نشر (أبو كيفو)
واحدة من إيجابيات لزوم البيت والسرير الأبيض رغم فاجعة العلل ومرهقات المرض وشواغل التطبيب، أن تملك سوانح التجوال في الانترنت وتجبر على لزوم غرف الأخبار تتسقط الأخبار والتعليقات. وأقول هنا إن الفضائيات الإخبارية العربية تمضي نحو مستويات مهيبة في فنون الاستديوهات المفتوحة خاصة تلفزيون أبو ظبي كمثال والذي يخصص يومياً فترة راقية المستوى والعرض، لملاحقة التطورات بالساحة اليمنية عسكرياً وسياسياً والتي يكون للسودان فيها ورد يومي من الثناء على قواته المشاركة في عاصفة الحزم، وهو ما يغيب في فضائياتنا الوطنية وصحفنا التي لو تتبع بعض مخبريها بالرصد والالتقاط مثل تلك البرامج لحازوا سبقاً بقصة أو تعليق. وأقول هذا وعيني على نموذج حصول قائد القوات السودانية باليمن على وسام الشجاعة من الرئيس اليمني، وهو الخبر الذي نشرته (بعض) الصحف مكتفية بأسطر قليلة فقط.
هذا التكاسل لم يدهشني وأنا أطالع خبراً بصحيفة سودانية تورطت في نقل خزعبلة عن بيان منسوب لوزارة الخارجية الإسرائيلية كان كله عبارة عن منشور سياسي، حشد بالسباب لحكومة الخرطوم رداً على تصريحات منقولة خطأ للبروف “إبراهيم غندور” الذي زعمت الصحف أنه قال إن السودان قد يدرس التطبيع مع إسرائيل رغم أن هذا النقل أضافت فيه بعض الصحف ما تيسر من قطعيات وخرجت بمناشيت موحد؛ والمشكلة ليست هنا ولكن المشكل الأقبح أن استسهال النشر امتد لنقل بيان (مضروب) نسب لإسرائيل، في حين أن الخارجية هناك لم تعلق ولم تصدر بياناً إلا إن كان البيان المزعوم وضع على موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا على لسان نائب وزير خارجية العدو ومسئول قيل إنه تابع لشعبة أوربا وأمريكا (حتة واحدة) ولا شعبة أصلاً بذاك الاسم. البيان الشاتم للسودان مضروب، أولا لغته لغة نشطاء سودانيين، ثانياً لا توجد في خارجية إسرائيل شعبة خاصة بأوربا وأمريكا معاً، والتقسيم هو شعبة الشرق الأوسط: تتناول العلاقات الإسرائيلية العربية بما في ذلك تنسيق المحادثات المتعدّدة الأطراف والمحادثات الثنائية، ثم قسم الأردن وقسم شمال أفريقيا وسوريا ولبنان بعدها دول الخليج ثم مصر، يليها قسم الشؤون الفلسطينية بعدها قسم شؤون أورشليم القدس، لتأتي متأخراً شعبة أمريكيا الشمالية وتضم شؤون الولايات المتحدة وكندا. شعبة أوروبا الغربية: تتألف من أربعة أقسام ثم آسيا وتليها أفريقيا من قسمين: أفريقيا 1 (شمال أفريقيا، ساحل العاج، الكاميرون، إثيوبيا، كينيا، اريتريا، نيجريا، زائير، كونغو- برازافيل وتانزانيا) ثم أفريقيا 2 (جنوب أفريقيا، سوازيلاند، ناميبيا، بوتسوانا، أنغولا، زامبيا، مالاوي، موزامبيك، ماوريسيوس ومدغشقر) بعدها أمريكا الوسطى والجنوبية والكاريبي.
هذه معلومات مبذولة للسابلة على موقع خارجية الكيان الصهيوني الذي يدرك عسرة اللغة فجعلها بعربية فصيحة (مشكلة)، وبالتالي كان يمكن ببساطة التأكد من صحة البيان ابتداءً عوضاً عن (اللفح) الذي يلزم من نشروا باعتذار إن كانوا حقاً يؤمنون برسالة الدقة والصحة في النقل والإفادة، غض النظر عن أي تفسيرات أخرى.
الكسل والتراخي والإهمال لفت نظري في مثال آخر تمثل في قصة (شيخ الأمين) حيث استعانت كثير من الصحف بتصريحات البروف “إبراهيم غندور” نفسه حول أسباب قصة الرجل في الإمارات، فهي وإن أشارت إلى تصريحات الوزير حول (الأسباب الشخصية)، لكنها تجاهلت حفظ حقوق المصدر الذي تم النقل عنه، وكان صحيفة (المجهر). واعتقد أن كل هذا بأمثلته المختلفة يشير إلى اختلالات مهنية مهم الانتباه لها سادتي وأساتذتي.