من وحي الأخبار

أحداث غرب دارفور

بدت الأحداث التي شهدتها ولاية غرب دارفور وحاضرتها “الجنينة” وكأنها تناقض حالة التعافي التي انتظمت الإقليم الكبير بكافة ولاياته، إذ تراجعت الصورة الشائهة القديمة المرتبطة بالتفلتات وأعمال العنف، وخفت حدة التوتر بل تلاشت لحد كبير. وبدت روح السلام هي الغالبة والمرجحة لكفة واقع الناس في كل الولايات؛ تطبعت الحياة وصار مشهد التنمية وتطوير الخدمات هو الأعلى؛ وشهدت الولايات بتلكم الأنحاء تفاعلات إيجابية ووصل ظل السلطة إلى أصقاع ارتبطت في بلوغرافيا الأحداث بالتمرد الذي اختفى أو زال عنها فكانت كلمة السلام ويده هي العليا.

لم يعد من شكل سالب؛ عدا عن أحداث أغلبها تفلتات فردية وانفعالات عابر، وإن كانت فظة على نحو ما حدث في “نيالا” بأحد ساحات المحاكم، أو تصارع مراكز القوى السياسية بشمال دارفور، ولكن كان مهماً التوقف عند أحداث غرب دارفور سواء التي وقعت بالأمس أو التي قبلها، حينما وقعت إشكالات بسبب قرارات تتعلق بحماية الغابات، وهي التي تراجعت عنها السلطات بعد تدخل الوالي “خليل عبد الله”؛ بعدها استقرت الأوضاع حتى تفجرت مساء (الأحد) بعد مشكلة لم تخرج كثيراً عن الإطار الدائم لنزاعات دارفور قتيل أو شجار، ثم تدافع ومقتلة يتسع أمرها فتتحول لأزمة سياسية وتعارك مجتمعي، ينتقل إلى ساحات الأسافير بمنطق (دواس كان عجبك اندس) أي إن راقك نزاع فادخل !

تبدو صورة الأحداث التي أسقطت ضحايا متداخلة الأطراف؛ فمحلياً يلقي كل طرف باللائمة على الآخر والحكومة الولائية وجدت نفسها هناك تتوسط عراكاً من المؤكد أنها ليست سعيدة به أو ساعية فيه، لأنه يحرجها مركزياً ويهز صورتها ويضعها تحت أعين القصر والمركز العام، وحتماً سيطالها توبيخ ثقيل إن لم يجر عليها عقابيل أخرى.
من الواضح أن هناك خللاً على الأرض وأن السلطة هناك لم تحسن تفويض القيادات المحلية، وأوضح من هذا أن جهات ما وجدت في الولاية ثغرات نفذت منها لهز مباهاة الخرطوم بالواقع الجديد الايجابي، وأما المؤكد أن في سياق ترتيبات إعادة الحياة لدارفور ثمة بعد يحتاج لاهتمام وتركيز، وهو ضرورة تطوير برامج تطبيع الحياة المدنية وجعل الأولوية لسيادة القانون والشرع وليس أعمال أخذ الحقوق باليد كائن من كان المذنب جماعة أو قبيلة، لأنه إن لم يحدث هذا فسيعود الجميع لأعمال الحرق والقتل وإشاعة الفوضى فيتداخل غضب المظلوم ومؤامرة المستفيد المتربص.

ما حدث بالجنينة يجب أن يدرس بعمق وبتروي، لأنه مؤشر لشيء أكبر من غضبة طارئة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية