هل مائة جنيه تكفي إمام مسجد في الشهر؟!
دخل عليَّ أحد أئمة المساجد وهو يشكو من قلة المرتب الشهري الممنوح له ولأئمة المساجد بولاية الخرطوم، ولا أدري ما هو حال أئمة المساجد بولايات السودان المختلفة.. ولم أصدق أن وزارة الشؤون الدينية أو المجلس الأعلى للشؤون الدينية أو الجهة المناط بها مسؤولية الأئمة والمؤذنين بولاية الخرطوم تمنح مرتباً شهرياً لأولئك الأئمة يقدر بمائة جنيه فقط. أما مرتب المؤذن فيقدر بثلاثين جنيهاً فقط، هل يعقل أن من يقف أمامنا في “صلاة الجمعة” يعظ الناس ويبث فيهم إما الخوف من عذاب الله أو العمل من أجل دخول الجنة، يكون مرتبه فقط مائة جنيه؟؟ هذا الإمام يقف خطيباً مهندماً سمح الثياب حسن المظهر هل المائة جنيه تكفيه لغسل ملابسه التي يقف بها أمام الناس في “صلاة الجمعة” ناهيك عن بقية الصلوات؟! أما المؤذن فحاله يرثى له هل ثلاثون جنيهاً تكفيه وجبة واحدة ناهيك عن كل الشهر؟ وهل أداؤه بالآذان خمس مرات في اليوم تكفي مقابله الثلاثين جنيهاً؟ هذا المبلغ لا يقبل به “غسال العربات” عند غسله عربة واحدة.
إن حال الأئمة والمؤذنين وحتى الدعاة يغني عن السؤال، فكيف بوزارة تقام من أجل العمل الإسلامي والدعوي ولا توفر مقابلاً يحفظ كرامة أولئك الأئمة.. لماذا الكنيسة أفضل حالاً من مساجدنا؟ الكنيسة تدعم المسيحيين والراهب، بل كل من يحتاج إلى الدعم والمساعدة، وتجدها حاضرة تدعم بالمال الوفير، لذلك لا نجد المسيحيين متسولين بالشوارع ولم نرهم يمدون أيديهم طالبين العون والمساعدة.. المسلمون خير أمة، لكن عندما تراهم تتعجب لوضعهم، فإذا كان الدعاة وأهل الوعظ والإرشاد وهؤلاء الأئمة لم يقوموا بواجبهم الديني في تعريف الناس بدينهم فكيف يكون حال الأمة الإسلامية؟ كيف يتوب العاصي؟ وكيف يقلع شارب الخمر ولاعب الميسر عن ممارساته؟!
إن دور الأئمة والدعاة وأهل الوعظ دور مهم، ولابد أن تلتفت الدولة إليهم وتعينهم وتقدم لهم المال الكافي الذي يحفظ كرامتهم في المجتمع، بدلاً عن تلك الفتافيت التي تمنح لهم كل شهر، وكل ثلاثة أشهر، وإذا ظلت الوزارة أو الجهات المسؤولة عن الدعوة على حالها فلا أظن أن مساجدنا ستجد إماماً يقف يوم (الجمعة) لأداء الصلاة، فعمل الأئمة لم يعد تطوعاً كما في السابق، الآن المساجد لها إمام راتب يؤدي كل الصلوات بما فيها “صلاة الجمعة”، وإذا لم يوفر مقر ثابت له بالمسجد فلن تكفيه المائة جنيه مواصلات، إذا افترضنا أنه سينتظر بالمسجد منذ صلاة الظهر حتى صلاة العشاء بدون وجبة طوال تلك الفترة.. لذا نناشد الجهات المسؤولة أن تلتفت إلى الأئمة والمؤذنين الذين يقومون بعمل كبير تجاه هذه الأمة قبل أن تصبح المساجد بلا أئمة ولا مؤذنين.