات الأحزاب السودانية ارتكزت على الإخراج الفيزيائي المبني على رسم المقادير والإرشادات والسيناريوهات التي تضعها اللوبيات على نظم الدعاية الذكية، حيث يفوز الزعماء دائماً بناءً على العلاقات القديمة وصفحة الأعمال والخوف من القادم والتوافق التلقائي.
أعود إلى ساحة الاتحادي الديمقراطي المسجل لدراسة حالة الاحتقان الموجودة بداخله، والمتمثلة في مشكلة الكيمياء بين بعض قياداته والتي أفرزت أوضاعاً صاخبة وتقاطعات في المنهج بين هؤلاء القيادات في الحزب الواحد.
في تقديري أن الحل يكمن في قيام تسوية شاملة ومصالحة صادقة بين الدكتور “جلال الدقير” والمخالفين له، تزيل المرارات والغبائن وتفتح الطريق إلى بناء الحزب ومقابلة تحديات المستقبل.
لن تكون المعالجة في الرهان على المؤتمر العام بل المعالجة الصحيحة تنعكس في الصفح المتبادل وإعادة اللحمة بين الأشقاء، والمحصلة يبقى الحل الناجع في قتل الكيمياء.. والعبرة تكمن في تنازل الكبار وإدراك المخالفين للموقف العصيب وهم أصحاب مساهمات وكسب في الحزب، وبذلك يكون الدخول للمؤتمر العام مستطاباً على روح التصالح.. ويمكن القول بأن خصوصية التعافي تلوح في استلهام الإرث الاتحادي العريق.