الرأي والموقف
لن أخفي تعجبي وارتباكي من مواقف آلية الحوار الوطني، الآلية التنسيقية الموسومة بسبعة (بلص) سبعة، إذ أرى أنها كثيراً ما تخلط بين الرأي والموقف، ومطلوبات الخطاب السياسي لأحزابها وللصحف وللرأي العام واستحقاقات المرجو منها لإكمال مشروعها الوطني الكبير والمهم، ففي أكثر من مرة يبدو لي وكأن الرؤية غير واضحة أو أن هناك جزراً معزولة بين مواقف الأطراف فيها وبين دروب ومسالك سيرها نحو الحوار الوطني كوسيلة لفعل حميد ترجو له الآلية إجماعاً، وألاحظ كثرة في الناطقين باسم هذه الآلية وتعدد الألسن، وربما مرد الأمر أن لكل حزب فيها رأي وقول يقول به وهذا يربك المشهد العام، لذا من الأفضل أن يكون قولها نهائياً وملزماً خاصة في بعض الموضوعات.
بالأمس طالعت على عجل تصريحاً لأحدهم يعلن فيه أن الآلية لن تذهب للقاء التحضيري، وهذا موقف قد يفهم في سياق إيضاح مطلوبات أو تقديم تفسيرات، كما أنه يصلح إن كان جديداً وبين يدي تطور إضافي لان التحضيري أو التشاوري هذا أعلن أكثر من مرة وفي كل مرة لم يذهب أحد، بل إنه لم ينعقد وكان في السابقات يتم عبر تصريحات ضبابية لكن هذه المرة حرص الوسيط “أمبيكي” على الإعلان أن التحضيري والذي تسميه الوساطة والحكومة وحلفائها تحضيري إعدادي، بينما تصر الجهات الأخرى على تمييزه باسم المؤتمر! والمهم أن الوساطة اختتمت بحديثها في لحظة تعليق الجولة الماضية (العاشرة) بالقول إن الشهر المقبل سيشهد انعقاد التحضيري في ذات بلد ومقر انعقاد الجولات التفاوضية بين الحكومة والمتمردين.
إزاء هذا، ليس مطلوباً من الآلية التنسيقية أن ترفض، يمكن لها أن تتشدد في إيضاح هوية المشاركين وطرائق الدعوة بما يليق بها، وبما يضبط الأجندة ويعصمها من التحول إلى (روكة) مثل حال المفاوضات المنتهية! وأعتقد أن هذا منحى لا خلاف عليه لجهة أن اللقاء يفترض به أن يرتب سبل مشاركة المتمردين وحزب الأمة، وليس مطلوباً منه أن يسمح بدخول أي طرف آخر لا سيما أحزاب الخرطوم المقيمة والمستقرة هنا، ونعني جماعة الإجماع الوطني أو أياً كان اسمهم.
المقاطعة والرفض لن ينجزا شيئاً، بل على العكس فإنهما سيضعان نقطة ذهبية وثمينة لصالح الطرف الآخر.. الأسلم والأوفق أن تذهب الآلية، فإن وجدت الأمر غير ما أعلن عنه ورتب له كان سهلاً لها تسجيل موقف بالانسحاب أو الانفضاض وصراحة ثم جهراً أمام الآلية الأفريقية الوسيطة، مثلما فعل الوفد الحكومي لمفاوضات وقف العدائيات بدارفور الذي لم يدخل الجلسة الافتتاحية للمفاوضات التي جمعت الشامي والمغربي، وكان موقفاً قام وتأسس على أسباب منطقية وموضوعية تفهمتها الوساطة.. وهكذا بفعل بسيط سجل الوفد موقفه وتمسك به وما راحت حاجة!